لكل فرد حقه المطلق في الانتماء السياسي لجهة معينة، بل هو ضرورة مهمة للمشاركة في ادارة البلاد وصنع القرار بحسب الافق المحدد له، وله كامل الحق في الدفاع عن الجهة التي يعمل ضمن حلقاتها والواجب عليه أيضا أن يستعرض للآخرين ماتحمله تلك الجهة من منهج وأداء وماحققته من انجاز في أي مفصل من مفاصل الدولة.
ما شوه تلك الحقوق هو الاستخدام السلبي لها من قبل المنتظمين في صفوف تلك الجهات، انه الاستخدام المبني على العاطفة والطاعة العمياء وكأن الحزب أو التيار السياسي يحمل شريعة منزهة من السماء يقودها أنبياء لايخطئون مطلقا..!
نعم هنالك رموز محترمة ولها تاريخ مشرف، نعم هنالك جهات عريقة في العمل السياسي وهنالك جهات لها ثقة شعبية ضمن مساحة كبيرة من الشعب، ولكن هذا لايعني أنني عندما انتمي لاحدى هذه الجهات أن أنزهها بصورة شاملة وكأن آلاف العاملين ضمن مفاصل هذه الجهة لايخطئون أبدا، لا بل علينا أن نعترف بأن الفساد موجود لدى الجميع ولكن بنسب معينة تختلف باختلاف منهج ومشروع تلك الجهات ومدى امتلاكها لقيادة نزيهة تؤمن بالمراجعة وتصحيح الاخطاء وتنظيف أروقة مؤسساتها من الفاسدين والفاشلين وأصحاب المشاريع الشخصية،ومدى التزام تلك الجهات بالشعارات والاهداف التي تنادي بتحقيقها، وليس معنى أن يوجد فاسد أو أكثر في جهة معينة، بأن نحكم على هذه الجهة بالفساد، وانما يحق لنا أن نحكم بهذا الحكم في حال أن يكون توجه قيادة تلك الجهة ومشاريعها ضمن خطط ترعى وتنمي الفساد وتجذره في مفاصل الدولة لتوسيع نفوذها لتحصد المساحة الاكبر من التأييد الشعبي، أو أن هذه الجهة لاتعاقب الفاسد حتى وان ظهر للعيان فساده بل أنها تدافع عنه بكل قوة وتجند اعلامها لتسقيط من يشخص فساده، وهذا ماعشناه ونعيشه اليوم على ساحتنا..!
من يريد أن يعرف من الاصلح من بين الجهات الفاعلة عليه أن لايبحث عن الجهة المعصومة، فهذا محال، والتاريخ ينبئنا بأن سيد البشرية وأفضلها وأنزهها على مر العصور النبي المعصوم محمد (ص) كان ضمن فريقه العديد من الفاسدين، وهذا ليس عيبا وانما هي حقيقة يجب علينا الاعتراف بها وتقبلها، فمشروع النبي الاكرم كان سليما فضلا عن أنه مشروع إلهي فكيف بمشاريعنا الوضعية أن تكون خالية من الخطأ أو أن يكون الفريق المنفذ لها منزه عن الفساد بكامل أفراده..؟!
ولهذا فان تشخيص الاصلح يجب ان يكون مبنيا على قاعدة (من هو الأقل فسادا ، ومن هو المحاسب لمفسديه متى ما اكتشفهم ؟) ،ولنغادر وفقا لذلك وهم العصمة الحزبية أو تأليه القائد أوالزعيم وتنزيه جميع فريقه حتى وان ضم آلاف العاملين، ولنحكم لغة العقل ونعرف من هو الأحق بتمثيلنا متى ما آمن وانتهج بالحقائق التي ذكرناها.