اسس ميشيل عفلق حزب البعث العربي الاشتراكي بتاثير من النازية الالمانية “لمقاومة المد الشيوعي”. وتاسس حزب الدعوة الاسلامية في العراق بتاثير، ودعم حركة الاخوان المسلمين في مصر. الحركة التي انشاتها المخابرات البريطانية. واعلن بيان تاسيس حزب الدعوة ان سبب انشائه هو “لمقاومة المد الالحادي في العراق”. وكان “المد الالحادي” يخوض نضالا شعبيا ضد النظام الملكي العميل لبريطانيا. فمرجعية الطرفين كانت في لندن، وليس في الازهر، او الحوزة العلمية في النجف.
واليوم مثل الامس يعود كل منهما الى احضانه الاصلية. الذي يهمنا هو تشابه مسيرة جماعة عفلق في العراق، بقيادة صدام حسين بالقفز الى السلطة، والتمهيد لبناء سلطة الحزب الواحد، والفرد الواحد قائد الامة. صدام حسين اراد قيادة الامة العربية فقادها من هزيمة الى اخرى. نوري المالكي يريد قيادة الامة الاسلامية كلها، بعد ان فشل الخميني في ذلك، وتحول الى خطر على السلام العالمي، وارسل الاطفال الايرانيين، والعراقيين(ابناء المهجرين) للحرب، وهم يحملون (صكوك الغفران) جوازات سفر الى جناته المزعومة. فالنهج الانفرادي، الاستبدادي، المغامر، الذي يتبعه المالكي الان هو نفس النهج الصدامي. فقد بدأ المالكي بازاحة، واغتيال كل منافسيه بشكل مريب. فاغتيال محمد باقر الحكيم المنسوب الى القاعدة. ثم اغتيال سليم عضو مجلس الحكم في السابق.ابعاد، وتهميش، وتخوين قيادات تاريخية في حزب الدعوة حتى سيطر مع عصابته على الحزب بالكامل بعد التامر على ابراهيم الجعفري. وهاهو يتبع الخطوات الصدامية في الانفراد بسلطة الحكم بالعراق مع واجهة انتخابات مزيفة، وصولات عشائرية مثل بيعات صدام حسين، وقياداته القومية، والقطرية. صدام حاول تصفية كل الحركات، والاحزاب القومية، وارغامها الانتماء لحزب البعث، او التعرض للتصفيات الجسدية، او الهروب خارج الوطن: مصر، وسوريا، وليبيا، وغيرها. صدام اغتال الركابي، وحردان، والسامرائي، وغيرهم، وعزل البكر. فالتصفيات الدموية لقيادات حزبه في 1979. المالكي يريد ان يخضع كل الحركات الاسلامية الشيعية له ليواجه بها الحركات الاسلامية السنية. حاول مع الفضيلة، والمجلس الاعلى، بشكل تامري، وبشكل دموي مع الصدريين. ولازال يخطف القيادات، والكوادر من جماعة الحكيم، وغيرها باغراءات الاستيزار، والمناصب الاخرى، او بالتهديد بالملفات! وهي نفس اللغة، والاسلوب الذي استخدمه صدام. قضى على منشقي الحزب الشيوعي المتياسرين بقيادة عزيز الحاج، واذل بعضهم بمناصب، ووظائف، او تصفيات جسدية. ثم توجه نحو الاحزاب الكردية، وبعدها الحزب الشيوعي العراقي. كان صدام يعتمد على اموال النفط، وسلطة الدولة، والدعم الامريكي له. بالضبد كما يفعل المالكي. وفي وقت يدعي محاربة البعث ويحاول “اجتثاث” كل معارضيه السياسيين فانه مثل صدام احاط نفسه بمجموعة من ضباط المخابرات، ورجال الامن، والعصابات، والوصوليين، الذين استبعثهم، ورضوا به قائدا للامة. المالكي استتابهم، وكلهم بعثيون سابقون يشملهم قانون الاجتثاث(اخذ منهم البراءات كما فعل العفالقة بعد انقلاب8 شباط 1963على ثورة14 تموز1958). فرديته، وتسلطه حتى داخل قيادة حزب الدعوة، ومجلس الوزراء. قرارات فردية تهم مصير البلد، والعملية السياسية، بدون استشارة احد حتى من حلفائه. كل الوزرات الامنية بيده، وهو القائد العام للقوات المسلحة. نسخة عن تسلكات صدام، وعهده. خطابات، ومؤتمرات صحفية ارتجالية، مثل بدايات صدام. صدام اخذ يستعد بعدها لالقاء خطبه، ويناقشها مع مختصين. المالكي اسوء من صدام اذن، فلا زال يرتجل الخطابات في مناسبة، وبدون مناسبة، وكانه شيخ عشيرة. كل الاجهزة الامنية، والمخابراتية بيد بعثيين صداميين يستلمون الاوامر مباشرة منه، ولهم خبرة كبيرة في تلفيق التهم، ونصب الشراك، وتشويه سمعة الاخرين، والايقاع بالمعارضين. ثم يتشكى من الاندساسات، والاختراقات. يتحدث عن قمع المعارضين، وقمع انتفاضة اذار زمن صدام. المالكي انزل قواته العسكرية، استخدم القتل، والخطف، والتخوين ضد المتظاهرين المسالمين. في حين يستمر القصف اليومي للاراضي العراقية من “الشقيقة” ايران، و”الجارة” تركيا. اقام سجون سرية فاقت فظاعتها قصر النهاية، واشارت اليها تقارير منظمات حقوق الانسان الدولية. اما الفساد المالي، والاداري فالعراق يتصدر تقاريرغياب الشفافية، والفساد المستشري. صدام سلط ابنائه، واقاربه، وعشيرته على امور الدولة. مكتب المالكي يراسه ابنه واقاربه، والمقربين ممن لا اراده لهم غير خدمة المامور. كل شئ لم يكن مستقلا في عراق صدام حتى القضاء، وهو نفس ما متبع الان. فالمالكي هو القاضي، وهوالحكم. اجهزة اعلام الدولة، وامكانياتها كلها تحت تصرفه، ولتبرير خروقاته الدستورية، والدعاية له. الان بدات الاغاني، والقصائد الرخيصة للمالكي الاوحد. يحاول تجيير كل المنجزات باسمه كما فعل صدام. فالتاميم قام به صدام، والانساحب الامريكي حققه المالكي، وهكذا. قريبا سيعلن عن نفسه المهدي المنتظر، ويصفي ثلاثة ارباع الامة. حراسات، وحمايات تذكرنا بالحرس الجمهوري، وقوات الحرس الخاص، بل حول المالكي كل الجيش، وقوات الامن العراقية الى مليشيات خاصة به. في حين تترك جماهير الشعب طعما للتفجيرات، والعبوات الناسفة، والاعمال الارهابية. في زمن صدام كانت خيوط الاتهام تشير الى عصاباته، والان تشير كل الدلائل الى اجهزة المالكي، لاشغال الناس، واذكاء الطائفية. ان حزب الدعوة الاسلامية، استعمل الاعمال الارهابية في زمن صدام خدمة لاسيادهم في ايران.العراقيون يذكرون، ان تلك الاعمال”الجهادية” لم تقتل، ولا مسؤولا صداميا واحدا. كل ضحاياها بسطاء الناس، الذين يعانون اليوم من جرائم، وقمع ارهابيي الامس. ان تسريب الدعوة الاخيرة لقادة البعث العراقي من سوريا اكدت الاخبار السابقة، عن اتصالات بين قادة حزب الدعوة، وقادة حزب البعث المحظور برعاية سورية ايرانية. لقد ارضاهم بتعيناته البعثيين في مفاصل الدولة المهمة. اثبت لهم حسن نيته. ولن يكون اليوم بعيدا ليعود عزت الدوري نائبا للمالكي، او رئيسا فخريا للجمهورية، او قائد الحرس الخاص للماكي، بعد اعلان توبته، ومبايعته له. ويكون الاحمد نائبا له، ومستشارا خاصا. كان تعداد جيش صدام مليون وهو في حالة حرب، والان تعداد القوات المسلحة مليون ونصف. الا ان استبداد صدام كان يوفر الامن، اما جيش الماكي فيوفر الامن للمنطقة الخضراء فقط مع بعض الاختراقات، والعمليات المفبركة، التي ينفذها حرس المالكي لاستخدامها كاوراق ضغط ضد معارضيه، وتبرير تسلطه. (وهو نهج مارسه صدام ايضا، وتخلص فيه من منتقديه، ومنافسيه). وزيادة عدد الملفات، التي يلوح بها لكل من يعترض على سياسته الديكتاتورية. وهو بهذا يجمع كل السلطات بيده كاي حاكم مطلق. صدام التكريتي هدد مصير البلاد كلها بحربه مع ايران، وغزوه الكويت ثم الاحتلال الامريكي للعراق. والان فان نوري التكريتي(مع الاعتذار للشرفاء من اهل تكريت) يهدد وجود البلاد كلها، فخطر التقسيم قائم، وخطر الاجتياح الايراني، اوالتركي قائم، وعودة الاحتلال سيناريو محتمل بسبب معاهدته مع اسياده الامريكان، ومنحهم حق التدخل، والعودة متى شائوا. هذا ما صرح به السفير الامريكي، وقائد القوات الامريكية في المنطقة، ووزير الددفاع الامريكي، والسفير الامريكي المتجول في الشرق الاوسط في اكثر من مناسبة. ان مصير العراق، ومستقبل العملية السياسة، ومصير التغيير الديمقراطي بعد سقوط الصنم كلها على يد عفريت اسمه نوري كامل المالكي. فهل يتحرك شرفاء الشعب، والجيش، والقوى السياسية، والشرفاء في حزب الدعوة لانقاذ العراق من الكارثة المحدقة. ان الشعب العراقي سريع العقاب كما اظهرت نتائج الانتخابات الاخيرة. كما ان الذاكرة الشعبية لا زالت تتذكر جرائم الحرس القومي، ومؤامرات العفالقة ضد ثورة تموز، وهتافات الجماهير: “الما يصفق عفلقي”. قد تتكرر اليوم فتهتف الجماهير: “الما يصفق دعوجي”!
فهل يرضي هذا مناضلي حزب الدعوة الحقيقيين، وهل هذه الديمقراطية الاسلامية الموعودة؟؟؟!!