17 نوفمبر، 2024 9:57 م
Search
Close this search box.

لا تَخظر ألأوطان بالصمتْ

لا تَخظر ألأوطان بالصمتْ

الفضيحة….. في أبسط تعريفاتها هي مجموعة تجاوزات تطعن المجتمعات في الاخلاقيات والمعتقدات، ولكن تبقى تلك التجاوزات الأخلاقية مسألة نسبية لخضوعها لتغير الزماني والمكاني.
      داخل المجتمع العراقي تشكّلت طبقة من سياسي المرحلة في الآونة الاخيرة  بسبب الظروف التي عصف بالبلد وغيرت الكثير من العناوين طموحاً بالأفضل، وهي تلك الطبقة التي توسعت وتكاثرت اعدادها من خلال مبدأ ( الخال وابن اخته ) حتى اصبحت واحد من الطبقات الكبيرة في المجتمع بعد استحداث مؤسسات عديدة لتتسع لإستيعاب ذلك التكاثر المفرط، لتأخذ بالأخير دوراً رمزياً في المجتمع من خلال تلك الأسماء والعناوين والتي لا نجدها تُمارس عملاً او تقدم خدمة مجتمعية على ارض الواقع، وتتمتع هذه الطبقة بثروات ومقدرات البلد بشكلٍ مباشر وتحت سقف غياب الرقيب والحسيب، ومن أبرز الامتيازات والصلاحيات التي يعول عليها وتمنح  لابناء هذه الطبقة أو لمن يزاول هذه المهنة هي (الجاه والسلطة ) والتي يتغذى كليهما على مجموعة من العقد والامراض النفسية التي تسيطر على الشخصية الانسانية بطبيعتها وخصوصاً وبشكل مركز على شخصيات الكثير من العراقيين الذين تبواؤا مناصب قيادية فيما بعد ٢٠٠٣، والشواهد كثيرة اطلع عليها العالم حتى امتدت لتصل الى تجاوزات على الكثير من القيم والمبادى الثابتة في المجتمع نفسه حتى بات ( الفضيحة ) المدعمة بالأدلة القانونية والشهود لم تعد في يومنا هذا كما كنّا وما نزال نسميها ( وصمة عار ) بل اصبحت محط فخر واعتزاز للأسف ( للمارقين ) وخير دليل على ذلك تجده وانت تمر على ما تعرضه شاشات التلفاز من صور للكثير من هؤلاء وأصواتهم تصدح بالفضيلة المزيفة وهم أساساً مشكولي الذمة بما تنطق عنهم صحائفهم السود بشر أعمالهم وخروقاتهم التي هي السبب الرئيسي في الآم ومعانات شعبنا والسجلات والملفات حافلة وبأرقام قياسية على مستوى الفضائح العالميّة. فالداعم الحقيقي لذلك النفوذ المصطنع أمور كثير أولها وأهمها هو تردي الاوضاع في عمل مؤسسات الدولة وخصوصاً المؤسسات القضائية والقانونية، فبعد ان كانت مهمة هذه المؤسسات الرئيسيّة هي خدمة البلد والمجتمع وحمايته من ضعاف النفوس والمنحرفين تحولت الى مؤسسات تخدم أشخاص ( اصنام ) صنعها المجتمع والظروف المحيطة به لنجد هذا الامر واضحاً وجلياً بين خلايا المجتمع ولايقتصر ذلك في يومنا هذا حتى على المؤسسة الدينية التي اصبحت مخترقة فبعد ان كان من شأنها هي الاخرى الاحتكام لتقويم ذلك الاعوجاج وتصلح الفساد ومعاقبة الفاسدين وفقاً للشرع والقانون اصبحت تتستر على ذلك لحماية منتسبيها. ومن النقاط الداعمة الاخرى لديمومة فاعلية هذه الطبقة وتحقيق نفوذها هو ذلك الجاه والسلطة، فالجاه مثلاً يساعد على شراء الذمم للحصول على الدعم اللوجستي في تنفيذ المشاريع التي من شأنها خدمة الأغراض الشخصية وعلى حساب البلد، وكذلك الحال عن الدعم المباشر التي تعطيه السلطة لتعزيز القوة والنفوذ لتحقيق مآرب حتى وان كانت تسهم في تصفير المجتمع من كل موارده الاقتصادية والثقافية والاجتماعية. 
      العلاج الوحيد لمثل هذه الافات التي أسهمت وتساهم في نفي وتنحية القيم والمبادىء وكل ما يرفد في تقدم وتطور المجتمعات هو اعادة تنشيط الوعي لدى الجماهير وتحصينهم للعبور من مرحلة السذاجة في الإختيار الى مرحلة الترجمة العملية لأختيار أفضل السبل وعكسها على الارض على شكل مشاريع رصينة تتداخل فيما بينها بمراحل تكمل احداها الاخرى للوصول الى الإيجابية المطلقة في النتائج.

أحدث المقالات