مبعث التردد عند الكتابة في اي موضوع من المواضيع انما هو كون الفكرة واضحة كي يتم التعبير عنها، وشرحها، او غير واضحة كي يتم الاحجام عن الكتابة فيها.
واذا كان ثمة ما يبدو من هذا التردد، فانها تلك النظرة الفاحصة الى ما يمكن تسميته بالانعطافة الفكرية السياسية العراقية وتشكل هذه النظرة الفاحصة ذاتها دافعية كافية نحو القول: ان كلاً من العقل السياسي والخطاب السياسي العراقيين يعيشان ازمة حادة، وان كلاً منهما، اي العقل والخطاب السياسيين يجدان جاهدين بهدف الخروج منها.
هذه الازمة التي يتم الحديث عنها، افرزتها المعطيات المباشرة وغير المباشرة للوضع العراقي السياسي القائم الآن، وهو الوضع المستند اساساً على انكشاف حقيقة العلاقة بين الفكر والواقع او لنقل بين النظرية والتطبيق.
لقد كان لزاماً على العقل والفكر السياسي العراقي اذا ما اراد عدم الدخول في ازمات ان يعقلن واقعه بحيث يبدو معقولاً وفق ما يقتضيه اطاره السياسي ومخططاته. غير ان عدم قدرة هذا العقل على عقلنة واقعه او عدم تقبل الواقع لعقلنة هذا الفكر، اوجد لدينا ما نسميه اليوم بأزمة العقل العراقي السياسي.
وبناء على ما تقدم قوله، فان هنالك ثمة مساحة في الواقع لم يعقلنها الفكر. وبهدف وضع الامور في نصابها، وكي تتضح معالم الصورة على نحو افضل، يمكن القول ان الازمة موضع البحث ناتجة جراء التباين بين ما هيأه او شكله العقل السياسي العراقي ضمن منظور نظري، من آمال وتطلعات سعى لتحقيقها، كالوحدة الوطنية والتنمية، والسيطرة على الموارد، وبناء الذات، وبسط السيادة الوطنية.. وبين ما يستطيع هذا العقل انجازه فعلياً من آماله وتطلعاته ضمن منظور عملي.
والتباين هذا كان له من الاهمية الفائقة ان يدفع الى التساؤل حوله ولو في حينه على الاقل، وبقدر ما كان حظ الاجابة عليه من الايجابية او السلبية بقدر ما كان ينبغي العمل او عدمه، بمعنى انه اذا لم تكن لدى العقل العراقي القدرة الكافية على تسيير دفة واقعه، فقد كان جديراً بهذا العقل ان يقلل من شعاراته او ان يخفف من المناسبة لتقبل وتنفيذ مؤشرات الفكر، فقد كان جديراً به هو الآخر ان يعتزل مهمته ويعلن عجزه. وعن ذلك وسواء في الحالة الاولى او الثانية، يصبح العمل او اعادة النظر امراً مستحقاً للاهتمام.
وعلى أية حال، ولمزيد من الوضوح، فأن في التتبع السابق ما يشير الى ان الازمة ليست وليدة وقتها الحالي، ذلك انها تعود في نشأتها الى عقود زمنية ثلاثة او اربعة على اقل تقدير، واذا ما تم النظر الى زمانية هذه الازمة منذ نشوؤها وحتى وقتنا الحاضر، فان ما يحدث الآن على الساحة السياسية العراقية، اقصد – المهادنات للامريكان والايرانيين، الخنوع، الاستذلال.. – لا ينبغي ان يكون مفاجئاً في كل الاحوال.
وبما ان كل توجه أياً كان نوعه، لا بد وان يكون مبرراً بجملة من الدوافع والاسباب تكسبه المشروعية والقبول، فان الخنوع والاستذلال للامريكي/ الايراني.. تستمد مشروعينها الكاملة من الوضع القائم الآن.
ويبقى السؤال الذي ينبغي طرحه: هل كنا نعيش حالة من الانفصال التام بين ما كنا نفكر فيه وما كنا نستطيع انجازه بالفعل؟ واذا كانت الاجابة بنعم، فهل كان فكرنا قاصراً الى هذا الحد في تقديره لنتائج الامور؟
وعلى الرغم من ان الاجابة على هذين التساؤلين تبدو الآن في غير اوانها، الا انها مهمة بهدف عدم الوقوع في التباين بين ما هو ممكن بالفكر وما هو ممكن بالفعل.
وفي حقيقة الامر لا يمكن بدقة تحديد اجابة واضحة، غير ان قدرتنا على تقدير او تمديد نتائج الامور كان ينقصها الشيء الكثير، خصوصاً اذا ما اخذنا بالحسبان التطورات المتلاحقة والسريعة التي اجتاحت العالم في هذا العقد من الزمن.
ربما يجدر القول بأن العقل السياسي لا يصنع بمفرده، اذ لا بد لهذا العقل من ان يجد اسناداً ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً عاقلاً حتى يستطيع التحرك والمناورة. وعلى العقل السياسي العراقي ان يعي حجم الاندفاعة المساندة حق الوعي، فلا يحلق بعيداً عنها.
-61-
لا دم يعادل دماً ما بين لحظة الابداع ولحظة الرؤيا. ولا في مذاق الكلمات، دما يعادل دما انما الوانا من عذاب المنفيين والمشردين .. ووسط هذا.. وفي وطن العميان، في حالات الوعي الهش، هل يمكن ان يكون للكتابة معنى؟
هنا، في هذا الفعل يصبح المعنى اختياراً للموقع والموقف.
لا دم يعادل دماً، حين يتحتم على الكاتب ان يؤمن بجدوى الكتابة او لا يؤمن ان يدافع عن قضية هي مصيره او ان يعيش بعيداً عنها.
هنا، في هذا الحد الفاصل، يبرز التمايز الثقافي الذي يميز نصاً عن آخر ويعطيه قيمته الانسانية والفكرية وبالتالي يبعدنا عن مقولة المسرحي يوجين يونيسكو (سيأتي يوم لن يكون فيه للكتابة معنى). هو الذي استمر في تجربته ككاتب حتى نهايتها حين كتب روايته (المتوحد) التي لم تضف شيئاً الى عالمه المسرحي تلك الشخوص التي تضع الانسان امام مصيره بصفته كائناً فريداً متميزاً في حريته.
في (المتوحد) يتوحد الانسان بلا ضجة، بلا مرايا، وبلا اضواء.. وبذلك يكشف توحدنا في زمن الانقسام.
لا دم يعادل دماً ،لا موت يعادل الشهادة،انما ظلالاً لافحة للحق تشهد على كل البلاد البائسة، لتعلن تضحيات شعب بوسع السهول، وحقول الورود.. لا دم يعادل دمنا.
-62-
شخصياً، لا توانا عن العودة للاسباب التي ابعدتني عن قراءة التراث، فتجاربنا المريرة البكر في الاتصال بالتراث العربي، هي احد اهم اسباب بعدي عن هذا التراث، مما جعل مكتبتي الشخصية تضم نتاجات التراث العالمي.. الا ان رفوفها تفتقر لكنوز تراثنا العربي.
وذلك يعود بنظري للمضامين الجامدة والبليدة التي استمدت من التراث.. وطرحت علينا في مدارسنا ضمن المناهج التعليمية. فقطعة من هنا واخرى من هناك خالية من اي ترابط او روح، مما جعلناعندما كنا طلاب، ننفر منها، كونها مفروضة بشكل جاف ومحنط. وان اختيار تلك القطع من كتب التراث يأتي ضمن اطار فكري معين لترسيخ قيم اجتماعية فكرية معينة، يهدف اليها القائمون على التعليم والمخططون للسياسات العليا في البلد.
والاتصال بالتراث لاحياء كنوزه الخالدة في ارثنا الثقافي العربي، تؤكد ثقة مجتمعنا بحقيقة ذاته، ويزيده اعتزازاً وارتباطاً بينه وبين تاريخه الذي يحوي هذا التراث العظيم هو من خصائص ثقافتنا العربية ايام ادت دورها الحضاري العظيم.
وبالضرورة، فهناك اهمية كبرى في ربط ثقافة الحاضر بثقافة الماضي، فالبعد عن التراث انما هو تجريد للادب العربي الحديث من عناصره الفنية وعناصر القوة والنضال والتجديد.
ان الاستلاب الثقافي امتداد لاستغلال اقتصادي يشمل كل جوانب حياتنا، ويهدف الى عزلنا عن جذورنا، ويبعدنا عن نزوعنا القومي، وبالتالي يعيق تقدمنا لتحقيق اهدافنا التحررية الكبرى، وهو هدف ينبغي من وراءه التشكيك في قيمة الحضارة العربية وتشويه قدرة امتنا العربية على امتلاك امرها. فهدف الغزو الثقافي امتداد للسيطرة الاجنبية على مقدراتنا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفكرية.
-63-
ليس اخطر ما على الانسان في حياته من معرفته لشيء من الاشياء قد تكون معرفة سطحية خالية من التعمق والتردي، اذ كل شيء في هذا الوجود يحتاج الى خبرة ودراسة، فمعاملة الناس وكسب احترامهم تحتاج ايضاً الى دراسة وافية للوصول الى حقيقة النفس الانسانية وميولها، هذا اذا كنا نستطيع الحصول على تقدير الناس وثقتهم.. اما اذا لم نستطع اكتساب هذا التقدير وهذه الثقة، فان مصير هذه العلاقات يتسم بالبؤس، فهناك اناس دائماً يتحدثون عن الكرامة والمحافظة عليها ان وجدت لديهم من دون ان يفرقوا بين المحافظة على كرامتهم او كرامة اخوانهم من البشر، كأنما الكرامة وقف عليهم وحرام على غيرهم من الناس.
هؤلاء الناس يتشدقون دائماً بألفاظ الكرامة وينفخون صدورهم بدعوى المحافظة عليها ولا يقبلون ان يمسهم احد من قريب او من بعيد، بينما هم يتعمدون اهدار كرامة غيرهم والحط من سواهم.. وهكذا تأخذهم الغطرسة والكبرياء الى مواطن الاهانة، وتراهم يظنون في احتقار غيرهم من الناس، زيادة في احترامهم والرفع من شأنهم، واعلاء قدرهم، وهم في نفس الوقت لا يعلمون انهم يفرضون احترام انفسهم على الناس فرضاً ولا يدرون انهم يغرسون في قلوب الناس احتقارهم وازدراءهم لهم.
فيا، من تتشدقون بالكرامة وتتغنون بها، تأكدوا تماماً انكم لن تحفظوا كرامتكم ما لم تفهموا معنى او قيمة الكرامة، وما لم تحافظوا على كرامة الناس واحترام شعورهم.
-64-
راج في الفترة الاخيرة ادب المذكرات في الصحافة، وكثيرون هم الصحافيون الذين آثروا التذكر على التحليل واسترجاع الماضي بدلاً من معالجة الحاضر. وادب المذكرات لا يخلو من الطرافة والفائدة، لا سيما اذا كان الكاتب ذا اسلوب شائق ولديه من الاخبار والمعلومات المثيرة.
ولكن انصراف بعض الصحافيين الى كتابة المذكرات واقبال الصحف والقراء عليها له دلالة اخرى، وهي هرب الكتّاب والصحافة ايضاً، من الحاضر والواقع المر الذي يعانيه.
الصحافة في الواقع تشكو من ضيق الآفاق وضآلة المواضيع التي تستطيع الخوض فيها بعد ان فقدت بعض صحفنا العراقية دورها الرائد وحل ما حل بها..
صحيح ان الصحافة العراقية المهاجرة وتلك التي تصدر طبعات دولية، كفت ووفت، كما يقول المثل العراقي. وان معظم اصحاب الاقلام المرموقة بوجه عام تجد اليوم صفحات عديدة في صحف ومجلات عربية مهاجرة تعبر فيها عن خواطرها، بل وان هذه الاقلام وجدت في العيش خارج حدود وطنها المعذب في حريته ومصيره، الكثير من العزاء والتقدير المادي والمعنوي. ولكن اشياء كثيرة تغيرت ايضاً في عالم
الصحافة والكتابة والفكر بعد ان فقدت الصحافة العراقية العريقة دورها الرائد وفقدت بلادها امنها وحريتها.. فالعلاقة بين الكاتب والصحفي وقرائه اصبحت علاقة تجريدية اذا جاز التعبير، فالكاتب لا يعرف بالضبط لمن يكتب او لماذا يكتب، انه يعرف ان التأثير الذي كان له حتى الامس القريب على الرأي العام او المسؤولين، اصبح ضئيلاً جداً. كما يعرف ان دوره يقتصر على التحليل اكثر منه على التنوير او الارشاد او التأثير على مجرى الامور.
هل هو الشعور بالعجز امام الاحداث المفروضة علينا فرضاً؟ ام هو الخوف من عاقبة التفكير الحر والرأي الصريح؟
والرضوخ اللاواعي للارهاب الفكري الذي يمارس على طول وعرض وطننا العراق بصرف النظر عن الشكل الذي يرتديه او الايدي الذي تمارسه.
في العقود الاخيرة حاول المفكرون والكتّاب والصحافيون العراقيون صنع تاريخهم مستعينين بالايديولوجيات التي استخدمها الغرب لتغيير مجرى تاريخه، فكانت النتيجة تلك النكسات المتتالية.. وهذا المأزق التاريخي الذي وقع فيه المصير العراقي. وكان لا بد من الحنين الى الماضي او البكاء على الاطلال ومحاولة استعادة الذكريات المجيدة السالفة.
ونتساءل بعد هذا: لماذا انتشر ادب المذكرات بين رموز الصحافة العراقية؟
-65-
تاريخ اليهود في العراق مثل تواريخ كثيرة لم يكتب كاملاً بعد وان كانت السنوات الاخيرة تشهد حركة نشر واسعة حول اليهود واليهودية وليست حول اسرائيل والصهيونية.
بعض نتائج حركة النشر هذه او اكثره، غث والبعض الآخر والاقل سمين. ففي عالم او مجال الكتابة حول هذا الموضوع اختلط بحق الحابل بالنابل، والضار بالنافع، ودليل ذلك، ان هذه الكتابات لا تزيدنا في اغلبها معرفة بهؤلاء القوم بل قد تزيد جهلنا بهم.
للأسف، ان هذه الكتابات وهي متعددة لا تواكبها حركة نقدية تحليلية تقيم، وتقُوم اعوجاجها، وتبرز جديدها وتعلن مفيدها بل يواجهها موقف من الصمت والسكوت، وكأن كل شيء هادئ في الميدان، وحتى لو كان بُركة ساكنة، فلم يلقى فيه احد، بحجر كبير، ويطلق طلقة صائبة وصحيحة حتى لوتجيء متأخرة، ستعتبر فتحاً جديداً في دراساتنا لهذا الموضوع، وعملاً رائداً من طراز فريد، لانه المدخل والبداية لمعرفة سلوكيات وسياسات اسرائيل والصهيونية، كما يجب ان نعرفها حق المعرفة بعيداً عن الاساطير والخزعبلات التي سيطرت على بعض الكتابات العربية بصفة عامة الى عام الهزيمة 1967.
منذ ذلك اليوم بدأنا نفيق، وصحونا على ضرورة معرفة العدو الاسرائيلي/ الصهيوني معرفة علمية رصينة ومعرفة موضوعية دقيقة. وادى ذلك الى اهتمام علمي من بعض الدوائر البحثية والجامعية بهذه القضية. وظهر جيل عربي جديد، جيل من الشباب العربي الذي كرس جهده العلمي والعملي لمعرفة اسرائيل.
ومع ذلك، ففي قوانين السوق وفي دنيا النقود قاعدة نقول ــــ ان العملة الرديئة تطرد العملة الجيدةــــ ولم تستطع الكتابات العلمية والموضوعية ان تقطع دابر الكتابات الاساطير والخزعبلات والافكار المشوهة حول اليهود واليهودية وحول اسرائيل والصهيونية، وهي كتابات عديدة لا يستطيع المرء احصائها ولا التصدي لها بالعرض والنقد، وان كان هذا مشروعاً يستحق الاهتمام.
-66-
التعصب ليس ظاهرة او خاصة عراقية بل هو من ظواهر كل المجتمعات وكل العصور، ولكن حين يقترن التعصب بالسياسة ويسخران لخدمة اغراض حزبية او شخصية، فقل على المجتمع او الدولة السلام.
وليت المتعصبون يكتفون بممارسة تعصبهم او يسلمون بما اصيبوا به من ضيق آفاق او قساوة قلب او ليتهم يعرفون او يعترفون بأن التعصب مرادف للجهل، والتطرف نقيض للتوازن والتعادل اللذين يرتكز عليهما الكون والوجود…اذن، لهانت المصيبة بهم ولأنحصر شرهم في انفسهم او في محيطهم الضيق. ولكن المشكلة في هذا العصر هي انه اصبح للمتعصبين والمتطرفين اصابع طويلة واصوات عالية ومنابر مرتفعة، كما اصبح لهم فلسفة يردون اليها تعصبهم ومثل عليا يبررون بها مواقفهم واعمالهم.
في عراقنا اليوم، سياسيون ومفكرون متعصبون يعتبرون الحرية الشخصية والديمقراطية والتفكير العلمي، اخطاراً تهدد شخصية الامة وعقيدتها.. هؤلاء، كلهم، ولسوء الحظ، لا يدركون خطورة النار التي يلعبون بها، ولا فداحة الخطر الذي يدفعون اليه شعوبهم. والعزاء الوحيد هو انهم ليسوا كلهم في الحكم وانهم لا يملكون السلاح النووي.
-67-
التشكيل، لغة من لغات التعبير العالمية لاظهار الاحاسيس والمشاعر، وسيلتها الخطوط والالوان التي بواسطتها يًقرع الفنان شحنات عواطفه الجياشة ونتاج فكره ومحصلته من تراثه.
بدأت هذه اللغة مع البدايات الاولى لأنسان ما قبل التاريخ، فهي من اعرق اللغات التي عرفتها الانسانية ومن اجملها تعبيراً، فهي وسيلة توصيل ووسيلة اثارة فعالة لها أثر السحر في النفس بل هي السحر نفسه. لغة عقلانية عاطفية يتكلم بها القليل ويفهمها كل ذي احساس مرهف وفكر ثاقب، تدركها العقول المبدعة والعواطف الصادقة، هي من الحياة وكالحياة، بديعة جميلة قوية عميقة رحبة. هي لغة طيعة
عنيدة يتحدث بها صاحبها متى اراد، وان اراد ان يفصح بها افصح واجاد، وان اراد ان يجعلها رمزاً اراد، وان اراد ان يفيد بها افاد، وان اراد ان يجعلها لغزاً كاد.
هي لم تكن في يوم من الايام هماً من الهموم، بل مرآة تعكس هموماً واتراحاً، واحياناً تنطق سعادة وافراحاً، تتحرك مع نبضات القلوب وتأملات العقول.
هي والموسيقى صنوان، هذه تنقل صورة الحياة وتلك تنقل صوتها، تنقل صورة الارض الهامدة عندما ينزل عليها الماء، صورة انسان في بحر متلاطم امامه قارب النجاة ولا يستطيع ادراكه، صورة الشمس في قطب شتاء متجمد، صورة الظل في صحراء جرداء وقت الهجير، صورة الطفولة وبراءتها والرجولة وقوتها والشيخوخة ووقارها، صورة الفقير في المجتمع الغني، وصورة الغني في مجتمع الفقراء.
والفن الاصيل، صورة المجتمع بأفراحه واتراحه، يلون بالوان من سويداء القلب بالوان الحشا، احمر وازرق واصفر.
الفنان ابن بيئته، وان تعددت مناهجه ومدارس فنه. ما يأخذه من عناصر الحداثة وسيلة من الوسائل. الفنان الصادق ليس غريباً وان بدت غربته واصالة فنه في غربته القريبة ولن يكون مغترباً عندما يكون من فنه متمكناً وبموروثه ملتصاقاً وبمجتمعه متكيفاً ولنفسه عارفاً.
ان فكر الفنان هو فكر مجتمعه وان سلك طرقاً حديثة للتعبير عنه. وهذا في حقيقة الامر نمط فكري رائع يعطي القدرة الفائقة على البناء الفكري الحديث، مع الاخذ بتوظيف التراث روحاً ليس شكلاً وانما مفهوماً. فالتراث فكرنا ومحتوى نتاجنا ولا يمكن التجرد عنه. والفنان التشكيلي، فرد من مجتمعه عطاؤه من المجتمع واليه سلباً وايجاباً، وان اخذ بمدارس الفن واساليبه الحديثة، فالابداع –كما يرى النقاد- نمط جماعي وليس فردي، والابداع لا يتأتى باتباع نمطية معينة، كما يأخذ الفنان عن تراثنا الاسلامي الرائع واثرائه للفكر العالمي. فقد اخذ العرب منه الكثير ولا يمكن ان نقول عن فنهم انه فن اسلامي، فالفن لغة عالمية تميزها محليتها وهوية أهلها.
فالتراث ومفاصل البيئة المحيطة بالفنان، عنصر اساسي في فن التشكيل، والعمل على ادراك معنى التراث ذوقاً واحساساً وفهماً، الدافع لكي لا يكون الفنان مغترباً عن تراثه. فدوره الاساسي فهم نفسه اولاً وفهمه لا يتأتى الا بفهم مجتمعه، ففاقد الشيء لا يعطيه، وهذه مسؤولية الفنان نفسه.
-68-
* متناثرات …
1- الشعب العربي، مخنوق ومنوم، الانظمة تعودت على الاهانة، الامم المتحدة بانتظار شكوى،امريكا بانتظار حق النقض،اسرائيل تستعد لضربة اخرى،والكل ينفذ دوره باتقان..وعود على بدء . / وليد
2- لا تعتبي، فقد رفع العتب
لا تعجبي، فحالنا يزيل العجب
ولا تحزني، اذا عرفت السبب
كل ما هنالك، اصابات بالجرب
تسري فينا وتزيد العطب
فلماذا يا سيدتي.. اذاً الغضب؟!
طالما تساوى الرأس بالذنب / وليد
3- اذ بلغ الفطام لنا صبيٌ تخر له الجبابر ساجدين / عمرو بن كلثوم
بينما دكتور ريكان ابراهيم يقول :
اذا بلغ الفطام لنا صبيٌ يضاف الى حضيرتنا.. غبيٌ
4- ايمان العقل غير ايمان القلب /؟
5- حسبنا حساب الحية، والعقرب مجتي عالبال /مثل شعبي
6- اني الى الانذال لست براغب ولا يهوى لصحبتهم قلبي
ولكنني اصطاد رزقي بأرضهم فلابد للصياد من صحبة الكلب / الامام علي
7- رضا الناس غاية لا تدرك، ورضا الله غاية لا تترك، فاترك ما لا يدرك وادرك ما لا يترك./ الامام علي
8- فوددت تقبيل السيوف لانها لمعت كبارق كغرك المبتسم /
9- أليس معظم النار من مستصغر الشرر./ امين هويدي
10- ان سكوت الكبار ازاء عبث الصغار، يحمل بما لا نرضاه ولا نتمناه/ امين هويدي
11- بئس السعي سعيك، وبئس الممشى ممشاك /
12- كارل ماركس ابو الشيوعية، يصف الاخلاق، بأنها قيد لا معنى له. اما النبي محمد رسول الله، فأنه يقول: بعثت لأتمم مكارم الاخلاق .
13- علاج الجاهل التجاهل
14- أعلم الناس، من جمع علوم الناس الى علمه / الامام علي
[email protected]