أسهل ما يمكن أن نعرف به الفكر السياسي: بأنه مجموعة برامج، تؤسس لعمل سياسي، وتسير شؤون المجتمع، الى ما يدعو الى المصلحة النفعية، مع الأخذ بالإعتبار، إنه يأطر بأطر أخلاقية وعقائدية ونفعوية لا يمكن تجاوزها، وعلى هذا الأساس المبسط نشأ الفكر السياسي، عند اليونان قديماً، ومنه إستمدت الأقاليم والدول، دساتير الفكر السياسي.
يذهب بعضهم الى تقسيم الفكر السياسي، الى أقسام مختلفة ويذكر منها:-
11- الفكر السياسي اليوناني، كونه أقدم عمل سياسي في تاريخ المجتمعات، والذي يستمد منه الفكر العربي دساتيره وأنظمة السياسة، وبدأ ظهوره في البلاد الهندية، ومنه نشأ للهندوس فكرهم وأنظمتهم، وأساسيات تعاملهم مع المحيط والموجودات، وكان لإفلاطون تأثير وعمل واسع في إبراز دوره.
2- الفكر السياسي المسيحي، وأيضا لهذا الفكر بداية مع ظهور المفكر “أوغسطينوي” والذي تأثر بأفلاطون كثيراً، وتمكن من تغيير الفكر المسيحي، الى نظرية العدالة والسلام، والتعايش بين المجتمعات.
3- الفكر السياسي الإسلامي، وظهر هذا النوع من الفكر في الجزر والبلدان العربية، ويعتبر الرسول الأكرم محمد هو مؤسس هذا الفكر، كونه صاحب الرسالة المبشرة بالدين الإسلامي، ولقد واجه أشد الحروب الإعلامية والميدانية، إذ ينبع من تعاليم وأسس سماوية، ولابد للرسول أن يزن المعادلة، بين ما ورثه المجتمع من عصر الجاهلية من أخلاقيات منتبذة، وبين التعايش مع الواقع في تطبيق التعاليم السماوية.
من بعد هذه المقدمة المحاكاة، عن دراسة للكاتب”احسان عقلة” نصل الى توضيح نقول فيه:-
11- أن الفكر السياسي بعنوانه الأعم الشامل، له صفة البداية الموضوعة بين المجتمعات، بغض النظر عن الواسطة أو الدلائل التي أوجدت ذلك الفكر،كما أوضح الكاتب.
2- نختلف مع الكاتب في حيث تقسيم الفكر السياسي الى ثلاثة مراحل مختلفة.
3- نشأته ولأول مرة في مدينة بابل العراقية،وليس في اليونان، والتي عثر بين أثارها ونياشينها على أول دساتير بشرية، عرفت بأسم “شريعة حمورابي” وكان ذلك سنة 1790 قبل الميلاد، وتتكون من مجموعة من القوانين، التي نظم على أساسها الفكر السياسي، في العالم.
44-الفكر السياسي بمتبنياته هو واحد لا يتجزأ بين بلد وآخر، ودين أوغيره.ولكن الإختلاف يحصل في طرق تطبيق السياسية، بوجود الرسائل الأربعة على تعدد الكتب السماوية، وعلى الجزم الصريح بتحريف أغلبها، تُسقط زوايا الفكر السياسي على قواعد الدين المقدس من قبل العاملين في هذا المجال، أضف الى ذلك الأهواء والمصلحة الشخصية الحاكمة، التي تحرك القرار في تطبيق قواعد السياسية، وعلى هذا الأساس نستطيع أن نقول بأن: الفكر السياسي مر بمراحل، و أخذ كل دين منه ما يؤمن به وترك لغيره ما لا يريد، ونجزم بتعدد السياسات لا تجزئة الفكر.السياسية وعلى إختلاف مراحلها، تدعو الى مسأسسة الأمور، للخروج بنتيجة واحدة، وهي إضفاء المصلحة النفعية، مع الأخذ بالإعتبار، أن أصلحها ما يكون بالفضاء الجمعي الواسع، وأخطرها ما يختزل بالتكتل النوعي المتجزأ، وهذا ما يجعل مهمته صعبة جدا في ضل المجتمعات ذات الإنطواء السياسي، والتي تفتقر الى المشروع الوطني بين بواطنها وحواضنها، خاصة مع وجود الفكر المنحرف المتسيد للقرار الجماهيري، والذي يعمل على استقطاب تلك الجماهير، بعصا الطائفية والشعارات القريبة من العاطفة الشخصية.
أهم نقطة يعتمد عليها الفكر السياسي السليم، هي نظرية التعايش السلمي، كونها تنشأ من لبنة الأديان السماوية، بمختلف أنبياءها ورسلها، وإذا ما إفتقر الى تلك النظرية، سيتلاشى من الأساس وتتحول المجتمعات الى وحوش كاسرة يأكل بعضها بعض، وتصبح الإنسانية هي الضحية والخاسر الأول والوحيد، مما يحصل من صراع بين المكونات أو الأديان، فتجد الرسول الأكرم والأئمة ومراجع الدين والزعماء، عانوا من ويلات الشعوب، التي لا تريد أن تتفهم الكتب السماوية على حقيقتها.
ننتهي بعبارة تقول:إن التسوية التي تطلق اليوم في المجتمع العراقي،هي جزء من متبنيات الفكر السياسي السليم، والتي تدعوا الى التعايش بعيداً عن الإرهاب والدماء والاقتتال، وحالة صحية أن ينتقدها ويحاربها المستفيدين من وقع الحرب والدماء، فمن قبلهم أنتقدوا الرسول الأكرم في صلح يهود المدينة، وصلح بنو قريظة وصلح الحديبية، وانتقدوا الإمام علي في صلح صفين، وأنتقدوا الإمام الحسن في صلح معاوية، والإمام الرضا في صلح المأمون.