19 ديسمبر، 2024 9:54 ص

تصفير الخلافات ام التسوية مع مَن؟!

تصفير الخلافات ام التسوية مع مَن؟!

تتداول مراكز القرار السياسية منذ مدة موضوع تصفير المشاكل والخلافات بعد ان طرح التحالف الوطني العراقي برئاسة السيد عمار الحكيم مشروع “التسوية السياسية” وجعل هذا المشروع اساسا للحوار.
 ان مشروعا بهذه الصورة وبهذه التسمية الكبيرة بحاجة الى رجل قوي و مقتدر من اجل انجاحه. فالعراق صنعته القوى الرابحة بعد الحرب العالمية الاولى وفقا لمصالحها عندما قسموا المنطقة ووضعوا للعراق القانون الاساسي في عام 1925 وعلى اساس هذا القانون جرى تاسيس الدولة وعليه أيضا جرى قبول العراق كدولة عضو في عصبة الامم عام 1931.
وضع القانون الاساسي للعراق على قاعدة المواطنة وعليه كان في مقدور كل المكونات العراقية منذ تأسيس الدولة ولغاية عام 1958 الحصول على اي منصب وبموجبه تولى الكورد والشيعة والسنة منصب رئيس الوزراء ولم يجري احتكار اي منصب سيادي لاي مكون معين.
انقلاب تموز عام 1958وجه ضربة الى قانون العراق الاساسي وتلاه انقلابي عام 1963 وو1968 البعثية التي اجهضت نهائيا على دولة المواطنة وحولت العراق الى دولة قومية عربية شوفينية، بذلك اصبحت مصالح الشيعة والكورد وكل المكونات الاخرى في خطر، وجرى تسخير كل مقدرات العراق بالقوة لخدمة الشعارات البعثية الشوفينية البراقة ،وسيقت البلاد الى الحروب والدمار, وزرعوا الحقد والكراهية والتفرقة بين مكونات البلد بشكل لم يعد معه للثقة والطمأنينة بالاخر وجود.
 لقد فشلنا جميعا بعد سقوط حكم البعث في تاسيس الدولة الديمقراطية التي تتمتع فيها كل المكونات بحقوقها وتصان فيها كرامة الفرد، بل سيطرت نزعة الانتقام على كل العملية السياسية وبدلا من معالجة الجروح زدنا من عمق الخلافات, واصبح الشيعة بعد تحرير العراق باعتبارهم الاغلبية اصحاب السلطة في العراق، وبسبب مخاوفهم من الماضي لم يستطيعوا الخروج من تاثير فترة البعثنة ولا يبدو انهم سيخرجوا من تاثيراتها قريبا! بحيث انهم وبعد 13 عام على سقوط البعث يشرعون قانون حظر البعث. السنة وبعد مرورسنوات على سقوط النظام لم يخرجوا من احلام البعث وتعالي المتسلطين حتى خسروا الارض والناس! فاصبحت مناطقهم محتلة وشعبهم مشرد ومستقبلهم في خطر وخسروا ماضيهم, وحاضرهم مضطرب ومستقبلهم في خطر، قادتهم لم يعد لهم وجود وافضلهم يقاد من مكان اخر وهذا بسبب ضعف الررؤيه الفكرية و السياسية ولم تتبلور بحيث يواكب مستجدات العصر الجديد في العراق واحياننا كأنم يعيشون خارج الزمن.
 غرور السلطة جعل الكورد يضيعون الطريق على انفسهم وعلى شعبهم، لا يعرفون ما يبغون او ماذا يفعلون؟! ووضعهم الان معقد وخطر ولم يغادروا مخاوف الماضي ويخشون المستقبل، لم تعد لهم ثقة باحد ولا احد يثق بهم بل ولا يثقون حتى بانفسهم, والوضع في البلاد وصل الى مستوى من الاضطرب بحيث لم تعد فيه هناك قيادة كي يتوجه اليها الشارع، وفي اوساط الشيعة ضربت الفوضى اطنابها بحيث اصبح الكل يعتبر نفسه القائد المنقذ، ومن دون ان يقرا اي منهم ورقة الاخر!.
فقدت قيادة الكورد ثقة الشارع ولم تعد لها شرعية قانونية, وبين كل المكونات العراقية لم يعد هناك وجود لقدسية اي شيء ولم تعد هناك شخصية لم تتعرض الى الاسقاط واصبح الجميع بكل الوانهم في هذا البلد مشوهين.
في بلدنا تعتبر التسوية او تصفير الخلافات امر صعب ما دامت روحية الانتقام وانفاس الاحقاد مسيطرتان، وفي مثل كردي يقول “ان رفع الحجارة الكييرة دليل على انك لاتريد ان ترمي”, وهناك ومقولة قانونية بان “القانون للجميع” , لذا (فان اي قانون يستثنى به احد سوف يفقد قيمتة) وان مشروع التسوية يجب ان يكون للجميع, واخراج اي فئة او طرف او حزب لاي سبب كان من هذا المشروع فاننا نكون قد فشلنا في فعل شيء, واننا اذا اردنا صدقا ان نصفر مشاكلنا وخلافاتنا فانه علينا وقبل كل شيء ان نسيطر على روح الانتقام, وننآى بانفسنا عن الحقد والكراهية والبغضاء, وان لا نضع احدا خارج قوس. وهذا يتطلب قادة شجعان ومقتدرين ويتطلب اناس اصحاب قرار واني على يقين من ان الذين حملوا رسالة تصفير الخلافات والمشاكل والتسوية يدركون هذه الحقيقة، ولكن للاسف لم يجرؤوا على الدفاع عن مشروعهم بقوة حتى الان خوفا من العملية الانتخابية, وخوفا من الصراعات والمنافسة السياسية, وخوفا من المزايدات السياسية وفقدان مناصريهم في الشارع.قادة الكورد بعد انتفاضة اذار عام 1991 وحيث كانوا لا يزالوا يملكون شرعيتهم الثورية ولم يتحولوا الى تجار واصحاب شركات اتخذوا قرار بالعفو عن اذناب البعث في كوردستان وكنت وقتها مثل غالبية الشباب الكردي بالضد من هذا القرار, لكنه كان قرارا حكيما حيث جرى بناء تجربة اقليم كردستان بدون اراقة دماء .
والان اذا اراد الشيعة فعل ذلك فانهم قادرون لان هذا القرار لا يصدر لا عن السنة ولا عن الكورد، وان الكورد عفو عن الجحوش ومن باع نفسه للنظام السابق عندهم، لذا فانهم لن يقفوا بالضد من قرار مماثل يشمل المكونات الاخرى, فيما يعتبر ذلك مطلب للسنة هكذا القرار يعيد الثقة بين المواطن السني والدولة ، ويمكن اقناع الشارع الشيعي بانه مثلما جرى غض النظر عن اذناب البعث من الشيعة والكورد فمن الممكن غض النظر عن اقرانهم ورفاقهم من السنة لتحقيق المصالحة العامة وتصفير الخلافات (التسوية التاريخية).
الشيعة بسبب العوامل التي ذكرتها لا يملكون الجرأة للحديث في هذه المسالة, والسنة لم يجرؤوا على طرقها خوفا من اتهامهم, والكورد يعتبرون هذه المسألة ليست مسالتهم,وعليه فانه عندما يثير شخصية مثيرة للجدل مثل “مشعان الجبوري” وهو احد قادة السنة وقائد في الحشد الشعبي وموالي للشيعة، هذه المسالة مهما كان صادقا في طرحه فانه لن يجني ثماره .

ارى من الضروري ان اوجه حديثي الى اخوتي من حاملي راية “مشروع التسوية السياسية” ان يطرحوا هذه المسألة للحوار الجاد بعيدا عن الاستهلاك السياسي او الاغراض الانتخابية ويتحدثوا بصراحة عنها ، واذا اننا لم نفعل ذالك فان هذا المشروع سوف يولد ميتا من المهد لنكن جريئين ونستفيد من حكاية المفكر الكوردي المغدور شاكر فتاح(قتل شاكر فتاح من قبل جلاوزة البعث اثر مناقشه سياسية بينه و بين حسن علي العامري مسؤل البعث في المنطقة الشمالية في اجتماع للبحث سبل حل القضية الكوردية في المجلس التشريعي لمنطقة الحكم الذاتي حين طالبهم العامري بماهية الحل باعتبارهم ممثلي شعب كوردستان في المجلس المذكور، اجابه المغدور شاكر فتاح وهو عضو المجلس التشريعي وهو خال نائب رئيس الجمهورية انذاك طه محي الدين معروف نحن هنا ممثليكم عند شعب الكوردي ان من يمثل القضية الكورد هوفي الجبل ويحمل السلاح فاذهبوا وفاوضوهم ). 

أحدث المقالات

أحدث المقالات