18 ديسمبر، 2024 9:11 م

يعيش الكثير من المثقفين بمختلف توجهاتهم وألوانهم. حلم الوئام والسلام. والذي يقودهم الى هذا الحلم ويجعلهم يتوقون الى تحقيقه. ما يحملون من قبول للأخر. ومن أجزاء حلمهم الكبير او قل احد أهم شروط تحققه. شرط الحوار. فهذه الركيزة لابد أن يبنى عليها كل سلام ووئام. والحوار من تجليات الحكمة واحد أدواتها. فقد أمر الله عباده باتخاذ الحكمة رأسُ مال في كل دعوة ونشاط. قال تعالى “ادعُ الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن…” بهذه اللغة والتلطف واللين أمَرَ الله. وهناك الكثير من الشواهد على ذلك في سيرة النبي محمد (صلى الله عليه واله). فالانفتاح على الأخر والجلوس في منطقة الاشتراك شيء ضروري. لما له من نتائج تتعلق بشتى الجوانب: المعرفية. والامنية. والاقتصادية …الخ. والانغلاق أيضا له نتائج سلبية. فالتقوقع على الذات يشبه العيش في كهف مظلم. يقتل الانسان فيه نفسه معنويا. ويكون على شكل زاوية حادة. ويرى غيره كذلك. لذا علينا ان نخرج من هذا الكهف. وكما يقول الراحل السيد هاني فحص “علينا تدوير الزوايا”. فالأمور كما ترون تلح وبشدة. وبحاجة الى عمل كبير وجهود تعيش الامل. وتحلم بسلام ووئام. فكل شيء قابل للنقاش ولماذا الخوف. وكما يقول السيد فضل الله “لا يوجد سؤال تافه. ولا يوجد سؤال محرج. والحقيقية بنت الحوار”. فهل يمكن ان نصل الى حقيقة بغير الحوار!. وهل عرُفت حقيقة وتم الاعتراف فيها والإيمان بمضمونها بلغة غير لغة الحوار!. فحتى الذينَ تظن أنهم في أقصى اليمين. وهم ليس على شيء. حاورهم وادعوهم بحكمة. وأدِ وضيفتك التي تعتبر نفسك انك مكلف فيها. فان تحقق المراد فبها. وان تم رفضك فليس الذنب ذنبك إن أديت ما عليك. ولا تتعدى الى مراحل غير الحوار والطرح والنقاش لمعرفة الحقيقة.

يقول المرجع السيد الصرخي الحسني بعد مناقشته لأفكار ابن تيمية “… ومع ذلك، فإنّنا نحترم آراءهم واختياراتِهم وعقائدَهم ونناقشُها بنقاش علمي نظري، لا تكفير فيه، ولا سفك دماء، ولا انتهاك أعراض، ولا سلب أموال، فلا عداء لنا مع أحد، وكلّ منّا يأخذ جزاءه عند الحكم العدل (سبحانه وتعالى)، لكنّنا نبحث ونحاور ونناقش ونستدلّ مِن أجل تصحيح الفكر والمعتقد، كي نبرئ ذمتنا أمام الله (تعالى) ونرجو رضاه وثوابه وجنّته (سبحانه وتعالى)، فلماذا أنتم يا تيمية تختلفون عن بني الإنسان، فدائمًا أسلوبكم العنف والإرهاب والتكفير وانتهاك الحُرمات…” انتهى. فإذا سرنا على هذا الخط. ستسود لغة الحوار والمحبة. ولا يتحول الاختلاف الى خلاف. والخلاف الى صراع. وقتال وطائفية . ونتمكن من الوصول الى الحقيقة. او الوصول الى منهج للبحث عن الحقيقة. يقول السيد فضل الله “هناك حقيقةٌ ضائعةٌ بيننا، فعلينا أن نتشارك معاً في اكتشاف هذه الحقيقة. فإذاً ليس الحوار عمليَّة مغالبة”. نعم عند العقلاء ليس مغالبة. بل حوار. ونقاش. ومحبة. بخلاف منهج التيمية القائم على: الإرهاب. والتكفير. وانتهاك الحُرمات.