23 ديسمبر، 2024 10:14 م

سجاد البصيري قصة شهادة وخلود

سجاد البصيري قصة شهادة وخلود

عندما نقرأ التاريخ, ونطلع على مواقف الشجاعة والبسالة, التي سطرها الافذاذ عبر الحقب الماضية, لم نكن واثقين منها, ربما نتوقع للأساطير والحكايات الخيالية تأثير بنقل تلك الروايات, لكن عندما تابعنا ما يحدث في ساحات الدفاع المقدس, استشعرنا حقيقة ما أرخه التاريخ لنا, تتجسد على أرض الواقع في الحرب ضد الارهاب.
   من تلك الحقائق؛ بطولات ومواقف تستحق الاشادة والثناء, يمكن أن تكون فلماً سينمائياً, لما فيها من إثارات لا يقدمها أنسان عادي, إذا لم يمتلك قدر كافي من الشجاعة, والاقدام منقطع النظير, جسدها بطل من متطوعي فتوى الجهاد الكفائي, سجاد عزيز البصيري, شاب من مواليد البصرة الدير 1988, ترعرع في اسرة مؤمنة, تغذى بأكنافها حب أهل البيت “عليهم السلام” وعشق الوطن.
   أسرة عرفت بجهادها ضد البعث الصدامي, هاجرت للجمهورية الإسلامية في الإيران, قدمت الكثير من أبنائها شهداء من أجل إسقاط صدام, بعد تغيير النظام السابق, عاد الشهيد سجاد مع أسرته إلى أرض الوطن, ليكن أحد الفاعلين باللجان الشعبية, التي شكلها المجلس الاعلى عام 2006, لدرء الخطر عن المدن والاحياء المستهدفة, تزوج ورزق بثلاث اطفال, وكانت له نشاطات اجتماعية فاعلة في منطقته.
   بعد الفتوى المباركة؛ كان أول الملبيين لنداء المرجعية العليا, شارك بالعديد من المعارك في بلد والضلوعية, حتى استقر فيه المقام الى حين شهادته في جبال حمرين, فقد شاع صيته من خلال مواقفه البطولية المشرفة, يُذكر إن قامت مجموعة إرهابيه في منطقة بلد الرفيعات, بنصب إعلام داعش, كان الشهيد سجاد يتابع ذلك, استأذن من أمر الفوج, بالقيام بذلك الواجب المهم والخطر.
   كانت المسافة بين المجاهدين والارهابيين, قليلة جداً, ويفصل بينهم نهر صغير, عبر الشهيد وأثنان من رفاقه النهر, بحدود الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل, تسللوا لمقراتهم, وأنزلوا الرايات, واستبدلوها بالعلم العراقي, واعلام الحشد, وفي أحد المحاور القتالي, ضيق إرهابيون الحصار على بعض المتطوعين, التابعين لقوات بدر الجناح العسكري, فستنجد أمر لواء المحاصر, فهب الشهيد سجاد ومجموعة معهم, وفعلاً فكوا حصارهم.
   وفي اليوم الذي استشهاده, كان مع زملائه بالخطوط الأمامية في مواجهة العصابات الارهابية, بينما هم كذلك؛ تفاجئوا بتعرض من قبل الارهابيين على مقراتهم من الجهة الخلفية, جاء النداء من تلك المقرات طلباً للإسناد, فرجع الشهيد سجاد لوحده دون إي إسناد, وهو ينادي “لبيك يا زهراء”, فقتل فيهم حتى نفذ كل ما لديه من اعتدة, بينما هو يقوم استبدال مخزن الذخيرة.
   حاصره الارهابيون, وكانوا يرغبون بأسره حياً, ولكنهم لم يستطيعوا ذلك, لانهم يعرفون من هو سجاد البصيري, وهو عرف كيدهم أثناء مواجهته لهم, تفاجئ بخروج أحدهم إليه, لضربه بصدره بالسلاح الابيض, فرد عليه الشهيد سجاد بضربة قاتلة, مكنت عنصر أخر بضرب الشهيد في عينه, وصل تأثيرها إلى رأسه, ليستشهد من لحظتها.