صنعتهم الطائفية ليدافعوا عنهاعندما يكون الجو ملؤه الطائفية والمذهبية؛ فإن أصحاب المبادئ والمشاريع الوطنية، يصبح من الصعب عليهم العمل، والاستمرار في هذه الأجواء، وإن استمروا، فهذا يعني أنهم غامروا بأنفسهم وكيانهم، وهذا مايسبب لهم خسائر متعددة؛ قد تبعدهم عن جماهيرهم.
الطائفية اختصرت الطريق، على من يريد الوصول للسلطة، فبدلاً من أن يعمل لسنوات، ويقدم مشاريعه وخططه المستقبلية للجمهور، فإنه باستطاعته أن يختصر كل ذلك، بعبارات تستجدي العاطفة، لتصل به إلى الجمهور، الذي تجره مشاعره، وقلة خبرته في السياسة، إلى أن يساند ويؤيد هؤلاء الطائفيين، لأنهم بحسب ظنه، أحرص عليه وعلى طائفته من الآخرين، الذين ابتعدوا عن هذا الخطاب، وركنوا لخطاب الوطنية.
تحت غطاء الطائفية، يتم الفساد ويتغاضى عنه، لأن كل حزب طائفي سيدافع ويستقتل، من أجل وزيره أو مديره المتهم بالفساد، وبالمقابل الحزب الآخر يعمل كذلك، ويدافع عن من ينتمي له، والنتيجة شرعنة للفساد، وتأييد ومساندة للفاسدين.
الأمن هو الآخر متعلق تعلق كلي بالطائفية، فكلما توهج النفس الطائفي؛ أتسع الطريق أمام المتشددين والإرهابيين، لتجنيد الشباب في صفوفهم، وضمهم لخلاياهم الإرهابية، بحجة الدفاع عن المذهب أو المكون، بالإضافة إلى أن الخطاب الطائفي بالأساس، هو الممهد والموفر للبيئة الحاضنة، التي ترعى الإرهابيين، وتغطي على تحركاتهم.
ولما كانت الطائفية، سبب أغلب أو أكثر مشاكلنا في العراق؛ فلماذا لانجد كثير من المتصدين لها ولخطابها؟
السبب هو إن من يخالفها، ويتبنى الخطاب الوطني، ويقدم مشروعه ومبادئه وقيمه الوطنية، فسوف يتعرض لحملات من الهجمات، التي تستهدف تسقيطه وتشويهه، بهدف إفشاله في مشروعه، لأن نجاحه يعني فشلهم، وبالتأكيد لن يرضوا هم بذلك، بل يقاتلوا بكل السبل والإمكانيات، لإفشاله ومشروعه الوطني.
هنالك قيادات ومجموعات، لم يكن لهم وجود يذكر، لولا طائفيتهم التي صنعت منهم قادة، حيث استغلوا الجمهور، ورقصوا على جراحه، كي يصلوا للسلطة والقيادة، فكما جاءت بهم أجواء معينة، فمن المنطق أن ينتفوا، بزوال هذه الأجواء، لذلك فهم سيقاتلون، من أجل إفشال كل مشروع وطني ووحدوي، وقد يتناغمون ظاهرا مع هذه المشاريع، لكن يبثوا سمومهم ومآربهم، عن طريق أدواتهم، بالتضليل تارة، وبالتشويه تارة أخرى، فالطائفية صنعتهم ليدافعوا عنها.
العراق اليوم، يمر بمرحلة النصر النهائي على الإرهاب، هذا الإرهاب، الذي جاء باسم الدفاع عن أهل السنة، ووجد من الحواضن مايكفيه، ليقتل ويذبح الآلاف، وعلى طوال سنين متعددة، جعلت العراقيين يعيشون أياماً سوداً، مليئة بالدمار والخراب والدماء، لذلك لابد من أن يمنع الإرهاب من العودة مجدداً للعراق، ويتم ذلك بالقضاء على كل الأسباب التي مهدت لوجوده، كالطائفية مثلاً، وبالتالي لابد للساسة، من أن يتفقوا على خطاب وطني، يضمن حقوق جميع العراقيين، ولايفرق بينهم على أساس طائفي.