الحشد الشعبي العراقي المقدس، حمي الحمى الحبيب، وطن الحضارات والخيرات والمقدسات ومطمع الأفاكين وشذاذ الآفاق، من منبع رافديه حتى مصبهما. بعد عرض اللاشرعي مسعود برزاني بصفقة صفاقة خيانية، حقول نفط شمالي العراق لبيعها إلى سيدته تركيا، بَدَتَ وزارة الاتصالات في العراق، كما لو أنها تسير على عكس منطق الدول وسياساتها في أمن الاتصالات وحصانة تقنيات التواصل مع الشبكة العالمية، بإصرارها على المضي قُدما في عقد “Symphony” الذي يجعل من معلومات العراق بكل ما تعنيه من أسرار حكومية وتحركات عسكرية، وفعاليات مخابراتية، وأمن الأشخاص، لقمة سائغة في أفواه المسؤولين الأكراد، ورجال أعمالهم والشركات التي أسسوها بالتنسيق مع دول ومحاور إقليمية، تحت واجهات وأسماء مختلفة، تسعى الى سيطرة معلوماتية استخبارية على العراق. وفي حين، يترقّب العراقيون، من المسؤولين في الاتصالات العراقية ترسيخ امنهم السيبرياني، واستثمار هذا القطاع المهم في تنمية الاقتصاد، وتعزيز الميزانية عبر الاستثمار، وَقَعَ الذي لم يكن يتمناه المواطن، بفرض عقد شركة Symphony على الدولة، والذي أهدر فرصة استثمارية على العراقيين بمنح نحو 83% من قيمة العقد الى الاقليم، وفتح نافذة التجسس الأجنبي على المعلومة العراقية، عبر إقليم شمالي العراق، وفي مقدمة تلك الدول، إسرائيل التي تحاول جاهدة تثبيت مراكز تنصتها في داخل العراق عبر الشركات الكُردية. وفي تفاصيل العقد، فانه قد وُقّع عام 2011م في حقبة وزير الاتصالات محمد توفيق علاوي، بين الوزارة و شركة “Symphony” التي تعدّ واجهة لشركتي “EarthLink” و “نورزTail” التابعة للحزب الديمقراطي الكردي. ولا يحتاج هذا السياق، الى دليل، اذا ما عُلِم ان مصر، نجحت عام 2011، في الكشف عن شبكة تجسس إسرائيلية، تقوم بالتجسس على الاتصالات الدولية لمصر وسوريا والسعودية واليمن وليبيا والجزائر وإيران ولبنان والعراق من خلال شرائح التليفونات المحمولة Sim.
وتتعزّز مصداقية ذلك، بما نُشر في وسائل الاعلام عام 2015 عن ان مخابرات اقليم كرد العراق تتجسّس على مؤسسات الدولة العراقية، حين كشف مصدر مطلع، عن ان جهاز المخابرات الوطني، رصد حالات تجسس، يقوم بها جهاز مخابرات اقليم كرد العراق الذي يشرف عليه مسرور برزني بشكل مباشر. ما دفع المصدر الى القول بان الإقليم يراقب ومنذ مدة الاتصالات الهاتفية في العاصمة بغداد عبر أجهزة تجسس متطورة. والمساءلة التي يتعجّل طرحها في هذه الحالات: كيف يصبح مصير الأمن المعلوماتي، حين تُسلّم الاتصالات العراقية بيد أوغاد الاكراد، الذين لا يتورعون بحكم علاقاتهم التبعية لدول أجنبية، ليس في إعطاء المعلومات المهمة، فحسب، بل في بيعها الى الدول المجاورة وعلى رأسها تركيا وإسرائيل؟!. لقد فتحت وزارة الاتصالات عبر عقد Symphony، النافذة، مشرعة أمام الأكراد والدول الإقليمية سيما إسرائيل، لاستغلال شبكات net عراقية لخدمة أهداف مرتبطة بأجندة تجسس لصالح دول إقليمية، ما يجعل من سلامة البنى التحتية للمعلومات الوطنية الحساسة وحتى المعلومات الشخصية في ساحة عرض مشاع وأرض مستباحة للشركات والدول المرتبطة بها. ولا أحد يرصد إشكالا في الاستثمار بقطاع الاتصالات الذي يمثل المردود الثاني للعراق بعد النفط، لكن العُقدة تكمن في العلاقة المخابراتية، والمشاريع الخاصة من خلف كواليس صفقة “Symphony”، التي تحوّل المشروع الاستثماري الى وسيلة للتجسس على العراقيين، الامر الذي يوجب إيقاف تمرير صفقة العقد الذي يمزّق بسكين كردية عصب الاتصالات العراقية، ويكرسها بؤرة تجسس لإسرائيل وغيرها. وحيث إنّ أي ردّ فعل إيجابي من وزارة الاتصالات لم يُلمَح تجاه مطالب العراقيين، فانّ احتجاجات شعبية عارمة، أمرٌ متوقَّع،
ما لم ترتفع الجهود الحكومية الى المستوى المطلوب الذي يوقف مخاطر وتهديدات الأمن السيبراني العراقي، سيما والإشارات الملتقطة لا تشير الى ان هذه المخاطر تستفز المسؤولين الحكوميين من أصحاب العلاقة، الذي يتحملون مسؤولية انهيار حماية البنية التحتية المعلوماتية أمام التهديدات التي يمثلها عقد Symphony. وإذا سار الأمر، لجهة تنفيذ العقد وجعله أمراً واقعاً، فالأمر يكون عسيراً على أولئك الذي يستخفّون بحقوق العراقيين، وأعراضهم، وكرامتهم، ممّن يسعون الى جعل الأمن الوطني مستباحاً أمام إسرائيل وسواها.