22 نوفمبر، 2024 8:35 م
Search
Close this search box.

سؤال الشيخ معروف الكرخي

سؤال الشيخ معروف الكرخي

لم يكن هذا الرمز العراقي مسلما ولا مسيحيا بالتحديد، بل يمكن رده الى التصوف والمعارف الدينية التي أهلته لأن يحتل هذه المساحة الزمانية.
يقال عن معروف الكرخي إنه عندما يأتي شخص، وقد أتى إليه آلاف الأشخاص من أماكن نائية من العالم.
فقد أصبح الكرخي في زمانه، معهدا، في حد ذاته، لكونه بالطبع ليس رجل دين فقط بل معرفة. كلما أتى إليه تلميذ، أو مريد، أو باحث، أو مستمع يحضر مجلسه، كان أول سؤال يسأله:
هل تريد أن تتعلم، أم تريد عدم التعلم؟.
بمعنى آخر، هل تريد أن تكون مريدا، أم تلميذا؟.
لقد كان هذا سؤاله الأول دائما، لأن ذلك سيقرر كل شيء.
المريد هو الشخص الذي وصل الى مرحلة الثقة، أما التلميذ فهو يبحث عن الثقة. المريد خلص في كيانه الى نتيجة مفادها أن: هذا الرجل(الكرخي)هو معلّمي، بالتالي هو مريد. هذا هو معلّمي، لقد جئت الى الشخص الذي ابحث عنه. هذا هو ملجأي وملاذي. المريد يولد من الثقة العمياء، لا يستفسر، بلغ حد الإيمان حيث استسلم وأصبح ريزخونا وثنيت له الوسادة، بينما التلميذ لا يستسلم، سوف يتعلم، يراقب، يلاحظ، يرى، فإن اقتنع، الحكم النهائي سينبثق من الرأس.
تكثر وتزدحم مجالس الإرشاد والوعظ الديني في الفضائيات، لا بأس بها، لكنك مسئول عن نفسك. أيها الجليس في هذه المجالس والمشاهد والمستمع، عليك أن تسأل نفسك سؤال الكرخي، و تختار الشخص المناسب الذي ستستمع إليه وهو يلقي محاضرته أو موعظته.
أنت تنقل عنه الى أسرتك وعملك ومجتمعك، اعرف من تستمع إليه؟، وإلا أغلق اذنيك لكي لا تغطس في وحل الاستماع العشوائي.
حتى يكون الدين في داخلك حيويا، بالتأكيد كنت قد أحسنت اختيار الذي تستمع إليه وعندما يفقد الدين حيويته، صدق انك كنت تستمع الى رجل دين بائد.
أن الخطباء، من النساء والرجال، الذين أداروا ويديرون مجالس الدين القائمة، البعض منهم كانوا ومازالوا ماكرين: جففو الدين، إذ قدموا للمجتمع مظهرا دينيا بائسا، وطقوسا شكلية وفتاوى مدمرة. فالمناسبات الدينية موجودة ومحترمة للجميع، المساجد والحسينيات موجودة، الكنائس والمعابد موجودة، الناس يذهبون إليها منذ زمن طويل للصلاة مثلا، لكن، بعض هذه المواقع أصبحت شكلية. فلا تنخدعوا بالشكليات، لأنها خداع، هي موجودة لكي تمنحكم شعورا وقتيا بأن مجتمع الجامع أو الحسينية متدينا، ولا حاجة لأن تذهبوا أبعد من هذه الأماكن بحثا عن الدين. هنا تم تحنيط الدين وحفظه في قارورة الجامع والحسينية والكنيسة. الدين هو الحياة كلها وليس محصورا في مساحة مقدارها 100 م أكثر أو اقل.

أحدث المقالات