تفلح الشركات الاجنبية، في (استرساء) جولة تراخيص العمل في الحقول النفطية العراقية عليها، باحتراف عالي الاستمالة كي يرسو العقد عليها، وعالي الاداء من حيث التكنلوجيا المتقدمة التي تستخدمها، والتي تقصر عنها شركة النفط الوطنية.. التشكيل المحلي الوحيد.
شركة النفط الوطنية تأسست مع بدء التنقيبات النفطية خلال العشرينيات، وما زالت متوقفة عند تقنيات ذاك العهد، التي لا تواكب 1% مما بلغه (فن) العمليات النفطية، بدءا من استمالة العقود نحوها، مرورا بآليات الاستخراج وانتهاءً بطرق التصدير والتكرير ومعامل البتروكيمياويات التي اخذت اهمية اقصى من البترول نفسه الذي تنطلق منه.
فالنتائج اهم من المنطلق!
تعمل الشركات العالمية وفق سياقات انتاجية عصية على فهمنا، لانها نابعة من مجتمعات تتعاطى مع الاقتصاد بوعي فائق، لا يوظف فيه المستشار الاقتصادي خبرته لخدمة المصالح الشخصية للسياسي، انما يعمل على خدمة المجتمع والوطن.
عجزنا عن الفهم يجعلنا قاصرون في العمل؛ لانفهم السؤال نصف الاجابة، وتاشير المعضلات يقطع بنا شوطا الى حلها ويختصر علينا المسافات نحو المعالجة، تزيدنا الشركات المحترفة (عجزا قاصرا) بقصدية تامة، تصب جام (الاعيبها) على الشركة الحكومية الوحيدة التي باتت كـ (البايسكل) قياسا بالطائرة النفاثة.
الامر لا يقف عند التخلف الاجرائي لشركة النفط الوطنية، انما يعدوه الى العقلية الاقتصادية القاصرة عن توظيف ريع النفط في خطط تنموية، في عراق ينفذ بغباء المثل الشعبي التافه “من ليس له كبير يضع عمامته ويستشير”.
ساستنا نفذوا هذا المثل بتغاب مقصود، وليس تلقائيا.
مع اتفاقنا الذي لا يقبل الجدل، من ان التصرف الناتج عن سهو او تعمد يؤدي الى النتائج ذاتها، لذا لا يصح ان نضع على راس المسؤولية، عقولا قابلة للسهو او التعمد، فمصير البلدان نسبة السماح بالخطأ فيها لا تعدوا (صفر%) اي انها معدومة.
الساسة في عراق ما بعد 9 نيسان 2003 لم يستعينوا بخبراء اقتصاديين انما بالعمائم فعلا، خشية الاستعانة بخبراء في شؤون الاقتصاد والنفط وادارة الثروات والموارد البشرية، فيخبئوا عنهم ثمن برميل نفط يصدرونه لحسابهم.. استغفالا.. خارج المليون برميل يوميا.
بهذه السذاجة يدير السياسيون اقتصاد العراق الان، وهي سذاجة تشكل النظير السلبي لسذاجة الطغيان التي كان صدام حسين يدير شؤون العراق بموجبها.
كلاهما.. الواحدة العن من الاخرى 0السذاجة السلبية) و(السذاجة الطاغوتية) والعراق مبتلى بسذاجة مجرمة تسلمه لاجرم منها.
لسنا ضد السذاجة؛ فالبساطة جميلة، لكنها جميلة عندما يلتقي شاب وصبية في المزارع المحيطة بقريتهما، يتبادلان الهوى، او يجلس شاب تحت نخلة يتامل سواقي الماء تجري فيكتب شعرا عن سلسبيل الجنة وقصة عن آدم وحواء قبل ان يغويهما الشيطان بالنزول منها الى الارض، او يطأطئ ابن المحلة رأسه كي تمر بنت (الطرف) نافرة النهدين من دون ان ينظر اليها.. احتراما للجورة.
كل هذا سلام حتى مطلع يوم القيامة، لكنه يتحول الى بلاء عندما يتحول الى سياق في صنع القرار الرسمي؛ اذ نقل صدام حسين ونقل معه الساسة الجدد سذاجات اجتماعية ودينية الى دفة الدولة التي تتطلب دهاء اختزله الامام علي (ع) بالقول “لولا التقوى لكنت ادهى العرب”.
وساستنا سذج في كل ما يخدم الناس ودهاة في ضمان مصالحهم الشخصية، فمن يجيء حاملا براءة قريته ومحلته الى كرسي الحكم، يتفجر من داخله بركان خباثة مؤطر بغباء المطامع وهي تشغل صاحبها عن مسؤولياته الوطنية؛ فلا يعد يعرف كيف يتعاطى مع الثروات الثرثارة في عراق اكبر من سذاجته واصغر من اطماعه.. طالب المال لا يشبع!
تحت الفهم الشعبي “عمامته ويستشير” طوت العمائم الدعية شعب العراق وتجربة التحرر من الطاغية، متخذين من عمائمهم سبيلا لتمرير بدع تتنافى مع شرائع الله واستقرار العراق لكنها تخدمهم شخصيا.
يظن البعض ان المشاكل السياسية التي يغرق فيها العراق توجب التريث عن الشروع بخطط اقتصادية رصينة ترتقي بالعراق الى مصاف الاقتصادات العظمى وهذا ممكن لان ثروات العراق تفوق الدول العظمى، والمشاكل السياسية الداخلية ليست عذرا موضوعيا لتوقف خطط التنمة والخدمات؛ لان الاقتصاديين.. الاستشاري منهم والتنفيذي.. غير معنيين بالاضطراب السياسي الذي يجب الا يضع عصيه في عجلة الاقتصاد، تحت اي سبب واية ذريعة.
الا اذا اراد السياسيون ابقاء الاقتصاد معطلا ريثما يصفون خصومهم متفردين بالسلطة ليستحوذوا بعدئذ على مقدرات العراق كاملا لانفسهم.
للشركات النفطية خططها الاحتكارية المدروسة التي تبدأ من خلو العراق من شركة استثمار نفطي حقيقية غير تلك البدائية، نساعدهم نحن على تمرير خططهم وتسهيل اطباقها على ثرواتنا لعجزنا عن توظيف ريع النفط في خطط تنموية شاملة تخرجنا من نظام “من اليد الى الفم” فما يباع من نفط يذهب ثلثاه الى جيوب الساسة والثلث المتبقي يتوزع بين الديون والتعويضات والشعب والوزارات التي لا تعنى بتبليط شارع متخسف ولا تنظيم الزحام في مستشفى لا تعالج مريضا او دائرة تهين المراجعين ولا تنجز معاملاتهم.
شركات احتكارية التفت على بيان تاميم النفط يوم 1 حزيران 1972 بتفاوضات من تحت الطاولة تجري الان مع ساسة لا يقلقهم بيع حقل نفط لشركة اجنبية تمتلكه الى الابد بمليون دولار تدخل جيوبهم هذه اللحظة، في حين يستحق هذا الحقل ان يستثمر وطنيا بما يعود على العراق بمليار دولار يوميا.
يجب اعطاء الاقتصاد حصانة تشبه القضاة والبرلمانيين ولا يتدخل احد في عملهم، والا تظل الميليشيات تقبض انابيب النفط في موانئ التصدير. العراق بحاجة لثورة على المتنفذين الذين يعشعشون في عب الدولة، وقد بدانا نلمس ملامح انتفاض يقودها دولة رئيس الوزراء نوري المالكي ضد قاتلي الشعب بكل اشكالهم الاقتصادية والامنية، نتمنى ان تتحول الى ثورة حقيقية يقودها المالكي من داخل الدولة باسم الدولة ضد العناكب التي تعشوشبالدولة مادة خيوط اعشاشها الدبقة على بصيرة الدولة تعيقها على صواب التفكير.
الشعب.. وفق لقاءاتي الاجتماعية مع قاع الحياة في العراق.ز يبارك للمالكي اجراءاته الجسورة وهو يسمي المجرمين باسمائهم ريثما تصفو الدولة فتعود الخدمات التي يعيقها هؤلاء النفعيون الذين ما زالوا يحلمون بابن حلا صدام حسين طاغية جديدا لحكم العراق.