مع حلول نهاية عام 2011 وبداية عام 2012 ، طرأ على العراق تغييرات جديدة بحدث تاريخي أيجابي كبير ، مفاده جلاء القوات الأمريكية من العراق ، وهو في طريقه لأستكمال أستقلاله السياسي والوطني ، بعد تغييب سيادته التي فقدها قبل 2003 وبعدها ، بأنتظار خروج العراق من البند السابع ، وهو مطلب جماهيري تاريخي كبير ، تتحمل مسؤوليته جميع القوى والتيارات السياسية المتحملة سلطة العراق الحالية ، المشاركة على كعكة السلطة العراقية بتناقضاتها القاتلة وصراعاتها الحادة ، التي يدفع شعبنا مزيداّ من الخراب والدمار ، في البنيتين التحتيتين الأنسانية والعمرانية ، بعيدا عن الروح الوطنية المسؤولة والصادقة حتى مع النفس الانفرادية ، بلا وازع دين ولا ضمير ، التزاماّ بالطائفية والتعنصر القومي المقيت ، والتحزب والتسيس الديني وأدلجته ، لضرب الوطن والانسان العراقي معا ، بعد معاناة عقود من الزمن الغابر الطاحن القاتل المدمر ، في ظل حكومات دكتاتورية أستبدادية سابقة ، ولاحقة في ظل الأحتلال المدمر والهادم لمقومات الدولة العراقية ، لتأمين المصالح الذاتية الضيقة ، من خلال النهب والسلب وسوء أدارة وتفسخ مالي وأداري ، من قبل القوى الحاكمة بديمقراطية مزيفة ومبتورة في ظل الفوضى العارمة ، التي خدمت الأحتلال والقوى السائرة في ركبه.
الوضع الحالي بات لا يطاق ولا يتحمل أطلاقاّ ، يعاني التوتر والانفجار في اية لحظة ، كل الاحتمالات قائمة سوءاّ ، ليس من باب التشاؤم أبدا ، لكنها هذه هي االحقائق والواقع الملموس المقروء ، لان السلطة متغطرسة ومتعالية لا تملك الحس الوطني ألأنساني ، لا تبالي بالنتائج المرادفة لتوجهاتها المدمرة ، ليس لها برنامج عمل ولا نظام داخلي مقر تعمل وفقه ، أدى الى سوء أدارة وضعف الأداء الملحوظ ، لأن الكادر الأستشاري للسلطة ممزوج ، بين الغباء الفكري والسياسي وضعف المعلومة من جهة ، وتقريب الكادر البعثي المتمرس على العنف ، وألغاء الآخر وعدم تقبل الفكر الآخر والرأي الآخر ، كونه مملوء بالفيروس الأستبدادي الدكتاتوري من جهة أخي من جهة أخرى ، ولهذا ترى السلطة المالكية تعاني التخبط وضعف الرؤى ، في معالجة اي طاريء يحدث هنا وهناك ، تنزلق في التدخل السافر بأمور لا تعنيها ، ومنها القضاء على سبيل المثال وليس الحصر ، ناهيك عن محاولات متعددة وممارساة مدانة ، لتغييب دور السلطة الاعلامية عن عمد ، لتزيد من عنجهتها وصلافتها وفرديتها ، وكأنها هي البديلة عن السلطتين القضائية والاعلامية ، لتقع في منزلق خطير لا يحمد عواقبه.
الفرقاء المتحالفين على اساس الشراكة الوطنية المزيفة ، هم جميعا يتحملون المسؤولية الوطنية والتاريخية لدمار البلد والانسان معا ، هؤلاء جميعا عليهم الرحيل من الساحة السياسية ، باتوا فعلا لا يصلحون لممارسة اي عمل سياسي ، لان الأداء كان ولا يزال لا ينفصل ، عن مصالحهم الفردية والشخصية المشخصة حزبيا وطائفيا وقومياّ عنصرياّ ، ولهذا فقدوا وجودهم الوطني الأنساني ، كونهم لا يفقهون أو لا يريدوا ان يفقهوا تلك المهام العسيرة التي تنتظرهم ، ولهذا فقدوا البوصلة الوطنية والأنسانية كون السلطة مغرية بكراسيها المريحة وفسادها المرعب ، لا حكومة الوحدة الوطنية السابقة ، ولا هذه الحكومة بشراكتها الوطنيية انتجتا شيئا مفيداّ للشعب وللوطن ، وهو تواصل محزن وتحمل شعبي مخيف ، لأزمة خانقة طيلة عقود متواصلة لأرهاب سلطات متعاقبة مدمرة ، وحروب متعددة داخلية وخارجية بتدخلات مختلفة لجوانب عديدة ، وهي حالة مدانة من الشعب ، مطلوب منه قول كلمة حق ضد الباطل ، ورؤى حية مسؤولة لأختيار ما هو الأصلح والمفيد والافضل له وللبلد ، الى متى يبقى هذا الشعب أسير الملاطفات والتقبل بالخداع والهرولة وراء الأفتراء والدجل ؟؟، الى متى يرى طريق النور والخلاص ، من ظلم ساسته العملاء للاجنبي العربي والاقليمي والدولي؟ الى متى يقبل هذا الشعب الحي ، بالتشرد من دياره ليترك تاريخه ووجوده ليرحل الى الاغتراب ويتقبل به طوعا؟؟ الى متى يبقى أسيراّ للظلم مساوماّ مع الظلاّم؟ الى متى يبقى خازنا كلمة حق في فكره وقلبه ،من دون الأباحة بها وتطبيقها عملياّ ، ليبقى مريضاّ تتغذى كلمة حق لتأكل دماغه؟ وهو غير قادر ان يخرج من سباته ، التي أرهقته وجعلته أسير المصالح الذاتية والشخصية ومع الطائفية والعقلية القومية الضيقة.
سياسة الماكي لم تتوفق في تعاملها ، مع الكتل السياسية المتفقة على الشراكة مع العراقية وحتى التحالف الكردستاني ، ولم تتمكن من تنفيذ التزاماتها تجاه الأقليم ضمن 19 نقطة ، التي طرحها التحالف الكردستاني ووافق عليها المالكي مقراّ الألتزام بتنفيذها ، لكنها بقيت حبرا على ورق وخصوصا تنفيذه المادة 140 ، المتفق عليها دستورياّ والمطلوب من جميع القوى السياسية الالتزام الكامل بها ، دون قيد النزاع والوعود الفارغة المزيفة ، كونها حق شعب وأمة كردستانية حاضنة للكرد والكلدان والتركمان والعرب والآشوريين والارمن والسريان قومياّ ومتعددة الأديان من المسلمين والمسيحيين واليزيديين والصابئة ، هذه البقعة الجغرافية المتميزة في تركيبتها القومية والأثنية والدينية والجغرافية ، تعتبر حالة متقدمة في المحيط العراقي ، قياسا بجنوب كردستان من أرض الرافدين ، كذلك سياسة المالكي طيلة اكثر من سنة من تشكيل الحكومة ، لم تكن نواياها صادقة ، في التزامها مع القائمة العراقية ، بتقاسم الوزاراة الامنية ، كما في المجلس السياسي الأستراتيجي ، لرسم الخطوط الأساسية لبناء الدولة العراقية الحديثة ، بمؤسساتها المغيبة والمدمرة ، بعيداّ عن تحقيق أبسط قواعد العدالة النسبية المغيبة ، كما لا يخفى الصراع القائم بين قوائم التحالف الوطني نفسه المتحالف مع المالكي ، من كتلة عمار الحكيم والصدريين وبما فيهم الدعوة المتعدد الأتجاهات والفضيلة وكتلة وطنيون ، ناهيك عن قائمة دولة القانون نفسها التي أنسحب منها حعفر أبن باقر الصدر معتزلا السياسة وتاركاّ القائمة ، معنى هذا لم يكن احداّ مرتاحاّ قبل وبعد تشكيل الحكومة ، ولهذا أشتد ويشتد الصراع بين المتحالفين أنفسهم ، ليشكلوا أزمات وصراعات فيما بينهم ، دون مبالاة لحقوق الوطن والشعب ، الذي وثق بهؤلاء القادة المعززين لذاتياتهم ومصالحهم ومآربهم ونواياهم وأبتزازهم ونهبهم وسلبهم وتفسخهم ماليا وأدارياّ ، والشعب المسكين يدفع الثمن والدم والمال رخيصا ، بسبب فطريته وضعف وعيه السياسي والأجتماعي والاقتصادي وحتى الديني ، وهذا ما كلفه الكثير بسبب هذا التوجه الغير المبرر الذي لايخدمه حاليا ولاحقاّ اذا أستمر في غيّه وفطريته وقلة وعيه.
ما المطلوب لمعالجة الوضع:
لا بديل ألاّ . بتغيير الوضع المؤلم الأليم ومعالجته بحكمة وموضوعية ، بالمثول لأرادة الشعب الحيّة ، من خلال وصول قوى وطنية نظيفة مثقفة واعية ناكرة لذاتها ، مؤمنة عملياّ في حب الوطن والشعب والتفاني من أجلهما ، تحترم الرأي والرأي الآخر ومع الرأي الصحيح الخادم للقضيتين الوطنية والأنسانية ، بلا محسوبية ولا منسوبية ، مع القانون العادل الدائم ، بجانب الدستور رغم نواقصه الحالية ، لأستكمال تشريع فقراته والقوانين المتعددة لأحيائه وديمومة بقائه ، والحفاظ على ما هو مفيد لخدمة الشعب والوطن معاّ ، بعيدا عن النظرة القومية الضيقة المتعصبة ، وبعيداّ كل البعد عن الطائفية اللعينة ، التي نخرت العظم االعراقي وانتشر سرطانها أنثويا في جسده ، وتفسخت خلاياه والرئتان خالية من الأوكسجين ، وتعطلت الكليتان وتخثرت دوماء العراق ليتوقف قلبه النابض ، وهو في طريقه الى الموت المحتوم ، اذا بقيّة الامر على ما هو عليه بشكله المخيف المرعب حالياّ ، لذا يتطلب الآتي:
1.البناء الذاتي للقوى الوطنية الديمقراطية ، من خلال الالتقاء على قاسم مشترك أصغر ، بعد تغليب المصلحة العامة وطنياّ وشعبياّ ، على جميع المصالح بعييداّ عن الأيديولوجيات الفكرية المختلفة ، لابد من الوعي الكامل لعبور المرحلة الصعبة والدقيقة ، مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية والسعي الجاد لبنائها العادل ، مع مراعاة الظروف الذاتية للبلد والظروف الموضوعية للمنطقة والعالم.
2.طرح مشروع وطني متكامل يتم مناقشته ، من قبل جميع القوى التي تهمها مصلحة الوطن والمواطن وبنائهما ديمقراطياّ ، وتوحيد الجهود بنوايا صادقة ومسؤولة وجادة ، والاخذ بجميع الآراء المنصبة في معالجة الأمور بدراية وحنكة ، للسير قدما لرسم طريق المستقبل الناجح لعبور المرحلة بأمان وسلام ، نحو الاستقرار الدائم بتطور لاحق.
3.عقد مؤتمر وطني عام تشارك به جميع القوى الوطنية الديمقراطية التقدمية من ضمنهم المستقلين ، دون اقتصاره على الكتل السياسية الحكومية الحالية ، لوضع برنامج معد ومتفق عليه سلفا من حيث المبدأ ، مع صياغة النظام الداخلي يجمع الجميع للعمل ، وفق فقراته بعد المصادقة عليه ، وتشكيل جبهة عمل قادرة على معالجة الامور والعبور الى المرحلة المطلوبة المتفق عليها ، لبناء وطن وذاتية شعب يعي متطلباته وواجباته على أحسن وجه.
4.النضال الجاد لتغيير القانون الأنتخابي الحالي ، مستندين الى قرار المحكمة الدستورية العليا بعد الانتخابات الاخيرة في 2010 ، ومعالجة أخطائه ونواقصه ، خصوصا جعل العراق دائرة انتخابية واحدة ضمن قوائم مكشوفة ، لأن عضو البرلمان هو للعراق كله وليس لمنطقته أو محافظته.
5.أصدار قانون للاحزاب العراقية لأجازتها قانوناّ ، وتحديد التموين والتمويل العادل لخوض الأنتخابات بجدارة وعدالة ، لتسود الشفافية في الأنتخابات ، وسير العملية السياسية الى الأمام في تقدمها الدائم.
6.الغاء المفوضية الحالية للانتخابات ، وجعلها مفوضية مستقلة غير حزبية وغير محاصصية ، تتوفر فيها النزاهة والشفافية والعدالة تنفيذاّ للقوانين والمواثيق الدولية وصيانتها من التلوث ، وتحترم الدستور الدائم ، في تبادل السلطة سلميا.
7.وضع حلول عملية جادة التنفيذ ، لجميع المشاكل القائمة بين الحلفاء والمختلفين ، ومعالجة الوضع الانساني المتردي من جميع الأوجه ، ومع حقوق الانسان ، احتراما للمواثيق الدولية الأنسانية.
8.تنفيذ المواد الدستورية وقراراتها المتعلقة في الحقوق القومية بتنوعها ، ووضع حلول عاجلة ومدروسة ، لتنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي المتفق عليه والمقر شعبياّ عام 2005 .
9.مساواة جميع العراقيين في الحقوق والواجبات ، أمام السلطات العراقية التنفيذية والقضائية والتشريعية والأعلامية ، ونبذ الطائفية والتعنصر القومي المقيتين.
10. الغاء جميع القوانين الصادرة من قبل الأنظمة الأستبدادية المتعاقبة ، خصوصا في زمن البعث الفاشي التي لا زالت سارية المفعول حتى اللحظة.
11. العمل لأيجاد ارضية وطنية خصبة ، تعي المهام الوطنية وبناء الديمقراطية على أسس علمية حضارية مدنية متقدمة ومتطورة.
12.أحترام وتقييم جميع القوميات الأصيلة ، خصوصا الكلدان والآشوريين ، أصحاب الارض في بلاد ما بين النهرين ، أسوة بالهنود الحمر في أمريكا ، وأوبرجين في أستراليا ، وأعتبارهم بحق وحقيقة متميزين عن غيرهم ، تحقيقاّ للعدالة في وطننا العراق.
13.بناء أقتصاد متين مزدوج التنفيذ من قبل الدولة العراقية ، وبالتعاون مع القطاعات الأخرى المختلط والخاص ، لخلق اسس المنافسة والتقييم ، للأكتفاء الذاتي مستقبلاّ وأسترشاد الأقتصاد وتنوعه وتطوره ، للاستفادة من فائض القيمة ، لتحويلها الى منافع وأمتيازات للعاملين ، في جميع القطاعات المختلفة بالاستفادة من الأرباح المضمونة ، والحفاظ على العملة الصعبة للبلد ، لتدويرها محلياّ لمنع تبعثرها وسرقتها أجنبياّ ، وبهذا تتبخر البطالة ، وتقليص في البطالة المقنعة بعد توفر الامن والأمان والأستقرار في العراق .
14. الأهتمام بالمبدعين والمفكرين والفنيين والمثقفين والرياضيين والتكنوقراط ، وأصحاب الكفاءات والمهنيين في كافة المجالات ، وخلق هجرة معاكسة من الخارج والى البلد ، بعد قطع دابر الهجرة والتهجير من العراق الى الخارج ، بعد جعل المواطن العراقي سيد نفسه ، بما يفكر ويبدع ليمارس حريته بجدارة ، من دون قيد أو شرط.
15.قلع وانهاء تواجد المحسوبية والمنسوبية في اوساط الشعب العراقي ، وجعل الأنسان العراقي في الموقع المستحق المتمكن بجدارة وحنكة أبداعية.
16.أيجاد قضاء عادل متميز نزيه محايد غير مسيس ، يتصف بالموضوعية في معالجة الامور بحكمة ودراية ، ينفذ واجباته بعدالة مع تطبيق (القانون فوق الجميع).
17. العمل وفق مبدأ (أحترام لحقوق وواجبات الشعب العراقي) ، والعمل على توضيح واجبات الشعب تجاه البلد وحقوقهم الكاملة ، التي تمنح لهم بعدالة وبلا منّة عليهم.
18.توفير الخدمات الكاملة للشعب ، كالماء الصافي والكهرباء والنظافة وتبليط الشوارع وعمران المدن ، بالقضاء على أزمة السكن والنقل ، مع أستمرارية وتواصل العمران تناسباّ مع الزيادة السكانية الحاصلة في البلد.
19.لابد من الاهتمام العملي والجاد ، في الأمن والأمان والأستقرار للوطن والمواطن ، وهي من أولى أهتمام القوى الوطنية الديمقراطية التقدمية المتحالفة لأنهاء الوضع المتأزم الحالي.
20.حصر السلاح بيد أجهزة الدولة فقط ، ومصادرة كل سلاح يظهر هنا وهناك ، بعد ان يصدر قرار من السلطة بتسليم الآسلحة وتعويض المواطنين ، الذين يسلموا للسلاح طواعية.
[email protected]