شهدت منطقة الشرق الاوسط تسارع، خصوصاً بعد مجيء ترامب الى البيت الابيض ،إذ رجحت التقارير سعي الادارة الامريكية الى اعادة النظر في سياستها تجاه الشرق الاوسط ، ومحاولة توسيع رقعة نفوذها ، وتغيير على خارطة الشرق الأوسط الجديد ، ولكن دخول الدب القطبي كلاعب محترف في الساحة الشرق اوسطية ، وتحديداً في سوريا ، جعل خطة اللعب تتغير الى عدم الاندفاع نحو المواجهة ، والاكتفاء بالتفرج على اللاعب الابرز ” داعش ” الذي يعتبر الأداة الرئيسية في خطة تغيير معالم خريطة الشرق الاوسط ، الامر الذي يجعلنا أمام متغيرات جديدة ، تحمل أحداث مهمة ، من زيارة وزير الخارجية السعودي الى العراق ، ولقاءه المسؤولين العراقيين ،بعد قطيعة دامت لعقود ، على أثر اتهامات بدعم مملكة آل سعود للجماعات المسلحة في العراق ، وسفر السيد العبادي الى أميركا ولقاءه مسؤولي الادارة الاميركية ، وطريقة الاستقبال التي حضي بها في البيت الابيض مما يجعلنا أمام احداث ربما تجعل من العراق اللاعب الابرز في المنطقة مستقبلا ً .
الادارة الاميركية سعت الى كسب العراق الى جانبها في الحرب على داعش ، ومحاولة إبعاد الأخير عن أحضان إيران ، الامر الذي حدا بالإدارة الاميركية تشجيع السعودية على ارسال مبعوثها ” وزير الخارجية السعودي ” الى العراق ، وتقديم كل انواع الدعم المالي والمعنوي ، في اعمار المدن المحرر من بطش داعش ، وفتح باب العلاقات بين البلدين على مصرعيها عبر لجان شكلت لهذا الغرض ، عقدت اجتماعاتها على عجالة في محاولة في تقريب وجهات النظر ، وتسريع تطبيع العلاقة بين البلدين ، وهذا يدخل في خانة استعداد الادارة الاميركية لتحييد أيران عن المشهد في المنطقة ، وتقويض نفوذها وسيطرتها على خيوط اللعب فيها ،عبر تكسير الادوات التي تملكها ، والخطوة الاولى بدأت من العراق ، عبر فتح العلاقات السريعة والواسعة مع السعودية ، على أن تلحقها خطوات في تقويض ” حزب الله اللبناني ” والذي يعتبر لاعب آخر برز على الساحة العربية والسورية تحديداً ، وكان أحد الاسباب المباشرة في شل حركة داعش وأنهاء وجوده في الاراضي السورية .
العراق ومع غياب الاستقرار السياسي الا انه يشكل تهديدًا وفرصة للدول المتصارعة في المنطقة ، فقد تعاملت السعودية مع التغييرات التي شهدها العراق بشكل عبّر عن رفضها للبناء الجديد في الحكم ، والذي حمل تغييرات ترتب عليها تراجع القوى السنية وصعود القوى الشيعية والكردية، وعبّر هذا الرفض عن نفسه بدعم مجموعات سنية متشددة ، سميت فيما بعد بمسميات متعددة ( داعش ، القاعدة ، وغيرها من مسميات ) ، لكن السعودية فيما بعد تعاملت بصورة واقعية مع هذه المتغيرات وتقبلت فكرة التغيير السياسي في العراق وتحاول أن تكون مؤثرة في العملية السياسية وعقب التطورات الأخيرة واجهت السعودية اتهامات من قبل العراق بأنها “تدعم المجموعات الإرهابية”، وردّت السعودية بعرض التبرع للعراق، وبدت حريصة على أن لا تظهر بأنها تقف في صف المجموعات السنية المتهمة بـ”الإرهاب” ، الا أن المؤشرات تثبت أن اكثر الدول الداعمة للمجموعات الإرهابية في المنطقة تنطلق من السعودية ، ويعتبر المال الخليجي هو ابرز الاموال التي يتحرك بها الارهاب الداعشي في المنطقة عموماً ، كما أن ايران وتركيا تتفقان في النظر إلى وحدة العراق وتبعات تقسيمه، وتدرك أن غياب الاستقرار سيدفع إلى المطالبات بالانفصال بصورة أكبر. وتقف القضية الكردية على رأس التحديات التي تواجه تركيا أيضًا، وطبيعة علاقاتها مع العراق، كما يلعب التفوق التركي واعتماد العراق على تركيا في مجال الماء وخطوط المواصلات دوره في تشكيل العلاقة بينهما ، لهذا يسعى العراق الى ايجاد التوزان المطلوب في أي علاقة مع الجيران ، وعدم اتخاذ المواقف المتشنجة تجاه أطراف الصراع .