18 ديسمبر، 2024 11:46 م

الممارسة الديمقراطية لاتعرف الخطوط الحٌمر

الممارسة الديمقراطية لاتعرف الخطوط الحٌمر

المخالفة الدستورية للتحالف الكردستاني وقياداته العليا,والمتعلقة بإيواء نائب رئيس الجمهورية الهاشمي,على خلفية الاتهام الموجه إليه من قبل المحاكم المختصة في بغداد,
والتي أصبحت من اختصاص الشرطة الاتحادية الفيدرالية(العاجزة عن تطبيق بنود الدستور والقانون في مناطق كردستان العراق),أخذت منحا ومساحة اكبر من حجم القضية الأساس,
واتضحت من خلالها ضعف الروابط الحكومية المركزية بسلطات الإقليم الشمالي,وهي مؤشر خطير على ألانتهاكات الدستورية,وعدم الامتثال والاعتبار للقضاء العراقي الاتحادي المركزي.
ولكن كانت ورطة التحالف الكردستاني كبيرة,و تكمن في امتناع الهاشمي عن تقليل الإحراج المفروض على الإخوة الكرد,وقبوله ورقة الاستجواب القضائية والحضور إلى محكمة بغداد,
بالحقيقة لا يمكن أن نقلل من هذه الورطة,ولايمكن من جانب أخر أن نطلب الاستجابة السريعة للتحالف الكردستاني ,وذلك من خلال القبض على الهاشمي وجلبه مخفورا إلى القضاء,
ولكن نحن نطلب من القائمة العراقية أن تتراجع عن قرارها بالوقوف بوجه عملية تطبيق القانون بحق أي متهم تثبت عليه التهمة أو لم تثبت,حتى يتسنى للتحالف الكردستاني تقديم طلب رحيل الهاشمي وعودته إلى بغداد.
انسحاب قائمة التحالف الكردستاني من جلسة البرلمان ليوم الثلاثاء(3-1-2012),وذلك اعتراضا على اجتهاد النائب حسين الاسدي
(والذي تحدث قانونيا حول مسألة إيواء حكومة الإقليم للهاشمي,ومن ثم طلبه بمحاكمة السيدين الطالباني والبرزاني بتهمة الإيواء وفقا لمادة 4 إرهاب),
بطريقة تنم عن نفس عنصري قومي لا يمت بصلة لمنصب رئيس الجمهورية,المفترض بأنه يمثل العراق ككل وليس قائمة التحالف الكردي,وإنما جاء تعبيرا خاطئا وخارجا عن منظومة المبادئ والأسس والممارسات الديمقراطية المتاحة للجميع,
حيث لا يجوز أن يتحدث احد في دولة المؤسسات الديمقراطية,عن حصانة القائد الرمز القومي, أو الطائفي, أو الاثني,
نحن بالفعل نبحث عن الشخصيات الوطنية التي ترفض أسلوب التمايز والترفع والاستعلاء على بقية أبناء شعبهم,من لايستطيع أن يتقبل لغة النقد بروح رياضية في العمل الديمقراطي,عليه أن يبتعد عن السياسة ويتجه إلى مجالات أخرى,لا توجد خطوط استبدادية حمراء تقف حاجزا أمام حرية التعبير الديمقراطي ووفقا للقانون
(كثيرون طالبو بمحاكمة رئيس وزراء بريطانيا توني بلير والرئيس الأمريكي بوش الابن على خلفية التورط بحرب العراق بأدلة كاذبة وغير شرعية,بل نعتهم البعض بنعوت واتهامات خطيرة جدا دون إن نسمع عن محاكمات وتهديدات وطلب اعتذارات وانسحابات برلمانية,هل أعضاء التحالف الكردستاني عراقيون في البرلمان أم أكراد غرباء)
إشكالاتنا المثارة حول تصريح السيد النائب الوطني الاسدي(القانوني)إن لغة الاتهام المباشر في مثل هكذا قضايا أمر غير محبب,لأنه كان يفترض بالنائب الشجاع أن ينتقد المؤسسات القضائية والتنفيذية في إقليم كردستان بعيدا عن شخصنة الاتهام.
الممارسة الديمقراطية لأتعرف لغة التشنج ,ولايمكن لها أن تقف عند حدود مثل هكذا أحداث,بل هي مجموعة من المساحات المفتوحة للجميع دون استثناء,تكفل لهم القوانين والنظم والتشريعات الدستورية حرية التعبير والتصريح والنقد الموجه أو اللاذع, أو حتى الجارح سياسيا
(تعابير الفشل, والإخفاق, والكسل, وقلة الخبرة والدراية ,وضعف الإمكانات,والفردية والدكتاتورية,حتى الغباء السياسي, الخ.) وليس شخصيا ,
مع سماع أصوات النقد السياسي الثقافي والمعرفي وحتى الشعبي,دون إن تكون هناك حواجز أمنية أو شخصية ضد هذه التوجهات.
الشعب العراقي يراقب عن كثب كل تلك الإخفاقات والانتكاسات السياسية,للكتل البرلمانية المتوافقة على سلة المحاصصة والحكم,وقد بدت وكأنها في مركب واحد ولكنها بقيادات وتوجهات ورغبات متباعدة ومتناقضة,متى تتفق بشكل منطقي دستوري سليم,تبعد الشارع عن أزماتها ونزواتها المتكررة,هذه تبقى أحلام تراود كل العراقيين الطيبين والمخلصين لبلدهم.
ليس بالتوتر يا قائمة التحالف الكردستاني(والقائمة العراقية أيضا)تحل الأمور,والسيد جلال الطالباني رئيس كل العراقيين وليس إقليم كردستان,ومهلا أيها النائب الاسدي فطريق الديمقراطية العراقية طويل.
(الغريب في الأمر انتفاضة الشيخ الكردي داخل البرلمان العراقي موجها انتقاداته العنيفة للنائب الاسدي مع إن السيد الطالباني لايلتقي فكريا ولا سياسيا معه,ترى ماهو الدافع الذي دعا هذا الشيخ البسيط بالوقوف بهذه الطريقة مدافعا عن الرئيس العراقي),
العراق بلد الجميع,والديمقراطية واحة للنقد البناء الهادف,الذي يعرف التوقيتات السليمة للتعبير.
[email protected]