18 نوفمبر، 2024 2:31 ص
Search
Close this search box.

المواطن بين الحكومة والتاجر

المواطن بين الحكومة والتاجر

قال العزيز الجبار, في محكم كتابه المجيد:” وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا”, سورة الإسراء آية 16.
تأريخ الأزمات الاقتصادية في العراق, ليس بالشيء الجديد, كون هذا البلد على مر العصور, كان وما يزال, عرضة للتقلبات السياسية وكثرة الحروب, إلا أن الفرق بين اليوم والغد, هو سرعة ايجاد الحلول, ومحاسبة المقصرين والمتلاعبين بقوت الشعب.تعرض الاقتصاد العراقي, زمن حكم عبد الكريم قاسم, إلى أزمة في مادة الرز, الذي يعتبر غذاء رئيسي, لدى العائلة العراقية, وبسبب عدم مقدرة الحكومة, على تغطية مبالغ الاستيراد, فقد سمحت بإعطاء اعتماد مالي للتجار, لغرض استيراد تلك المادة, إلا أن الجشع سيطر على التجار, فعمدوا لرفع الاسعار, التي لا يتمكن المواطن على تحملها, فقامت الحكومة بتأسيس, مصلحة المبايعات الحكومية, بموجب القانون 173لسنة 1959. 
من طرائفِ ما يُحكى:” أن جاء مدير عام, مصلحة المبايعات الحكومية, العراقية ومعه سجلات المصلحة الى وزارة الدفاع, مقر الزعيم الرسمي لمقابلته, ولما المدير العام, قال بفرحة شديد للزعيم:” سيدي جئتك بالسجلات, لتنظر اليها بنفسك, كم حققنا من أرباح, خلال عملنا القصير”, نظر اليه الزعيم شزرا, وغضب عليه وعنفه بقوله:” وهل انشأنا تلك الدائرة لنحقق الارباح, ام لنساعد الشعب في معيشته؟ خذ سجلاتك و أعد النظر, في هدف تلك الدائرة, والغرض من انشائها”.
تطور عمل تلك المصلحة, لتصبح تحت تسمية, الشركة العامة لتجارة المواد الغذائية, حيث أخذت هذه الشركة, على عاتقها, تزويد وكلائها المنتشرين بكافة أنحاء العراق, بما يحتاجه المواطن, وصِيرِ لآلية البطاقة التموينية, بعد دخول الطاغية للكويت عام 1990, واشتملت على 12 مادة, بينما نجدها بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003؛ ولحد هذا العام, بتناقص في عدد موادها, مضافا لذلك رداءة المواد المجهزة للمواطن.
التاجر العراقي بدوره ازدادَ جشعاً, فهو لا ينظر بعين التاجر النزيه, بل بعين الموظف الفاسد, والبرلماني الغير نزيه,  فيردد” وهل نحن برلمانيون؟ اذهبوا للوزارة أو البرلمان, ليجلبوا لكم التموينية.
اصبح المواطن بين مطرقة الحكومة, وسندان التاجر العراقي, ولا ينقذه غير الخالق, بهداية الفاسدين أو الانتقام منهم, فالفساد  والجشع لا يقل خطراً عن الإرهاب.     

أحدث المقالات