26 نوفمبر، 2024 2:54 م
Search
Close this search box.

معلم اليوم س/خ في العراق

معلم اليوم س/خ في العراق

هناك عبارات تبقى في الذاكرة ولا يمكن محوها، حتى وإن فخخت الحضارة أدمغتنا، فمصافحة الذكريات تجعلنا نفكر في أول يوم دراسي، أرعب قلوبنا وقلوب أهلينا، لكن ما أن رأينا ذلك الوجه السمح، حتى تلاشت مخاوفنا، فيغيرون أصواتهم ونبراتها، تبعاً لحالة كل طفل، والهدف أن يجلس الطالب في مقعده الدراسي، بعدها تبدأ سلسلة القراءة والكتابة، التي جعلت لكل منا نكهته الخاصة، فلكَ مني كل التقدير، فقد تركت فينا بصمتك أيها المعلم!
يترك حياته وراء ظهره، ليتقدم تلاميذه في التجمع الصباحي، وهو بتلك الهيئة المهيبة، ليجعل الدرس بسيطاً وممتعاً، والحقيبة تغص بالحلويات والألعاب الجميلة، والتي لها مفعول السحر على التلاميذ، فهل آن الأوان لنلتفت من غفلتنا عن قيمة المعلم، ودوره في بناء المجتمع؟ فمعركتنا اليوم يلجأ أعداؤنا فيها، الى إستعمال أبشع الوسائل وأقذرها، ليلوثوا عقول صغارنا، والمعلم يصافح الغيب، ويقاتل الغيم لينبه الجيل بخطورة أسلحة العدو، فهل من معين أو ناصر ينصرنا؟!
رغم العراقيل، والمطبات، والحروب، لم يغير المعلم من طباعه ليرضي الساسة، ولم يبدل نبرته ليعجبهم، ولم يخالف مبادئه ليتسنم مناصب زائلة، فكان معلمنا بحق يمثل وجه الحياة المشرق، مع علمه بأن التغيير طريقه معقد، وصعب، وشائك، لكن ثماره جميلة وأثره باق، وستلاحظه عبر أبنائك وأحفادك، لأنه كائن منحك الثقة والقوة، لتعيش حياة أفضل مما يريدها أعداء الإسلام، الذين قرروا في مصانعهم الخبيثة، إنتاج كل مايهدم الطفل العربي عموماً، والعراقي خاصة.
لقد أراد الأعداء بأنظمتهم وقوانينهم الجديدة، المتحدثة بأسم الحريات، وحقوق الإنسان، وحرية التعبير، أن يكون شعبنا (س/خ)، خاصة بعد عام 2003 وما تلاها، والتي تعني (سارق خراف)، لكن المعلم بإبداعه وفطنته جعل منها شعار (س/خ)، ومعناه (ساعٍ خير) لبناء العراق، رغم سياسة تكميم الأفواه، والدكتاتورية المطبقة على نظامنا التعليمي والتربوي، الذي لجمه الرئيس المباد بنظام عسكرة رهيب، وكأن طلابنا لا يعرفون سوى القائد الضرورة وبعثه الكافر، لكن المعلم حفظ الأمانة.
المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف، أشارت في خطبة الجمعة المصادف، 7/ربيع الثاني للعام (1348) هجرية، والموافق 6/ كانون الثاني/(2017) ميلادية، الى ضرورة الإهتمام بالتعليم والمعلم وحمايته، إذا كانت الحكومة جادة ببناء الدولة الجديدة، فقد فيها المعلم أمنه، فهو كحال بقية شرائح المجتمع، تعرض للعنف والإعتداء غير المبرر، بسبب غياب القانون والنظام في مؤسساتنا التربوية، ورغم هذا ترى المعلم يناضل أكثر من قبل، فهل يستوي الذين يعلمون، والذين لا يعلمون؟!
صحيح أن واقع المعلم، تبدل من الناحية المادية نحو الأحسن، ولكن زيادة نسبة الإعتداءات عليه، باتت أكثر سوءاً وعنفاً وقبحاً، فما أحوجنا اليوم لتفعيل قانون حماية المعلم، وإستعادة هيبته من خلال تعديل القوانين، التي شرب عليها الزمن وأكل، وتشريع الجديدة منها لتواكب ما يواجه المعلم من مخاطر، بغية النهوض بالواقع التعليمي، فدينار على دينار يعني ثروة، وحجر على حجر يعني بناء، فطوبى لكم أيها الأحرار، ومَنْ علمني حرفاً جعلني حراً.

أحدث المقالات