18 ديسمبر، 2024 10:09 م

شهيد قضى حياته بين الهجرة والجهاد

شهيد قضى حياته بين الهجرة والجهاد

القيادة؛ ليس منصب معين يسعى الافراد للوصول اليه, أو مرتبة ينالونها بالتدرج, أنما ملكة خاصة لدي الشخص, للقيام بعملية إقناع الآخرين, ولعب دور القدوة, والسعي لتحقيق الأهداف المنشودة, وفرض الرأي طوعياً, وليس بالأساليب الاجبارية, ومن هنا تجلت حقيقة القيادة لنخبة معينة من متطوعي فتوى الجهاد المقدس, ومنها الشهيد صباح گطان.
   نشأ وترعرع في محافظة السماوة, لأسرة عربية أصيلة, غذت أبناءها الولاء لأهل البيت “عليهم السلام”, وغرست فيهم الطاعة للمرجعية الدينية, ترجع لعشيرة آل غانم الشمرية, كابد والده شظف العيش, قبل وبعد انتقاله من ناحية الزريجية عام 1964, فنمت في أولاده روح الحماسة والثورية, ومحاربة الظلم ورفض الانظمة الجائرة, فكان للشخصيات الاسلامية والوطنية في السماوة, تأثير واضح في بناء كيانهم الشخصي.
   عام 1974؛ كان مولد الشهيد صباح, الذي كان مميز بين إقرانه, محب للخير ساعياً لقضاء حوائج الاخرين, معروفاً بشهامته ودماثة أخلاقه, شارك مع والده واخوته, لاسيما الشاعر يوسف گطان في الانتفاضة الشعابية عام 1991, هاجر الى معسكر رفحا, ولم يعود حتى تغيير النظام السابق عام 2003, في المهجر تعزز البناء الروحي والعقائدي لدى الشهيد صباح, فكان من الشباب المبرزين بالمعسكر.
   عاد ليكمل مشواره الجهادي, فكان من الملتزمين بمنهج ال الحكيم العقائدي والسياسي, تحمل خلال هذه الحقبة الكثير من المعاناة, بسبب تراجع الوعي المجتمعي, الذي أنعكس على الوضع السياسي بالبلد, الذي تسبب بسقوط الموصل, وتمدد عصابات داعش على المدن الاخرى, لتأتي فتوى الإمام السيستاني, فكان الشهيد صباح من أوائل الملبيين لها, ملتحقاً بسرايا عاشوراء, بقاطع حزام بغداد في الضابطية والشيخ عامر.
   كان الشهيد صباح تواقاً لنيل شرف الشهادة, لذا كان على مستوى عالي من المسؤولية, قيادة تحركات فوج المثنى الاول, فما من عملية عسكرية تحتاج للتنفيذ, في عمق مناطق العدو, الا وكان صباح قائداً لها, ما جعله متقدماً بين إقرانه, وقريب لكل من يرغب بالمشاركة الفعلية, لم يلتحق مع زملائه بالواجب الثاني, فالتحق بهم بعد أيام, وكل شوق للقاء الله تعالى.
  توجهه الى مرقد الإمام موسى الكاظم؛ متوسلاً به لتحقيق رغبته, بدأت نقاط فوج المثنى, المنتشرة على ساتر الصد للتعرض من قناص العدو, فقرر الشهيد صباح التقدم مع مجموعة من المجاهدين, لألقاء القبض عليه أو إبادته, فعاجل المكان المختبئ فيه الارهابي, قبل طلوع الشمس, ولم يكن بالحسبان إن الاعداء زرعوا المنطقة بالعبوات الناسفة, فأنفجرت حداهن, ليستشهد صباح مضرجاً بدمه من ساعته.
   ليلتحق الشهيد القائد صباح گطان بركب الشهداء, في الايام الاولى للفتوى المقدسة, تاركاً جنين في بطن أمه, وقد أوصاها بآن تسميه “علي”, أذا لم يرجع ليحمل أسم اباه “أبا علي”, ليطوي بذلك اليوم صفحات حياته, التي قضاها بين الانتفاضة والمهجر, والجهادين الاكبر والاصغر, ليبقى عنوان يحتذى به؛ بالشجاعة والقيادة والاقدام.