22 نوفمبر، 2024 7:57 م
Search
Close this search box.

مقامة عراقية ( بيت المال )

مقامة عراقية ( بيت المال )

حدثني الشيخ السعيد أبو مجيد فقال :
بينما أنا جالس في المقهى عصر يوم الخميس ، أسبح الله بمسبحتي وأتعوذ من أبليس ، إذ نادى المنادي :
” أن تجمعوا يوم غد قرب النادي ، ولا يتخلفن أحد عن الميعاد ” وأخذ يحث الناس على المسير، وحذرهم من التقصير ، فالأمر جد هام ، ويستحق من الرعية الاهتمام .
وكعادتي في التزام الطاعة ، وعدم مخالفة الجماعة ، قررت الابكار في الحضور ، وتناولت طعامي في السحور . وخرجت راكبا حماري ، يرافقني صديقي وجاري ، وزميلي في لعب الأتاري ( أبو ساري ) . وهو رجل لطيف وظريف ، وان كان في طبعه خفيف وضعيف . وأخذنا نسلي بعضنا بعضا في الطريق ، بالشعر والغناء والتصفيق . وصلنا قبل أنتصاف النهار وكان الجو جدا حار ، وبعد ساعة من الانتظار ، أطل علينا رجل ومعه المختار . ثم تكلم الأخير وابتدأ بحمد ( الله ) والثناء على الأمير، وبعدها أخذت لهجته بالتصعيد ، وأخذ يهدد الناس بالوعد والوعيد ، والقتل والسجن والتشريد . وبعد أن أنتهى المختار من التهديد ، من غير أن يفهم الحضور منه المفيد ، أخذ الرجل الذي بجنب المختار بالكلام قائلا :
” أيها الناس : إني أقرأ في وجوهكم السؤال ، وفي شفاهكم القيل والقال عن السبب في هذا المقام والمقال .
أيها الناس : لقد حل بكم والدولة الوبال ، فاستعدوا للفقر وسوء الحال ، فقد سرق بيت المال ، من قبل الأوغاد واللصوص والجهال ؛ ولهذا فقد أمر سيدي الأمير ، بقطع الحصة عن الغني منكم والفقير، فعليكم بالحرص
والتقتير ، فان خير كنز القناعة ، وانتظار الفرج في كل ساعة ، أعاذنا ( الله ) وأياكم من المجاعة ” .
وقبل أن يتم الرجل الكلام ، أو ينهي كلمته بالسلام ، هاجت الجموع وماجت وكثرة الاشاعات وراجت ، عندها ركض الناس في كل حدب وصوب ، بين سارق للطعام والثوب ، وحارق ومدمر للبناء والطوب .
وركضت منهم جماعة كبيرة ، مناديا بالويل للأمير والأميرة ، والدولة والحكومة الحقيرة ، عندها هرب المختار ، ووقع صاحبه في أسر الثوار . عندها أخذتني الحمية ، لنصرة الضحية . وبعد شتم وسباب ، وضرب على الأرجل والرقاب ، وصلت إلى رجلنا المنشود ، وهو ممزق الثياب والخدود فاذا هو صاحبي ( أبو الدروب ) . 

أحدث المقالات