مسألة (2) عملُ العامّي بلا تقليد باطل، لا يجوز له الاجتزاء به، إلاّ أن يعلم بمطابقته للواقع أو لفتوى المجتهد الذي كان حجة عليه حال العمل، مع حصول نيّة القربة منه في ما كان العمل عبادياً.
———————————————————————————-
يُوجد في هذه المسألة حكمان وضعيّان:
الأول: بطلان عمل العامّي بلا تقليد,وهذا ما دلت عليه كلمة “باطل” .
الثاني: صحة عمل العامّي في حال علمه بمطابقته للواقع أومطابقة العمل لفتوى المجتهد الحجة حال العمل، وهذا ما دلت عليه أداة الاستثناء (إلاّ) التي نفت حكم البطلان في هذه الحالة، ونفي البطلان هو الصحّة، لأن البطلان والصحّة متقابلان بمعنى استحالة اجتماعهما،
ومن هنا كان للمسألة حكمان، حكم بالبطلان ، وآخر بالصحّة في حالة خاصة؛ وهي حالة علم العامّي بمطابقة عمله (عبادته أو معاملته) للواقع أو الفتوى الحجة. والبطلان والصحّة يرتفعان، فالأفعال والتروك لا وتوصف بالصحّة والبطلان، وهذا أيضاً ينفعنا كقرينة رابعة لإثبات المُراد من عمل العامّي في هذه المسألة.
ومن هنا يتضح في هذه المسألة إن مَن يخالف حكم وجوب التقليد، فإنَّ عباداته ومعاملاته تكون باطلة ، إضافة إلى تورطه في المعاصي من حيث ترك الواجبات وفعل المحرمات؛ لأنَّ الأفعال والتروك لابد أن تستند إلى التقليد كما هو واضح في مسألة(1).
إن التقليد بالنسبة للعامّي هو الطريق الأهم لمعرفة الأحكام بعد أن سقط عن العامّي وجوب التصدي للاجتهادعند تصدي البعض له ووصولهم إلى درجة الاجتهاد، لأن الاجتهاد واجب كفائي.
فالعبادة أو المعاملة التي يقوم بها العاّمي من دون تقليد فهي باطلة ونسبة إحتمال أن تكون صحيحة نسبة ضئيلة جداً، وهي ما يسمى بالصدفة النسبية،
فإن بطلان العمل بدون تقليد يكون بدرجة القطع أو الاطمئنان، وهما حجة عقلاً وشرعاً؛ بمعنى أن بطلان العمل محرزاً إذا كان بدون تقليد، ودرجة الإحراز تصل إلى القطع أو الاطمئنان. وحتى إذا كان دون ذلك فهي:
أولاً: لا تكفي في تصحيح العمل ما لم تصل إلى درجة العلم ـ كما أشارت بذلك المسألة ـ.
ثانياً: إن البطلان يكون موافقاً للاحتياط في حال عدم الإحراز، إلاّ أنَّ البطلان محرزاً بعد أن علِمنا أن ضئالة احتمال مطابقة العمل بدرجة تقترب من الصفر كواحد بالمائة أو واحد بالألف، فضلاً عن الاحتمال والشك والظن غير المُعتبَر ، فهذه كلها لا تحرز صحّة عمل العامّي وسيأتي الحديث عنها إن شاء الله.
وللحديث بقية إذا بقيت الحياة..