17 نوفمبر، 2024 11:50 م
Search
Close this search box.

في ذكرى حرب خائبة

في مثل هذا اليوم من عام 1991 وصل صدام الى نهايته السياسية واوصل البلاد الى حدود الخراب .
الامريكان الذين توعدوا نفذوا وعودهم واعلنوا الحرب ، خلال اثنين واربعين يوما أعادوا العراق فعلا الى ماقبل الثورة الصناعية كما نبه جيمس بيكر وزير خارجية امريكا انذاك نظيره طارق عزيز في سويسرا .
الحرب تلك لم توجد فيها كفتان متكافئتان حتى يشار الى وجود صراع بينهما ، بل كانت فيها قوة واحدة كبيرة قوامها ثلاثة وثلاثون دولة مسلحة بأحدث تكنلوجيا الحروب وقفت أمامها قوة صغيرة ذات تقنيات حربية بدائية متخلفة عنها بنصف قرن في اقل تقدير .
كانت النتيجة انذاك معروفة سلفا ، غير ان صدام ومن خلال حساباته الخاطئة وتصوراته اللاواقعية لمجريات المعارك في حالة وقوعها ، أصر على البقاء في الكويت ، وتحدي الارادة الدولية ، متجاهلا الفارق الخرافي في ميزان القوى غير واضع في حسبانه أهمية القوة الجوية ودورها في حسم المعارك ، بل أنه استهان بذلك حين علم لاحقا ، مؤكدا وبجزم ، على أنه لم يسمع في حياته أن الطائرات حسمت أية حرب في التاريخ .
لقد شهد العراق تدميرا هائلا لبناه التحتية خلال تلك الايام المرعبة ، وعندما اعلن وقف اطلاق النار وتقبل الخاسر نتائج اجتماع خيمة صفوان الكارثية ، جاء الدور على الشعب فيما بعد ، فبدأت عملية تحطيمه هو الاخر من خلال حصار قاس استغرق ثلاثة عشر عاما متواصلا .
ورغم وضوح شفرات صدام التي بثها في اول خطاب له بعد الضربة الجوية الاولى مباشرة حين وصف جورج بوش الاب والملك فهد بالغادرين ما يدل على وجود تواطيء ما في الامر ، الا ان اصراره على خوض تلك الحرب وعدم انسحابه من الكويت كشف عن سذاجة تفكيره السياسي وبدائية تخطيطه العسكري الذي كان يتباهى به .
لقد كان ثمن تلك الحرب غير المبررة باهضا جدا ليس على العراق فقط بل على منطقة الشرق الاوسط برمتها ، فهو لم ينحصر في فترته الزمنية بل امتد الى المستقبل الذي صار الان حاضرا ، وما الدمار الجاري حاليا في اغلب بلدانها سوى نتيجة من نتائجها المدمرة .
ان احتلال صدام للكويت منح امريكا فرصة تاريخية كانت تبحث عنها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية تتمثل بالتواجد العسكري داخل اغني مناطق العالم ثروة ، حيث انه وفر لها ذريعة المجيء باساطيلها وجنودها وطائراتها والتمركز قرب ينابيع الثروة تلك ثم البدء بتفكيك
البلدان والمجتمعات وفق خطط استراتيجية تهدف في النهاية الى اعادة صياغة المنطقة باكملها والحاقها بالعالم الجديدالذي خططت لتزعمه .

أحدث المقالات