13 يناير، 2025 11:42 ص

حرب الاغتيالات السرية والهجمات الالكترونية ضد ايران تقترب من مواجهة عسكرية  

حرب الاغتيالات السرية والهجمات الالكترونية ضد ايران تقترب من مواجهة عسكرية  

تظهر الحرب الالكترونية وتدابير أخرى خفية عزم الغرب وأميركا على إبطاء تقدم إيران نحو إنتاج القنبلة النووية. ولكن بعض الخبراء يحذرون من أن “الحسابات الخاطئة” للولايات المتحدة يمكن أن تثير احتمال حدوث مواجهة مكلفة. وتعد هذه الحرب أنموذجا لما يسميه البعض “حرب القرن الـ21” ، نظرا لا استخدامها الجراثيم الالكترونية بدلا من الجنود، والانفجارات الغامضة في المنشآت العسكرية الرئيسية الإيرانية بدلا من القصف الجوي. فعندما افتقدت طائرة تجسس أميركية بدون طيار منذ شهر وسقطت في أيدي الجيش الإيراني، أصبح ما كان يشاع همسا في نهاية إدارة بوش استنتاجا معترف به رسميا فحواه إن الولايات المتحدة ، جنبا إلى جنب مع حلفاء رئيسيين، منخرطة  في حرب سرية متسارعة مع إيران.
ويتمثل الهدف الرئيسي للحرب السرية في عرقلة، إن لم يكن تقويض، تقدم إيران على ما يبدو نحو تطوير قنبلة نووية، وهو أمر لم تفلح الدبلوماسية الدولية وسلسلة من العقوبات الاقتصادية في تحقيقه. وتظهر التدابير أنها مكرسة لتأجيل الحاجة لهجوم عسكري لمنع إيران من الانضمام إلى النادي النووي. ويعتقد أن الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا تشارك في هذه الحرب غير المعترف بها. وفي حين أن ما من جهة أعلنت مسؤوليتها عن العديد من العمليات، فان تكثيفها يحدث فيما تظهر إدارة أوباما مؤشرات إلى موقف متصلب تجاه طهران.
ويقول كريم سجادبور، المحلل الإيراني في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي في واشنطن ان “المواجهة مع إيران كانت بشكل متقطع حربا باردة لمدة ثلاثة عقود، وازداد الجانب الخفي منها زيادة كبيرة في السنوات القليلة الماضية”، مضيفا أن “كلا من الرئيس بوش والرئيس أوباما يعتقدان كما يبدو، أن الوسائل السرية يمكن أن تكون فعالة في تأخير التقدم النووي الإيراني، وتكاليفها السياسية والاقتصادية اقل من الهجوم العسكري”.
ويحذر العديد من الخبراء وضباط الاستخبارات السابقين المتخصصين بالشأن الإيراني من أن تصاعد أعمال العنف في الحرب السرية يهدد بان تصبح صراعا ساخنا”. ويقول ماثيو بون، خبير الانتشار النووي في مركز بيلفر في جامعة هارفارد للعلوم والشؤون الدولية في كامبريدج : “أنا أشك بان يكون للعمليات السرية أثر ملموس، ربما باستثناء الأثر الكبير لجعل الأطراف الضالعة بها أكثر تشددا وتصميما مما كانت عليه من قبل”، مضيفا “انه من الصعب رؤية كيف يمكن لهذا النوع من النشاط السري أن يغير أي شيء، باستثناء ما هو أسوأ.”
يضاف إلى ذلك أن مرشحي الرئاسة الجمهوريين في أميركا يحاولون التباري والمزايدة على بعضهم البعض في إبداء  صرامة  حيال إيران اكبر من مثيلتها لدى أوباما. ويحذر بعض المحللين المختصين بالشأن الإيراني من زيادة فرص “الحسابات الخاطئة” التي يمكن أن تؤدي إلى مواجهة قد تكون مكلفة.
 وتقول باربارا سلافين، وهي زميلة بارزة في مركز جنوب آسيا بالمجلس الأطلسي في واشنطن إن “أنواع العمليات السرية التي نراها الآن هي سيف ذو حدين، لأنه إذا سارت الأمور بشكل خاطئ فيمكن أن نكون في حالة حرب علنية “.ومع إدارة تحت ضغوط سياسية وتبدو أكثر تشددا على نحو متزايد بشأن إيران تقول سلافين أن “الأمر القائم الآن هو أن نصل إلى شهر تشرين الثاني من دون حرب”.
وتصاعد التوتر مع إيران مؤخرا، وإن لم يكن بسبب النشاط السري. وإنما اقتراب الولايات المتحدة من سن عقوبات تستهدف عائدات إيران من النفط. وردت إيران بالتهديد بإغلاق مضيق هرمز الذي يمر منه سدس الصادرات النفطية في العالم. ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة لديها خطة للحفاظ على فتح المضيق، وفقا لتقرير نيويورك تايمز.
وفي الأشهر الأخيرة ، زادت حدة التوتر أيضا مع سلسلة من الأنشطة الغامضة والمجهولة الهوية في إيران. وكان الحادث الذي وقع مؤخرا للطائرة بدون طيار من تلك الأنشطة. وسبق لصحيفة لوس انجلس تايمز الاميركية أن نشرت تقريرا ذكرت فيه أن إيران شهدت سلسة انفجارات غامضة وعمليات قتل استهدفت علماء إيرانيين، إذ وقع انفجار ضخم في قاعدة للحرس الثوري يوم 12 نوفمبر، وهشم معظم المباني. وقال مسؤولون حكوميون ان 17 شخصا قتلوا، بينهم مؤسس برنامج إيران للصواريخ البالستية، اللواء حسن طهراني، إضافة إلى هجمات الكترونية استهدفت تخريب البرنامج النووي الإيراني.
وأوضحت الصحيفة: يبدو العديد من الخبراء الغربيين على قناعة بأن المهندسين الأمريكان والإسرائيليين ادخلوا فايروسا الكترونيا (والمسمى ستكسنت) في برنامج إيران النووي في العام 2010. وتسبب الفايروس، كما يُعتقد، بتدمير أكثر من ألف من أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم الإيرانية، ما تسبب بخروجها عن نطاق السيطرة. لم تعترف حكومة الولايات المتحدة ولا إسرائيل بأي دور في الهجمة الالكترونية.
في أكتوبر ، اتهمت إدارة أوباما إيران بالتآمر لاغتيال السفير السعودي في واشنطن ، في مؤامرة راى فيها بعض المحللين محاولة إيرانية لرد الضربة على العمليات السابقة . وتم اقتحام السفارة البريطانية في طهران في أواخر تشرين الثاني، والانفجار خارج السفارة البريطانية في البحرين في كانون الثاني وهو ما اعتبر إشارات  عن نية ايران للرد على الهجمات والاغتيالات السرية.
ويشك بعض الخبراء بفعالية العمليات السرية كثيرون في تقليص نشاط إيران لتخصيب اليورانيوم بشكل دائم. فإيران تمتلك العديد من العلماء والمصممين للصواريخ بشكل يتعذر على أجهزة الاستخبارات الغربية القضاء عليهم جميعا. ولكن عمليات الخطف قد تثير أجواء من عدم الثقة لدى العاملين في البرنامج النووي الإيراني.
يشير البعض إلى قصف إسرائيل للمفاعل النووي في العراق في عام 1981 كدليل على أن النشاط السري لا يوفر بالضرورة وسيلة لتجنب العمل العسكري — بل وربما يجعله أكثر احتمالا. وقد تم استهداف العلماء النوويين العراقيين من قبل مجهولين (يفترض أن يكونوا عملاء إسرائيليين)، ولكن ذلك لم يمنع الغارة الجوية. وقد خلصت أبحاث في السنوات التي تلت الهجوم إلى أن الغارة الإسرائيلية دمرت المفاعل النووي العراقي، إلا إنها شجعت صدام حسين على جعل برامج أسلحته أكثر سرية.
ويقول السيد سجادبور من مؤسسة كارنيجي إن إيران قد ترحب حتى بالمواجهة العسكرية مع الغرب ، وخصوصا إذا كانت تتعلق بضرب منشآتها النووية ، التي هي مصدر فخر قومي كبير. وأوضح ان “هناك قلقا مشروعا من أن إيران قد تسعى إلى إثارة حريق عسكري، من أجل رأب صدوع سياسيتها الداخلية، سواء بين النخب السياسية أو بين المجتمع والنظام. “
ولكن حتى بعض الخبراء العسكريين الإسرائيليين يقولون إن قصف المنشآت النووية الإيرانية سيكون في أفضل الأحوال وضع حد للقنبلة  فقط ولكنه ربما يعزز عزمها على بناء سلاح تدعي أنها لا تطوره.” وعلق الباحث الإيراني سجادبور بالقول: “إذا استمرت إيران في وضع كل من الإرادة السياسية والموارد الاقتصادية الهائلة وراء تعزيز قدرات أسلحتها النووية، يمكننا في أحسن الأحوال تأخيرهم فقط في أفضل الأحوال”.
عن صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الاميركية. ترجمة وإعداد كتابات

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة