هو واحد من سني عمري. ذهب ولم يبق منه سوى الذكريات كغيره . انجزتُ فيه كتاباً اتخيلُ فيه وجه أمي في عامها التسعين . وذرفت فيه دمعة لرحيل كائنات احبها . اصدقاء طفولة .ممثلة مصرية أسمها هند رستم .لاعب كرة قدم برازيلي أسمه سقراط . أناس المفخخات والاحزمة الناسفة وكواتم الصوت بعضاً من حزن عام 2011 . وربما لأني أعيش في المانيا وعلى أرضها مقيماً بصفةٍ دائمة حزنت ايضا على الاخطبوط بول الذي كان يتنبأ في مباريات كأس العالم وغير ذلك أحصيت لحظات سعادتي بكتبي الجديدة واصدقائي الجدد واحلامي الجديدة لوطني ولبيتي ولجياع هذا العالم.
راقبت الأحداث ، وتخيلت العالم في عولمته الجديدة .اعجبني ليل دبي وهو يقترب من عصر الاساطير وضحكت على بلديات بلادي وزاراتها الخدمية . وضحكت أيضاً على بعض طواويس الادب الفارغين وعرفت امراض ارواح من خلال قراءة نصوصها فيما قَدست نصوصاً رائعة لاقلام مسكينة وطيبة ومنزوية ولكنها تكتب بجدارة.
كاد عام 2011 يدفعني لاكره نوع ما من البشر .ولكني حافظت على احساسي لشعوري ان روحي التي احبها وتحبني وامضي بها تعيش الثبات في ضميري وكما عودني ابي رحمه الله قوله : إن التفت الى عبارة من يستخفُ بكَ فلن تكون في يوما ما رقما في معادلة الحياة.
لهذا حرصت لأكون وفيا الى تلك البساطة التي اعيش فيها .الراتب القليل والقصيدة اليومية والابتسامة المغلفة بنبض قلبي الى الذين اشاركهم صناعة الوجود ويومه دون ان اكون ببغاءً وحاقدا وماسكا بالرفش والمطرقة وابحث عن الوجوه لامزق الماضي في ملامحها. وسأبقى هكذا لأظمن لقصصي وقصائدي ونصوصي شبابا دون امراض ودون نجومية زائفة لأن الحكمة في ايصال القناعة الى تحت اجفاننا تحتاج الى جهد قلوبنا فقط .
عام 2011 .بقي المشهد ذاته لصيق عجيب بما تغير بعد احداث منهاتن .لكنه تلون بظاهرة الربيع العربي وعربة البو عزيزي التي انشأت ثورة ساحات التحرير. لكن عام 2011 الذي صنع للربيع العربي ثوراته اشعر انه لم يزل يمسك عكازا .ولم تزل العروش تحصد الاحلام بذات الطرائق التترية والمتخلفة عندما تشعر أن ظلالها موجودا في لحى السلفيين وهروات الشرطة وهي تعري صدور النساء بالضرب في شوارع القاهرة.
ابقى عام 2011 وجوها كليحة ( بالنسبة لي ) تتباهى بمقالاتها ومراهقتها .كتاب متمرسون ، اصحاب مواقع الكترونية . مالكي دور نشر . نواب برلمانيون ، شعراء العقدة والطاووس ، أناس مصابون بالوهم والعاهة النفسية التي تمنعهم من التواضع والاعتذار .وفي الجانب الآخر كان هناك أناسا مبدعين ورائعين وطيبين وشجعان .يعيشون اليوم في المدن التي اعشقها الناصرية ، وبغداد ، وبيروت ودمشق وبرلين وكل مدن الارض.
عام 2011 لم يحرمني من الجوائز الادبية التي تعودت عليها ففزت بجائزة الساعاتي بأدب الرحلات عن حكايتي مع مدينة طنجة المغربية . وصدرت لي 8 كتب جديدة عن دار نينوى ومثل كل الاعوام ظل عام 2011 هو العام المندائي بالنسبة لي . صوتي ظل عازفا لاحلام طريق هذه الطائفة الازلية وأصدرت عنهم كتابا جديدا عنوانه ( مونليزا مندائية على جدران اللوفر) وكتبت عنهم في هذا العام عشرات النصوص بحثا في التبشير بهذه الروح الطيبة والتي تتعرض الى محنة وجودها على ارضها الازلية في شواطئ الرافدين.
ووفاء للاهوار اصدرت ايضا عنها كتابا هو الرابع مع سيناريوش سينمائي عن هذا المكان الساحر وهو جزء من الوفاء لمدرستي الريفية التي تعينت فيها معلما مدرسة ( بلال الحبشي ) في اهوار منطقة غلوين بقضاء سوق الشيوخ .وهي ذات المنطقة التي تعين فيها معلما لأول مرة القاص العراقي الكبير محمد خضير.
عام 2011 .سيمضي غدا . لكن أنا من بقى وأصدقائي الطيبين ..وهذا هو المهم بالنسبة لي …!