مع تحديد موعد انتخابات مجالس المحافظات في ايلول المقبل ، تقاطعت الاصوات السياسية بين طلبات بتاجيل الانتخابات من قبل المناطق الغربية خصوصا لعدم عودة النازحين بشكل كامل الى مناطقهم واستقرارهم فيها وبالتالي مشاركتهم في الانتخابات وبين مطالبات بدمج انتخابات مجلس المحافظات مع الانتخابات البرلمانية لغرض تقليص النفقات وكسب الوقت الذي قد يتخلله تحرير الموصل وامكانية مشاركة محافظات كركوك والموصل وبين اصرار على اجرائها في الوقت المحدد لاستغلال تصدر بعض الكتل والحركات السياسية المشهد السياسي …
ومن يبذل بعض الجهد لاجراء استفتاء بين المواطنين لمعرفة رأيهم في مايجري سيكتشف ان الانتخابات تشغل بال السياسيين فقط وان تاجيلها او دمجها او اجرائها لايحرك ساكنا لدى المواطن العراقي فهو لايرى ملامحا للتغيير في المرحلة المقبلة مادامت الوجوه ذاتها تشحذ الهمم لخوض الانتخابات متجاهلة كل ماسجله المواطن ضدها من نقاط تقصير او فساد او تجاهل لمطالبه …ففي الوقت الذي يبدأ فيه السياسيون حملاتهم الانتخابية مبكرا بالدعوة الى الاصلاح والاطاحة بالوزراء والمسؤولين او الدعوة الى تسوية تاريخية او التعكز على انتصارات الحشد الشعبي او الدفاع عن المظلومين والمسلوبة حقوقهم كما تنادي حركة ارادة المستحدثة من قبل النائبة حنان الفتلاوي ، تعيش البصرة على سطح صفيح ساخن وهي تشهد جرائم اختطاف وقتل واعتداءات مايجعل العشائر تنتقد دور القوات الامنية وتهدد بالتصرف عشائريا وعدم الركون للقانون ، وتنتظر الانبار اكتمال عقد سكانها المتناثرين في المحافظات ومخيمات النازحين ، وتفقد ديالى الامان وتشكو محافظات الوسط والجنوب من نقص الخدمات وبطالة الابناء وخيبة الامل بمرشحيهم السابقين ..
ويبحث المواطن البسيط حاليا عن واقع ملموس ..عن امان وحماية ..وعن عمل وضمانات معيشية .. ويحلم بمسكن ومصدر رزق ومستقبل مضمون لاولاده ، وحين تمر السنوات ولايجد أي من احلامه متحققا بل يواصل مراقبة تحسن المستوى المعيشي للمسؤولين لدرجة ان تنفق نائبة ملايين
الدولارات على عدة مكاتب لكتلتها ويشتري بقية المسؤولين عقارات داخل وخارج البلد عدا ارصدتهم المالية التي حصلوا عليها من عمولات ضخمة وصفقات فساد انكشف بعضها وظل الاخر خفيا ، فمن غير المعقول ان يتلهف لاجراء الانتخابات كما يفعل السياسيون ..
ربما شاهد بعضكم على مواقع التواصل الاجتماعي كيف احرق وزير الاسكان المنغولي نفسه امام الجمهور بعد ان وعد ِشعبه بأن يبني لهم 100 الف منزل خلال عام واحد او يحرق نفسه وحين انتهى العام ولم يتمكن من بناء اكثر من 70 الف منزل نفذ وعده …ونحن في العراق لانتخيل يوما ان يعتذر مسؤول حكومي عن تقصيره في خدمتنا او فشله في تنفيذ وعد قطعه وهو يعيش نشوة حملته الانتخابية فهل نحلم يوما بان يعاقب نفسه لأجلنا ؟!…
هذه المرة ، لن نتوقع مفاجآت في الانتخابات اذ سيشحذ السياسيون وقادة الكتل كل مالديهم من همم ليضمنوا ولاء اتباعهم قبل كل شيء وان لم تحظ الانتخابات باقبال جماهيري كبير فهناك بديل جاهز سيتسابق عليه المرشحون وهو شراء الاصوات وسيزدهر ذلك اكثر في المناطق المحررة التي سيعزف اهلها عن المشاركة في الانتخابات اما لظروف نزوحهم او لشعورهم بالخذلان من سلوك نوابهم خلال ازماتهم الكبيرة …فهل تستحق الانتخابات من المواطن نفس الاهتمام الذي يشعر به المسؤولون حاليا ؟…