26 نوفمبر، 2024 7:20 م
Search
Close this search box.

لا يصح إلا الصحيح!!

لا يصح إلا الصحيح!!

“وهلْ يصحُ في الأفهامِ شيئ…إذا احْتاجَ النهارُ إلى دليل”
و”كلكمْ راعٍ ومسؤول عن رعيته”
التأريخ العربي الإسلامي ثري بمبادئ وأسس الحكم الرشيد , وفيه منطلقات ومواد دستورية وشرعية , منبعثة من أعماق التجربة الإنسانية المتكررة والمتطورة والمتفاعلة مع زمنها.
ومع ثراء الإرث الحضاري , ترانا وعلى مدى أكثر من قرن , نقف عاجزين عن الوصول إلى نظام سياسي معاصر , يحررنا من إستنزاف الطاقات والصراعات , ويجعلنا نجتهد في صناعة وجودنا الوطني والإنساني اللائق بنا.
ولايزال ناعور الإخفاقات والتداعيات يدور , ولا يسكب إلا الأفكار السلبية والتفاعلات البدائية , المنقطعة عن واقعها وزمانها , ولا تعرف الكلام إلا بمفردات طالحة.
ويتعجب كل إنسان , يتأمل وجودنا المتهالك , وضعفنا المتفاقم , وفشلنا المتراكم , فنحن كأمة ومجتمع , قد أخفقنا بالتجربة والبرهان في الوصول إلى عقد إجتماعي حضاري ننظم به سلوكنا , كأبناء في وطن وضمن نظام سياسي يوفر لنا جميعا , فرصة التفاعل اللازم لتحقيق مصالحنا الوطنية المشتركة.
وأينما تولي وجهك فثمة , مأساة , وعجز , وأزمة , يستثمر فيها العاجزون عن الوصول إلى منطلقات وطنية مشتركة لبناء النظام السياسي المستقر المعزز بإضافات الأجيال المتعاقبة.
ومن أهم أسباب هذا الفشل المزمن والمتقيح , هو غياب دور المفكرين والمثقفين , وإستحواذ غيرهم على مقاليد التأثير في مجتمعاتنا , التي أمضت أكثر من نصف القرن العشرين , تحت إمرة إنقلابات تنتج أفرادا مستبدين , ومتحكمين بمصير البلاد والعباد.
وبعد التجارب الديمقراطية التي حصلت , لا يزال المجتمع , في محنة العجز الحضاري , والفشل المتواصل والمعزز بالأزمات المتصاعدة , دون القدرة على الخروج من شرنقة الإنفعالية والفئوية والحزبية والفردية , والوصول إلى رؤية وطنية إنسانية جامعة ومحققة لطموحات أبناء المجتمع.
ويبدو أن هذا المأزق سيتواصل على مدى عقود القرن الحادي والعشرين , إذ لا توجد بوادر تشير إلى تحولات نوعية في الرؤية والتصور والسلوك السياسي , وإنما الجميع يدور في الدائرة المفرغة التي عهدها القزن المنصرم , ويكرر نفس الأخطاء والممارسات , ويساهم في صناعة ذات الأحداث والتداعيات .
وتلك مصيبة قاسية , وحفرة هلاك مروعة , لايمكن لأي مجتمع أن يتحقق , إذا بقي مقيدا في قاعها , والطامعين فيه , يسكبون عليه ما يجمعونه من الأفكار الآسنة المتعفنة ليزيدونه إختناقا وظلامية , حتى يفقد رؤيته , ويكون أعمى , تقوده قدرات مدربة تأخذه إلى حيث يُراد له أن يؤخذ وينتهي.
ومن الغريب أن التساؤلات عندما تجد لها جوابا , تواجَه بمواقف لا يمكنها أن تحقق ما يجب أن يكون , لأن الحالة قد تحولت إلى صيرورة تدمير ذاتي وموضوعي , وأية خطوة إيجابية إنما تحسب على أنها ذات مردودات أخرى , وغايات خفية ذات أجندات مهولة المعايير.
وفي هذا تقييد , وتحجيم , وأسر وإستعباد وإمتلاك , ومنع للقيام بأي فعل إيجابي مفيد.
وهذه المجتمعات المرهونة بالأزمات , لابد لها أن تسعى إلى إنشاء مجالس شورى من المفكرين والعلماء والباحثين الذين عليهم أن يتصدوا للمعضلات , بوعي علمي ومهني وبحثي يستحضر جميع الإحتمالات والنتائج , ويقيّم التوضيات بتبصر ونزاهة وصدق وأمانة , وإلا فأن المأزق الذي تعيشه سيزداد إضظراما وإضطرابا وسلبية وخسرانا!!

أحدث المقالات