19 ديسمبر، 2024 1:16 م

الأديب الشاعر كريم عبدالله.. طائر حالم ظل بوصلة وقته بين سهوب القصيدة ومسرح الحياة!!.. 

الأديب الشاعر كريم عبدالله.. طائر حالم ظل بوصلة وقته بين سهوب القصيدة ومسرح الحياة!!.. 

الأديب الشاعر كريم عبدالله.. طائر حالم ظل بوصلة وقته بين سهوب القصيدة ومسرح الحياة!!.. 
حاورته: خلود منذر*
لمَلم نايات الحقول لتسافر في فضاء مليء بالأمكنة اِجمع حواسك السبعة كي تعبر حدائق العطر, تحل لغز تفتح البتول، فأنت مدعو _كقارئ من خارج النص_ للأبحار نحو مدائن الحرف الموشاة بيقين الإنتماء، لنستدرج من صمت المحابر الكلم المتأنق بأحجار الكريم.
كقارئ _ تلامس حبرٌ نازفٌ من مرايا الروح، أنينٌ مسكوبٌ من جدران الذاكرة، ورحلة عشق صامت بين أنهار الحياة بأصواتٍ متعددة الألحان على وتر وجع الوطن. سفرٌ طويلٌ وشائق على قارب متفرد بمضمونه، يأخذك إلى وجه القمر وظلال السحر..نصوص الأديب والشاعر كريم عبدالله كمدنٍ متوجة بأكاليل البراري فوق سفوح عاطرة تبلسم الآهات. نصوص مساحاتها خصبة بالرمزية والفكر المبدع و فيض إيقاع رخيم، مصابيح متوردة من أعناق النخيل. قصائد تمتشق الضياء من ضفاف دجلة و الفرات لتعانق عظمة النيل.
عندما نقرأ القصيدة الأفقية النثرية السردية التعبيرية، نحتاج إلى سلالم طويلة للتأمل و التمعن في فهم مواطن الإحساس والجمال. شقية جيوب قصائده حين تترك القارئ في ظمأ. 
* لِمنْ لا يعرف كريم عبدالله كيف تعرفهم عن نفسك. _ أنتِ أكثرُ رقّةً أيّتها الحشائش الخضراء الفتيّة تُرعشينَ الروحَ بنشوتكِ, يتموّجُ كالزنابقِ البنفسجيّةِ ذاكَ الفؤادُ الصغير وتسبحُ أحلامهَ الغضّة بقطراتِ الندى المتساقط مِنْ أوراقِ شجرةِ التوت الهرمة, يا للروحِ البريئةِ تحدّقُ بحنينٍ وتحرّكها أرضٌ تحتضنُ مطراً خفيفاً يتسللُ في أخاديدها اليابسة!.هكذا كانت روحي التي أحملها منذ نعومة أظافري, تجيش فيها بيادر من المشاعر العميقة والحب والهدوء والقلق احيانا. بدأت منذ الصغر أعشق الطبيعة وما فيها واستمع الى زخّات المطر وأصوات  العواصف والتأمل في البعيد البعيد مما حولي من فضاءات واسعة . بدأت اعشق الرسم في مرحلة الدراسة الابتدائية وفي مرحلة المتوسطة كتبت القصة والخواطر وفي مرحلة الاعدادية كتبت للمسرح واشتركت في التمثيل . بعد الحرب انقطعت عن عالم الأدب والفن وذهبت في دهاليز العزلة لكون اغلب اصدقائي اكلتهم الحرب . * لمن يكتب الشاعر كريم عبدالله ؟ _ أكتب كي أغطّي هذا الخراب الذي عمّ الأرض، أكتب لنشر الجمال والسلام والمحبة بين الناس جميعا , أكتب ضد الحرب وقطع الرؤوس واخماد نار الفتنة .  

* كتبت الشعر، القصة القصيرة، المسرحية، الومضة، الهايكو، لكنك بعيد عن الشعر الموقفى الموزون، لماذا ؟ أين تجدك في كل هذا؟ _ قد كتبت الشعر الموزون، وليّ اكثر من ديوان في هذا المجال مثل “ديوان العشق والاسطورة وديوان العشق في زمن الغربة وديوان رجل سومريّ”.لكنني وجدت نفسي في النصّ المفتوح, فيه وجدت مساحة شاسعة للتعبير عمّا يجول في داخلي وحاولت أن أختزل الواقع المرّ من خلاله.  

* حدثنا عن تجربتك بكتابة الهايكو وخصوصا ان لديك نصوصا كثيرة في هذا الصنف الأدبي وهل الهايكو كصنف أدبي بدأ يطرق أبواب الثقافة العربية بإلحاح؟. _ الهايكو فن جميل جداً ويستحق أن ينال منا الشيء الكثير. لم أُعجب به في بداية الأمر, لكن حينما سمعت به سحرني جداً, وقلت مع نفسي: لماذا لم اقرأه وأكتبه!.حتى الأن هي تجربة خجولة وبسيطة رغم كتاباتي في هذا المجال من الشعر العذب والجميل والممتع. أحاول أن أكتب الهايكو بنكهة عراقية خالصة جداً تحمل سمات وصفات الهايكو الياباني. الموضع يحتاج الى الكثير من الجهد والصبر والتجربة لكونه جديداً على ثقافتنا العربية بصورة عامة وعليّ بصورة خاصة. بعد ان كتبت النصّ المفتوح وهو يختلف اختلافا جذريا عن قصيدة النثر, شعرت بنوع من الاعياء والإرهاق, فوجدت في الهايكو بعض العزاء لي خصوصا وهو يعني بالتأمل العميق والفلسفة ويكتب بطريقة التكثيف.

ربما هناك تخوّف من هذا الهايكو ودخوله ثقافتنا من البعض لانه غريب عنّا وهناك من يتهمه ( الطفل الخديج او المشوّه ) حينما سمع به, لكنه اليوم أصبح معروفا وأخذ  الكثير من المبدعين العرب يكتبونه ويتألقون فيه. 

 * القصيدة النثرية الأفقية السردية، تصنيف جديد للشعر الحديث وأنتَ من روادها.كيف تقدمها للقراء وما هي النصائح التي يمكن ان تقدمها للشعراء من باب الفائدة حول هذا النوع الجديد للقصيدة النثرية؟. _ كما يقول استاذي الدكتور أنور غني الموسوي: مظاهر السرد التعبيري  والذي يكون القصد منه ليس فقط الحكاية والوصف وبناء الحدث وإنما القصد الايحاء ونقل الإحساس، و تعمد الإبهار، فيكون تجلي لعوالم الشعور الاحساس بمعنى آخر”ان الميزة الأهم للشعر السردي الذي يميزه عن النثر وان كان شعريا هو التعبيرية في السرد، فبينما في النثر السردي يكون السرد لأجل السرد، فانه في الشعر السردي يكون موظفا لأجل تعظيم طاقات اللغة  التعبيرية”.  وهذا مقطع من قصيدة سردية لي:”هذا الأثيرُ يحملُ عطرَ تصاويركِ وحدها تتفتّحُ في ليلِ عيوني, تمطرُ أحلاماً غزيرةً تسبحُ في ينابيعها الجديدةِ أصواتُ صبواتي, كيفَ لي أنْ ألمَّ بريقَ عينيكِ وهذي النجوم تستجدي أنْ تغسلَ عتمتها بزرقةِ شطآنكِ! أكاليلُ الأزهار تصطفُّ كلَّ صباحٍ على شرفتكِ تنتظرُ متى تنهضينَ مِنْ نومكِ وتمنحينها العطر, أسرابٌ مِنَ الطيورِ تحطُّ على مائدتكِ لعلَّ فُتاتَ صوتكِ يجعلها تغرّدُ بعذوبةٍ شديدةٍ, حتى ملابسكِ في خزانتها تنتظرُ بشغفٍ متى تداعبها أناملكِ الرقيقةِ كي ترقصُ بغنجٍ وتستعيدُ بريقها , وحدهُ أسمكِ يفضحني فقبلَ أنْ أناديكِ تتعطّرُ حنجرتي وتعزفُ أوتارها سمفونيةَ هذا العشق”. هنا نلاحظ الشعور العميق والاحساس المرهف جداً. على من يكتب القصيدة السردية التعبيرية أن يكون صبوراً ومرهف الحسّ ويمتلك تصور واضح عن هذا النوع الأدبي الجميل, بالتاكيد القراءة الكثيرة والإطلاع على الدراسات النقدية المقدمة من قبل الدكتور أنور غني الموسوي ستغني الكثير. اعتقد أننا أول مَنْ كتب في القصيدة السردية التعبيرية عربيا وربما عالميا، تجربة تستحق الاهتمام والدراسة.نحن في (مؤسسة تجديد الادبية) نحاول كتابة قصيدة نثر عربية جديدة ومختلفة . 

* كيف ساهمت الكتابة المسرحية في نصوصك الشعرية؟ هل الشعر لعب دورا في النص المسرحية او العكس؟ وهل الكتابة المسرحية تتطلب مقومات ادبية غير التي يتمتع بها الشاعر. _ بالتاكيد عملي في مجال الطب النفسي أضاف لي الكثير, فمن خلاله كانت لي تجربة فريدة عربيا وربما عالميا في استخدام العلاج بالسايكودراما ( التمثيل ) لمرضى عقليين يتعاطون العلاج النفسي والعقلي في المصحات النفسية, عالم المرض (الجنون) فتح امامي أبوابا واسعة للتعمق في النفس البشرية, ربما بدأت بالمسرح اولا وبعدها كتبت الشعر لهذا الكثير من النقاد يقول: في شعر كريم نتلمس المسرح وصراعات الدرامية. المسرح لعب دوراً بارزاً ومؤثراً في تجربتي الشعرية. بالتاكيد المسرح والكتابة المسرحية تختلف كثيراً عن الشعر, المسرح حوار وحركة…  والشعر شعور عميق في داخل النفس اكتبه دائما في ذاكرتي وبعدها أرسمه على الورق.

 * رسالتك التي تريد ان توصلها للعالم بشكل عام و للعراق بشكل خاص. _ أنني اخاطب ضمير الإنسان في مكان وفي أي زمان: مازلت انسانا مثلك, يكفي من خراب يعمّ ارضنا, علينا أن نقف جميعا امام صوت المدفع ورصاصات الكلاشنكوف الاجنبية والسيف العربي الحادّ, نقف جميعا حاملين أقلامنا وكلماتنا لنوقف طوفان هذا الخراب .

 * هل الحراك الثقافي تحت ألسنة الحروب سيترك بصمة تاريخية أدبية خاصة, وهل تعتقد أن المثقف العربي أخذ دوره الضروري في ارتقاء المجتمع؟ _ نحن هنا في العراق الحرب للآن تلاحقنا والحروب التي مرّ بها شعبنا نتجت عنها ثقافة حرب وادب حرب ولغة حرب، ربما في الكثير من نصوصي نجد الحرب شامخة بكل مقوماتها البشعة. اعتقد لم يأخذ المثقف العربي دوره الريادي في مسيرة الأمة بسبب السياسة والسياسيين .

 * إلى أي مرحلة يمكن للأديب أو الشاعر ان يؤثر بمجتمعه؟ _ الشاعر رسول إلً الأمة، الشاعر الحقيقي يجب أن يترك بصماته واضحة في المجتمع وإلا عليه أن يترك الشعر والأدب. 

* الأدب مرآة الشعوب، هل تفكر بالقارئ عندما تكتب نصوصك, وهل المتلقي يمكن ان يكون مرآة الكاتب؟ _ ربما يُعاب على نصوصي انها تكتبت وتكتب للقارىء النخبة،  وهذا شيء مؤسف حقا , على المتلقي والقارىء أن يكون مبدعا ويشارك الشاعر فيما يكتب لا أن يكون مستهلكا , انا أكتب و اترك للقارىء حكمه .

 * من خلال قرأتي لبعض نصوصك المسرحية ما هي السايكودراما؟  _ هي عبارة عن طرق علاجية موجّهة من خلال الفعاليات الأدرامية لأستعراض المشاكل العامة او ما يتعلق بلأشخاص.طرق العلاج:استخدام الطرق التجريبية في تقييم العلاقات الاجتماعية وأخذ الأدوار المختلفة من خلال التفاعل ضمن المجموعة ويمكن استخدامها كعلاج سلوكي.يحقق هذا البرنامج الغايات والاهداف التالية:

1- إعادة البصيرة.

2- نمو الشخصيّة واكتساب الخبرة

3- تطوير مهارات التواصل الاجتماعي.

4- زيادة الادراك الايجابي.

5- التفاعل الوجداني.

6- تساعد في توضيح المواضيع المختلفة المراد طرحها على المريض

7- المساعدة في النمو العاطفي الايجابي .

8- يساعد في عملية التعلّم بصورة عامة وتعلّم مهارات جديدة بصورة خاصة .

9- أخذ ادوار حياتية جديدة للمريض وايجاد الحلول المناسبة لها .

10- توفير الفرصة لكي يرى المريض من الخارج .طرق العمل وتشمل:استعراض احداث الماضي والحاضر والمستقبل من خلال طرح المشاكل وايجاد الحلول المناسبة لها .ولي فيها تجربة قدمت اكثر من خمسة مسرحيات تأليفا واخراجا والابطال فيها مرضى عقليين. 

* حواري مع الأديب والشاعر كريم عبد الله طويل كرحلة سفر الى المريخ تحتاج سنوات كي نسبر غور أماكن النصوص ونحمل حقائب العمر من يراع الحبر لكن اختصرت الرحلة كي يبقى القارئ بشغف المتابعة لهذا الإبداع.  رحلةٌ في زمنِ اللامكان رأيتكِ في الزمنِ الشفّافِ الــ هنااكَ بلا جاذبيةٍ عالقةً وراءَ نافذةِ الحزنِ تتدفقينَ في الأبديّةِ نيرفانا../ بعدَ طولِ إنتظارٍ أُطمئنُ مخاوفَ الأحلامَ متحرراً في الأبديةِ أُناغمُ تأريخكِ تلتهمني مداراتكِ الفسيحةِ../ تستريحُ أرواحنا على سريرِ المستقبلِ المجهول يُرعبنا هاجسُ اللقاء نتغيّرُ مِنْ حينٍ الى حين../ في متتاليةٍ تتعاظمُ المتناقضات تُنجبُ فراشاتٍ ضوئيّةٍ تلقّحُ شريطَ أسفارنا رجّةً مزهرة../ نتوسطُ بزهدٍ متعةً حسّيةً على أجنحةِ الخيالِ وخارجَ المكان يضمّنا فردوسُ البدايةِ نحيا حاضرين../ نوّمنا هذا التسارعَ البطيءَ وحشاً ثمارهُ الفناءَ أجنحة إيماءات تتلاشى هنا مرعوبة../ غداً ســ يتوقفُ الصباحُ وتغلقُ الأبوابَ في تاريخِ ارضكِ للمرّةِ الأخيرةِ يسوّدها السوادَ../ وينتصرُ الأبد يوغلني في الجحيمِ زهرةَ خلودِ تستنشقينَ عطرها الكالح. صدر له:
شعرياً: “العشق في زمن الغربة”, “العشق والاسطورة”, “نايات الوجد, مجموعة مشتركة”, “وجع اشيب وكفّ عذراء”, “تصاويرك تستحمّ عارية وراء ستائر مخملية”, “بغداد في حلّتها الجديدة”, “الشوارع تحيض تمسح أحذية الغزو”.كذلك سجل له في مجال التأليف والاخراج المسرحي “6” مسرحيات وعدد من الافلام التسجيلية والوثائقية. 

* كاتبة سورية

أحدث المقالات

أحدث المقالات