تظاهرات يوم غد السبت والتهديد باقتحام الخضراء والدعوة لتغيير المفوضية العليا المستقلة للانتخابات تحت غطاء محاربة الفساد وتحقيق الإصلاح , كلها عناوين لهدف واحد هو سعي زعيم التيّار الصدري مقتدى الصدر لفرض سيطرته وإحكام قبضته على عصب العملية الديمقراطية في العراق , من خلال تغيير مجلس المفوضين الحالي والمجيء بمجلس جديد للمفوضين يأتمر بأمره وينّفذ له توجيهاته ورغباته , هذه هي الغاية الحقيقية من هذه التظاهرات والدعوات لتغيير المفوضية العليا المستقلة للانتخابات , ومقتدى الصدر يعلم جيدا أنّ مهمة تغيير مجلس المفوضين الحالي قبل نهاية مدته , غير ممكن قانونيا إلا في حالة سحب الثقة عن مجلس المفوضين الحالي تحت قبة مجلس النوّاب , ويعلم أيضا أنّ مهمة اختيار مفوضية جديدة هو من اختصاص مجلس النوّاب حصريا , ولا علاقة للسلطة التنفيذية بتغيير المفوضية الحالية أو ترشيح مفوضية جديدة .
وربّ سائل يسأل ما السبب الذي يدعو مقتدى الصدر للمطالبة بتغيير مجلس المفوضين الحالي بالرغم من أنّ اتباعه يشّكلون أكثر من 40% من المفوضية الحالية , حيث لديهم مفوض وأربع مديريات عامة هي , المعاون الفني لرئيس الإدارة الانتخابية ومدير عام مكتب انتخابات الرصافة أكبر مكتب في العراق ولهم مدير عام مكتب انتخاب بابل ولهم أيضا مدير مكتب ميسان , ولهم ستة درجات معاون مدير عام في المفوضية وعشرات من الأقسام والشعب , فإذا كان الامر كذلك فلماذا يطالب مقتدى الصدر بتغيير مجلس المفوضين فقط ؟ والجواب على هذا السؤال لا يحتاج إلى عناء , لأن مجلس المفوضين الحالي غير خاضع له ولا يأتمر بأمره , وبقائه يعني عدم إخضاع نتائج الانتخابات القادمة وتزويرها بما يضمن له تفوق على جميع الكتل السياسية الأخرى , وهذا يعني عدم اخضاع العملية السياسية ومؤسسات الدولة لأوامره وتوجيهاته المباشرة , وما يسعى له في هذه المرحلة هو الضغط على مجلس النوّاب من خلال الابتزاز والتهديد والفوضى , بسحب الثقة عن المفوضية الحالية وإدارتها من قبل المعاون الفني قاسم الدراجي الذي ينتمي للتيّار الصدري لحين ترشيح مجلس جديد للمفوضين , وما يسعى له مقتدى الصدر لا علاقة من قريب أو بعيد بالإصلاح السياسي ومحاربة الفساد , وبهذه المناسبة .. أتوّجه لرفاقي القدامى في الحزب الشيوعي العراقي وأقول لهم أنّ اندفاعكم لتأييد مقتدى الصدر في تحقيق الإصلاح السياسي , لا يختلف عن اندفاع قيادة عزيز محمد حين راهنت على صدّام في تحقيق التطور اللا رأسمالي والانتقال إلى النظام الاشتراكي في العراق , فالتأريخ يعيد نفسه .