فك الشفرة عن الصندوق الأسود لرفسنجاني
مساء الأحد 8 يناير زال رفسنجاني الرجل رقم2 في نظام ولاية الفقيه المتخلف الحاكم في ايران من شاشة الرادار للسلطة وبعد ساعات مات اثر تعرضه لجلطة قلبية. وفي يوم الثلاثاء 10 يناير أهالوا التراب عليه بجوار قبر مؤسس نظام الجهل والجريمة أي خميني السفاح. جسميا تم حذف رفسنجاني عن شاشة رادار أصحاب الولاية ولكن صندوقه الأسود يبقى محفورا في ذاكرة التاريخ والشعب الايراني ويمكن فك شفرته.بعد موت رفسنجاني انبرى أفراد وتوجهات من أطياف مختلفة الى تبييض رفسنجاني الذي كان ضالعا منذ أول يوم وضع خميني المتخلف أقدامه على تراب ايران والى ساعة موته في كل جرائم وخيانات هذا النظام في محاولة منهم للايحاء بأنه كان رجلا مرنا ونزيها وشعبيا واذا كان في حاشيته أو تحت أمره أفراد (من أمثال فلاحيان الجلاد وزير المخابرات في عهد رئاسة رفسنجاني) قد ارتكبوا جرائم فهذا لا علاقة له برفسنجاني. في جرائم مثل مسلسل الاغتيالات التي تمت تحت قيادة وبرمجة وزير المخابرات في حكومة رفسنجاني أي الملا علي فلاحيان بالاضافة الى تفجير مبنى آميا بالارجنتين حيث أصبح بموجبه كل من رفسنجاني وعلي فلاحيان و6 آخرين من مسؤولي النظام مطلوبين من قبل الشرطة الدولية. مجزرة 30 ألف سجين سياسي حيث نفذت بفتوى صادرة عن خميني وكان رفسنجاني يرى ذلك أمرا ضروريا لحفظ كيان نظام ولاية الفقيه وهو أكد في معرض رده على الاعتراض على هذه المجزرة «لم يكن لدينا رغيف اضافي لكي نعطي لهؤلاء السجناء يأكلونه». وهناك جرائم أخرى ارتكبت في عهد رفسنجاني تتطلب تناولها في مقال منفصل. التاريخ والشعب الايراني المظلوم المضطهد يتذكرون أن خميني الدجال مات في 3 يونيو 1989 بعد عمر من العيش عن طريق الابتزاز و10 سنوات من الشقاء وسفك الدماء في غصب الحكم والجلوس على كرسي السلطة المطلقة لولاية الفقيه بينما لم يحسم أمرا مهما وحاسما لخليفته. وبعد موت خميني ثارت ولولة داخل النظام وكاد أن يسقط النظام القائم على مبدأ ولاية الفقيه الذي لم يكن مرحبا به من قبل الشعب. وفي استفتاء أجري عام 1979 خميني الديكتاتور المطلق لم يفسح المجال للمواطنين لانتخاب حر لكي يختاروا حكمهم المتوخاه بل أملى عليهم أن يختاروا «الجمهورية الاسلامية» لا كلمة أقل ولا أكثر. وبعد خميني اجتمع الملالي الرجعيون في مجلس خبراء الملالي المتخلفين لينتخبوا الولي الفقيه ليكون خليفة لخميني. انهم لم يكونوا قادرين بينهم على التوافق على الوصول الى شخص يتوافر لديه الشروط اللازمة حسب الدستور المطبوخ من قبل النظام . ولهذا أخرج الملا الماكر أي هاشمي رفسنجاني من جعبة «ذكريات الإمام» احدى ذكرياته المكتومة و غير المسموعة وقال أمام جمع الخبراء انه سمع شخصيا من «الإمام» انه بعد موته كان يرى بين الملالي الموالين لمبدأ الولاية سيد علي خامنئي جديرا لخلافته. وبهذه الخدعة الخاصة للملالي تمكن رفسنجاني من اسكات الملالي في مجلس الخبراء والرضوخ لانتخاب خميني المقبور وبالنتيجة تم فرض خامنئي على «مجلس خبراء القيادة» واقحام الأمر عليهم بصفة الولي الفقيه. ولكن من لا يعرف أن خامنئي وفي هرم رتب الملالي والمعرفة السياسية لم تتوافر فيه اطلاقا شروط الجلوس على هذا المقعد. وهكذا تمكن رفسنجاني وبفطنته الخبيثة لحفظ النظام الذي هو نفسه كان جزء لا يتجزأ منه من تلوين «الضفدعة» في مدبغ خبراء الرجعية وأقحمه وفرضه على الشعب الايراني كـ «فولكس واغن» صنيعة الولاية. وجاء ذلك في وقت مضت 8 سنوات من 10 سنوات من حكم الملالي في حرب مع العراق حيث ترك ألف مليار دولار خسارة و مليونين قتيل ومعاق وجريح في الطرف الايراني فقط حسب ما أعلنه رفسنجاني أكثر من مرة و من على منابر مختلفة. البلد وبهذا الكم من الخسائر المادية والبشرية والعقوبات الناجمة عن الحرب لم يكن قادرا على الوقوف على أقدامه ولكن الرجل الذي ساق بالأوضاع المتأزمة للغاية نحو حكم ولاية الفقيه كان شخص رفسنجاني ولا أحد آخر. طبعا لا ننسى سياسة المساومة والدعم الخارجي الذي ساعدته بشكل كبير ولكن ليس بوسع هذا المقال ذكرها. ولكن ما يتعلق الأمر برفسنجاني ولو كان لديه أدنى صفة شعبية ويطالب بحكومة يحكمها الشعب لم يكن يقدم للشعب الايراني قط «الحمار المتورط في الوحل» كـ «حصان السباق السريع». وهذا العمل من قبل رفسنجاني يعد خيانة كبرى ارتكبها رفسنجاني بحق الشعب الايراني فلا يمحو اطلاقا من صندوقه الأسود وفك شفرته بسيط للغاية.
في علم حقوق الجزاء ولدراسة الجريمة يصنفوها الى عدة صنوف بحسب صورة الفعل الى آنية ومستمرة. الجريمة الآنية أو الوقتية هي تلك الجرائم الواضحة من اسمها تقع في لحظة وقوع الفعل عندما توافرت أجزائها وأركانها ومن قام بارتكابها لابد من محاكمته ومعاقبته في محكمة مؤهلة. وهناك جريمة أخرى تعرف بجريمة مستمرة. في هذه الجريمة ومنذ ارتكاب الجريمة من قبل مرتكب الجريمة ولو أن الجريمة هي كاملة ومن حيث القضاء قد وقعت ولكنها لا تنتهي في لحظة ارتكاب الجريمة بل فعل جرمي يطول زمن ارتكابه ويستمر وطالما لا يعتقل مرتكب الجريمة فذلك العمل يعد فعلا جرميا. وعلى سبيل المثال عندما يزور شخص جواز سفر ويستخدمه هو قد ارتكب فعلا جرميا بتزوير الجواز. ولكن بما أنه يستخدم هذا الجواز المزور مرات عدة وبالتالي فان الجريمة تستمر. وبهذا الايضاح، فان جرم عمل وخيانة رفسنجاني هو جرم مستمر. انه وبالخدعة والتمهيدات ونقل ذكريات قد فرض خامنئي غير الكفوء وليا فقيها على الشعب الايراني وارتكب جرم الخيانة. ولو لم يرتكب هذه الخيانة لكان وضع نظام الملالي غير هذا وكان وبأقوى الاحتمال يسقط أو كان يرضخ لاجراء استفتاء لتغيير الدستور والبنية الحكومية وتخلص الشعب من جرائم وأفعال النظام القاسية. ولذلك رفسنجاني هو خائن بما تعنيه الكلمة لطموحات وأهداف الشعب الايراني التحررية الذين رفضوا السلطنة وطالبوا بحكم شعبي وانتخابي. اولئك الذين يتجاهلون أو يعتمون على هذه الحقيقة الواضحة والمسجلة في الصندوق الأسود لرفسنجاني أو يتناسون فلا يغيرون المعادلة أو القضية لكون التاريخ بصير ويقظ وسميع ويسجل كل شيء بما هو ويعرضه. الكلام الآخر هو أن لعنة الشعب الايراني على هذا الملا المحتال الذي فرض كل ظلمه واضطهاده وظلم خامنئي السفاح ولحد اليوم لمدة 27 عاما على الشعب الايراني. من حيث الحقوق اضافة الى الجرائم التي ارتكبها رفسنجاني شخصيا سواء حينما كان رئيس للبرلمان أو حينما كان يتولى قيادة الحرب 8 سنوات أو خلال عهده الرئاسي لمدة 8 سنوات وكذلك 4 سنوات من رئاسة مجلس الخبراء وانه يعد شريكا في كل الجرائم التي ارتكبها خامنئي.
فعلى هذا الثعلب المحتال لعنة كل الساكنين في القبور والنائمين في الكراتين والطفلات بائعات الزهور والمناديل في تقاطع الشوارع وأطفال يعملون في تلميع الأحذية في الشوارع وجميع من يبيعون الكلى لكسب لقمة عيش وتأمين نفقات العلاج ويبيعون أعضاء أجسامهم وكل النساء والفتيات التي يتم مزايدتهن بعقلية الملالي المتخلفة المتعفنة ويتم الاتجار بهن لأغراض جنسية الى دور الجوار وكل المدمنين الذين دمرت حياتهم بسبب نشر المخدرات من قبل عناصر الحكومة منها قوات الحرس. ان الصندوق الأسود لرفسنجاني يختزن أسرارا كثيرة وتم فك شفرته الى حد كبير لحد اليوم. ولكن بدون شك بعد سقوط هذا الحكم الفاسد ستنكشف عن أسرار أخرى محفورة في ذاكرة التاريخ ويتم قرائتها.