الخطاب الى الإمة جمعاء, بدون تشخيص لفئة معينة أو مجال محدد, الكل مشمول في الاستماع الى النصيحة, والموعظة الحسنة التي أتى فيها القران الكريم, ووجهها الى الأقوام السالفة, بطبيعة الحال كلام القران في مجمله مستمر, لا يتوقف عند حالة واحدة, كون الأمم متعاقبة الأمم في زمن الأنبياء, وفي كل الأزمة.
هذا المدلول؛ جاء بالخطبة الثانية لصلاة الجمعة, بإمامة السيد احمد الصافي, في 5/ جمادي الاول/1438هـ, الموافق 3/ 2 / 2017م, مستعرض قوله تعالى في القرآن الكريم: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ) والآية تتحدث بعنوان (أمّة), أي عن حالة جماعية, والخطاب عام, يحاول الله تعالى؛ إن يوقظ في الأمة الاسلامية؛ روح السمات الفاضلة, والصفات الحميدة, وأيضا يوقظ فينا الاعتبار بالقياس الى ما مضى.
لذا يوضح المنهج القرآني؛ التمكين كونه حالة من السلطنة, والتمكن من هذا الفعل, يعني لكل واحد منها سلطان, والامة في حالتها الجماعية تعني السلطنة, ومن مظاهر السلطان الجعل التكويني, فالله تعالى جعل لنا وأعطانا ما لم يعطي لغيرنا, ويسترشد بالقول؛ من عجيب القوم أن القران الكريم, يذكر أموراً هي من البديهة, ألا يعلم أحد منا أن له سمع وبصر وفؤاد.
مبيناً الفائدة؛ من ما من الله تعالى فيه علينا, بدلالة السمع حتى يسمع الأنسان, والابصار حتى يرى ما حوله, والأفئدة حتى يفكر فيما يدور, وبما يحدث, هذه الجوارح الثلاثة تمثل قِوام التعقّل عند الانسان, مستشهد بقوم نوح “ع”؛ عاشوا مئات السنين ما هي النتيجة من موعظة نوح, وهو نبي فيهم (جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ), هذه النتيجة, فأي فائدة لآلة السمع.
النبي نوح “ع” يتحدث الى القوم, ويرشدهم الى أمر واضح, ولا يتكلم بألغاز, يتكلم بوضوح, مع ذلك تجدهم يجحدون بكلامه وإرشاداته, قطعاً الحكمة من هذا الحديث, هي ما يجري في العراق؛ فليس هناك اهتمام لقصص القران الكريم, ولا تأمل في إرشادات وتوجيهات المرجعية الدينية, وليس هناك أدنى اهتمام لما يجري, النتيجة تجد المجتمع يلقي باللائمة على أولي الامر في الأمة.
لذا قوم نوح “ع” والأقوام التي أعقبت, وصولاً للأمم والاقوام التي نعيش في كنفها, خانوا هذه الهِبات, وخانوا هذا الذي جعله الله تعالى لهم, أذا لم يستعملوا هذه الاشياء سيكونون كالبهائم بل أضل.., فالإنسان الذي مكنّه الله تعالى, وأعطاه وسلطّه, لكنه لم يستفد لا من نصيحة, ولا من موعظة, ولا إشارة, ولا كناية لم يستفد من هذه أصلاً, ماذا يريد؟؟.
طبيعة الحال؛ إن الله تعالى؛ أسمى وأنبل من أن ينتقم من الأقوام السالفة, ويعذبها من أجل أرضا نفسه, أنما أستبدلها بأقوام أخرى لتحقيق الهدف, الذي من أجل خلق الكون كله, لذا جاء التأكيد؛ لا ينتقم الله من العباد لأجل الانتقام, لكن هؤلاء العباد يعجلّون النقمة, ويعجلون غضب الله, والعياذ بالله.