هالني ماسمعت وقرأت من ان محافظ بغداد المعروف بمثالياته وتقمصه بلباس عامل البلدية بعد ان تم الاعداد لاستجوابه عن التهم بوجود فساد في ادارته لبعض الملفات ، وهي في بداية الامر، ذهب في اجازة مرضية من احدى المشافي في الكاظمية وهي ظاهرة تكاد تكون معروفة من اي مسؤول يشمله الاستجواب حيث يلجاء الى طرق مختلفة للهروب من مواجهة القضاء فتذكرت المثل الشعبي ” حرامي لاتصير ، من السلطان لاتخاف ” . أي أنك أذا لم تسرق وتصبح لصا ، فلا داعي لأن تخاف من السلطان .وهي من الامثال التي تنهى عن الافعال المشينة .ان هذا الاسلوب هو اسلوب رخيص ولا تعطي قيمة للمسؤولين كما انها تغطي على الكوارث التي تجرها الكتل على الشعب في الدفاع عن مثل هؤلاء ، والجرائم التي يرتكبونها .
أو على الأقل التعتيم على هذه الجرائم بحجة الأسرار الحكومية . متناسية عن عمد أن الاعلام والصحافة الحقيقية من واجبها تسليط الضوء على السلبيات والتجاوزات والجرائم والفساد، والبحث عن الأسباب ، ومحاولة كشف الحقائق على خلفية اتهام المحافظ بقضايا فساد كبيرة منها مشروع صقر بغداد وخروقات امنية اخرى وحتي في المشاريع المنفذة . في الواقع “لا توجد شجره لم يهزها الريح ولا يوجد انسان لم يهزه الفشل ، وهناك متغيرات في مجرى الحياة، فهناك من يصبر ويثبت على عقيدتة ومنهجه،وهناك من ينحرف نحو سوء العاقبة ليسود وجهه” لكن هذا السلوك ينعكس سلباً على المجتمع وعلى المكون الذي ينحدر منه . إن الفساد غول لا يمكن قتله دون تعيين وتحديد واضح للفاسدين وكشف هوياتهم دون مواربة أو خداع للنفس والآخرين، ولن يقوم لوطننا قائمة ما دام هناك من يعجز عن تسمية الأشياء بأسمائها أو يتردد مذعورا وخائفا من الإشارة إلى حوامل داء الفساد، فإن الاكتفاء بتشخيص فضفاض للداء وعدم تشخيص الفاسدين وتسميتهم أمر يترك الباب مفتوحا للمناورة الكلامية والخلط ودخول الفاسدين أنفسهم في الثرثرة حول الفساد،
ليس هنالك أدنى شك من أن خيانة الأمانة هي جريمة كبيرة، وكلما كانت الأمانة أكبر كلما كان الشخص أكثر حرصاً ودقة في ممارسة إدارتها، ومن لا يستطيع تحملها عليه الهروب منها كهروبه من الأسد.
لم يعد سراً حجم الفساد المستشري في البعض من المؤسسات الحكومية ، فقد تحول هذا لفساد يديره ويرعاه مسئولي ومتنفذي هذه المؤسسات والتي من أهم واجباتها خدمة شعبها ووطنها، ولم يعد غريباً أن نسمع ونقرأ عن مسؤول فاسد يتبجح بمحاربة الفساد والفاسدين في الوقت الذي تزداد ثروته دون معرفة مصدرها، ونزداد قهراً على ثروات وطننا التي يبددها اللصوص والمنحرفين والفاسدين على ملذاتهم وإمعاناً بالوقاحة واللصوصية وكونهم محصنين من العقوبة، أصبح هؤلاء اللصوص يتفاخرون بحجم ثرواتهم الهائلة في مجتمع يعيش غالبية مواطنيه في فقر مدقع وبطالة مقنعه وهبات ومنح من دول مانحة وشقيقة، ، ولم يعد المواطن يستغرب من عدم معاقبة هؤلاء الفاسدين واللصوص لأنه أصبح على قناعة تامة بأنهم جزء من منظومة فساد حولت البعض من أصحاب القرار والمتنفذين الى رؤساء شركات يقودوها بالسطو على ثروات هذا الوطن بصفقات مشبوهة يعود ريعها عليهم وعلى محاسيبهم وأفراد عصابتهم أو بامتلاكهم شركات بشكل غير مباشر من خلال واجهات ينفذون أوامرهم أو بحصول بعضهم على عمولات ضخمة نتيجة صفقات يتورطون فيها.هؤلاءالذين تملكوا ونهبوا وسرقوا من خيرات وثروات الوطن، يتزايدون بشكل مضطرد وينهشون بجسده المنهك بكل الامراض الفتاكة، علاوه على الفساد والانقسام والفقر والبطالة .
حتى أصبح الانسان غير قادر على المطالبة بحقوقه، والغالبية العظمى على امتداد وطن يجاهد للحصول على لقمة خبزمن يعيلهم ويعمل بأقصى جهده ليعيش حياة كريمة بينما يزداد ثروة هؤلاء المتنفذين على حسابهم خفت وراحة.
لنعلن الحرب على الفساد والفاسدين بكل طريقة تضمن ايقافهم عن التمادي بفسادهم وتدمير المجتمع بخبثهم، ولندرس بعمق مواد الردع القانونية المناسبة للإنسان الفاسد.ان على الحكومة التحفظ على كل مسؤول تدور حولة الشبهة ومنعهم من السفر الى الخارج الى حين إكمال براءة الذمة الخاصة بكل مسؤول ، لأن أبسط موظف في الدولة لايحق له ترك عمله دون إبراء ذمته . ومن هنا اذا لم يكن المحافظ متورط بالفساد لماذا يطلب اجازة مرضية في هذا الوقت وهو اول الداعين لمحاربة الفساد عليه مواجهة التهم والدفاع عن نفسه دون الخوف من القانون مادام هو بريئ والمتهم بريئ ما لم تثبت ادانته .