الاطلاع على التجارب البشرية لمختلف الحقب التأريخية ، يمكننا من ان نصل الى رؤية نقدية لجميع النهضات والحركات الإصلاحية ، حيث انها اشتركت رغم تباين زمكانيتها في استهدافها اصلاح الانسان الفرد ، حيث كان الفرد وسيلة النهضة وغايتها ، وهو الامر الذي لا يمكن التغاضي عنه بأي شكل من الاشكال ، لانه بخلافه الحركات تكون اما ظالة ولا تعرف من أين تبدأ ، او انها تتظاهر بالضياع بينما هي حركة ظلامية لا تبحث عن ارتقاء !
الديمقراطية سلوك قبل ان تكون شعار لنظام سياسي ، قد يصدق تارة بشعاره ، وقد يستخدمه وسيلة لإسكات المخالفين تارة اخرى ، تظهر من خلال تقبل الاختلاف بين فئات المجتمع ، وبين الحكومة والمجتمع المؤسس لها ، وهذا ابرز ما يجب التاكيد والتركيز عليه ونحن نمر بمرحلة يرفع الكثير فيها شعار الاصلاح ، بغض النظر عن صادقهم ومخادعهم ، مالم تطرق أبواب العقول الافكار النهضوية الدافعة للعمل ، وننطلق من مفردتي المعرفة اولاً بحلول المشاكل ، والفاعلية في تطبيقها ثانياً ، سنكون كمن ينظر لجرحه النازف ولكنه لا يحرك ساكناً سوا انه يعرف بذلك !
العسكرة التي غزت المجتمع وان كان بعضها مبرراً ، وان الوطن احوج الى البندقية من القلم على حد تعبير احد الاصدقاء ، وكأننا مجبرون على المفاضلة بينهما ! ، الا ان العسكرة باتت تقتل فينا الروح المدنية ، وننفر بسببها من أسس التفكير الديني العقلاني ، القائم على أساس التعايش السلمي ، والحوار المتسامح الذي ينتج اتباع احسن القول ، وتقبل النقد والملاحظات بروحية متوازنة لا تخشى ان تكون مخطئة ، لنغمض اعيننا ونفتحها على أصوات طبول الملحمة الديمقراطية ، ليكون معيار المجتمع في اختيار الاصلح للسنوات القادمة ، لا لمشروع او رؤية او خبرة سياسية في ادارة الأزمات الا لانه يرفع الشعارات العسكرية ، لنكون امام حقبة يدار بها البلد بلغة عسكرية غير مباشرة اصلاح المنظومة الفكرية يجب ان تكون على رأس الاولويات التي تبتغي الاصلاح ، فكل ما ينتج من سلوك ومواقف لا ينبع من فراغ ، وانما ينبع من متبنيات فكرية قدمت سلوكاً على اخر ، لنعرقن ثورة الكاسيت ، او نعرقن نظرية العقد الاجتماعي ، ونبدأ ببناء الذات العراقية بناءاً فكرياً ، يجعله يرى بعين يومه لا بعين أمسه ، ليرى التعايش وتقبل الآخرين سلوكاً حضارياً ليس انبطاحياً ! .