18 ديسمبر، 2024 8:55 م

رسالة ألم ومحنة الى الإمام الحسين (ع)

رسالة ألم ومحنة الى الإمام الحسين (ع)

سيدي وقفت ببابك وكلي أملٌ بأن أجد عند مقامكم المكرم جوابٌ لأ لامي وجروحي النازفة,ومعاناتي وتحملي للهموم التي لا تنتهي وليس لها من نهاية ,اتخذنا عنوانك أبا الأحرار رمزاً لنهجنا خلال مسيرة حياتنا ,فوجدنا جبال شاهقة من الصعاب وجليد لن يذوب وأن سلطة عليه الشمس,هي محنة العيش في بيئة لا تعرف معنى أحترام الحُر,والمثقف ,والعارف بحدوده وعدم التجاوز على حريات وحدود الناس ,عارفاً بموقفه الإنساني والأخلاقي والشرعي والوطني ,في كل أزمة تعصف بنا تريد أن تثبط من عزيمتنا ,نتذكر ملحمتك الخالدة التي أماطة اللثام عن زيف الطغاة ,فتزيدنا إصرار على المضي في هذه الطريق الذي ملء بالأشواك ,ليس لنا مطمع ومرتع يا أبا الضيم سوى أننا نريد العيش بكرامة وعزة والعزة لله وحده ,فرضت علينا مواقف قاهرة لغرض المساومة على مبادئنا ,وأتساءل لأي وقتٍ سنتحمل ونصبر فالصبر حدود وللإنسان طاقة تحمل ,كل همهم وجل مناهم أن يجعلوا منا عبيد لأرادتهم مهطعين رؤوسنا لهم ,ففي كل رفضٍ منا لهم ُيغلون في الإيذاء لنا ,ويتطاولون بالإساءة علينا ,ويشيعون الأقاويل الكاذبة والتهم والإشاعات المغرضة لأجل التسقيط ,وإظهار صورة غير لائقة عنا ,ولعل السفهاء كثيرين ليقوموا بهذه الأدوار الدنيئة ,كل هذا لأننا لم ولن نسلك خط العبودية والرضوخ والخنوع ,ولم نستحسن القبيح ونشاركهم به ,ونكون معهم في دائرة السوء والإثم ,هل هذه جرائم أم فضائل ؟علينا دفع ثمنها ,وأي ثمن وضريبة !!! 
دماء سائلة وأشلاء متطايرة ,وألام أمهاتٌ ثكلى ونساء أرامل وأطفال يتامى ,وباحثين عن الهوية بين زحام الصمت والاستبداد ,لم نطالب سوى حياة هادئة وبسيطة ومتواضعة وطموح مشروع بأن ننعم بالأمان والطمأنينة ,وأن يمارس الجميع المحبة والتعايش السلمي فيما بينهم ,فكان ضرباً من الخيال في خوض الصراع مع الفاسدين الذين لا يعرفون معنى النزاهة والاستقامة ,ومسخيين جاؤوا يمارس الموت بالمجان وقتل الأبرياء تحت عنوان الجهاد للقاء بالرسول ومضاجعة الحور المنتظرات دورهن في قصور الجنة ليمتعن قتلة لم يعرفوا أي شيء عن الإنسانية !,ومجيء بعض من غير المؤهلين سلطوا على رقابنا وتحكموا بمقدراتنا يسرقون وينعمون بأموالنا ,هذه
الجراح هي فيض من غيض ,لقد تمسكت بشباك مرقدك المطهر ,وأعلم أن الدعاء تحت قبتك الشريفة مستجاب ,فقلت ألهي بحق من رفض الظلم والجور,وقدم نفسه وأهله أنصاره فداءً للدين وهو يرى وحش الموت يخطفهم منه ويقابل كل ذلك بروح كريمة سخية مطمئنة لأنك يا ربي تأبى الذلة والهوان ,وتحترم الرافضين لمنطق الأذى بالناس والمدافعين عن حقوقهم,الهي أنقذنا وحررنا من شر نفسنا ,وخلصنا منهم ,وسلط عليهم من لا يرحمهم أذقهم طعم العذاب وفرق شملهم كما تركوا بيوتنا تنوح على أهلها بفراقهم الأحبة ,ابا عبد الله أخاطبك دون وساطة ومحسوبية وبدون تكلف بأن للعذاب ألوان متعددة وأشكال متنوعة وأصعبها أن يتخلى المرء عن ثوابته ويصبح بدون هوية تميزه عن الآخرين ,في كل يوم كنت أقول :هون عليك ستفرح وستنتهي الأزمات ويأتي الرخاء بعد الشدة ,لكن دون جدوى بل الانكى من ذلك كله جيء بأقزام القوم وسفهائهم وصنعوا لهم تاريخ مزور وفرضوه على الناس أنهم رموز عليهم الاقتداء بهم ,فزرعوا الفوضى وجاءوا بالخراب والدمار لنا وأشاعوا ثقافة الفساد ,دعموا المفسدين لمواقع المسؤولية ,ثم كانت المأساة بأن يكون المنافقين الذين ينعقون مع ناعق لهم الفصل في أغلب أمورنا ,المنافقين الذين هم أشد خطراً من الكافرين ,فالكافر لا يضمر كفره واضح برؤاه وأفعاله وسلوكه ,أما المنافق فهو مخادع يتلون حسب ما يفرضه ظرف المكان والزمان ,وليس له أي مبدأ يقتل ويضحي من أجله مثل هذه الإمعات بدأت تعلو ويعلو معها صوتها على حساب الأحرار ,وأنت تعرف غصة الحُر وهو يشاهد نكرة اجتماعية تصول وتجول ,فيهدئني قول أبيك سيد الصبر والحكمة الإمام علي (ع) :{ فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلى هاتا أَحْجى ،فَصَبْرَتُ وَ فِي الْعَيْنِ قَذىً ، وَ فِي الْحَلْقِ شَجًا ، 

أَرى تُراثِي نَهْبًا} لكن الصبر مثل سكينٍ صقيل الشفرتين يقطع أوصالي من الداخل والسلاسل تقيد معصمي ,لأني وحيداً فريداً أصارع محنة الوجع دون ناصرٍ ولا معين,الذين نتكئ عليهم في محننا وشدائدنا ساروا في طريقين بين الرحيل مغادرين البلد,أو الانزواء بواديٍ ينتظرون فرصة مناسبة تقدم لهم لأن يبرؤوا ذمتهم أمام الله وضميرهم ,سيدي لن أطيل في حديثي مع مقامكم المكرم فأنت حرٌ وتعرف لوعة من يأبى العيش مع الذلة والهوان ,أنت شاهدٌ على جراحي وخطواتي تشهد بذلك عندما سرت أليك ووقفت عند مرقدك .