24 ديسمبر، 2024 4:14 ص

تداعيات الانسحاب الأمريكي

تداعيات الانسحاب الأمريكي

كان لابدّ من انسحاب جيوش الاحتلال ألأمريكية من العراق تحت أي ضغط وسبب؟،وكان معظمنا مؤمناً بقرب حلول هذا الموعد ومن لم يؤمن بهذا الحدث سلفاً فهو من المغفّلين…ولا نريد أن نخوض في أعماق الأسباب المؤدية للانسحاب الذي تقرر موعده منذ سنوات..لكن فقط نؤشّر على بعض تداعيات انسحاب القوات المحتلة من العراق.
أولا:استعادة عزف الموسيقى الطائفيّة الحزينة البائسة وبدأ العمل على إحيائها وبثها في صفوف المجتمع العراقي من جديد في محاولة حقيرة يلجأ بعض الساسة الإسلاميين المنتفعين إلى استعمالها تحسبا منه لاحتمالات التغيير السياسي والثقافي في العراق.
ثانيا:انطلاقاً من البعد الطائفي آنف الذكر تفجرت قريحة الطائفيين عن إعلان احتفالاتهم الكارتونيّة (كل من موقعه الجغرافي)بأنّ مقاومته دون الآخرين هي من تسببت في انسحاب الأمريكان من ارض الوطن(لا زالوا حتى في هذه اللحظات واقعين تحت سطوة أنانياتهم)واخذ البعض منهم يتصدى لموقع المحرّر الأوحد!ولولاه وطائفته ومنطقته لما خرج الاحتلال مدحورا..وتناسى هؤلاء المخادعون إنهم صرفوا جلّ وقتهم بالاقتتال في ما بينهم تاركين المحتل يتفرج عليهم (مجاناً).
ثالثاً:إسدال الستار عن مسرحيّة المشروع الوطني والذي تغنّت به كافة الأحزاب الحاكمة والمحكومة وما بينهما من كتل وأحزاب متأرجحة..حيث أعلن معظم رجال هذه الأحزاب عن الرغبة الحقيقيّة بتقسيم العراق وفقاً لدستورهم المثقوب من كل جانب والذي نصّ على إقامة الأقاليم (العشوائيّة)؟!فنسمع اليوم أصوات معظمهم تتعالى ل (فدرلة) العراق وتمزيقه تزامنا مع انسحاب الأمريكان بلا خجل.
رابعاً:انكشاف عورة الجهل السياسي لدى معظم قادة العراق الجدد والذين اخذوا بالتلويح باستغلال دعم الدول الداعمة لهم على حساب استقلال قراراتهم وعناوينهم..إلى درجة إن بعضهم اخذ يتبنّى أجندة من يدعموه في ملفات خارجية مثل التعامل مع الوضع في سوريا..حيث إن احد القادة يسير خلف المشروع التركي ولا يتوانى عن إعلان العداء لسوريا العربية إرضاء لحلفائه الأتراك!!وبالفعل مثل هذا ..ما الذي نرجوه لأنفسنا منه؟
خامساً:عودة الخطاب الدينيّ الطائفيّ المتشنّج وبوضوح عال،وهو ما ينذر بردود أفعال متبادلة قد تعيد العراق إلى وضع أسوأ من 2007وما قبلها !وهو ما يفسّر فساد عقول وأنفس معظم رجال الدين الذين لا يتورعون عن إشعال نار الحرب الأهلية وإذكائها خدمة لبقائهم و خدمة لطموحات وأجندة الدول الساعية إلى إضعاف العراق وتمزيقه،وتكمن المشكلة في عامّة الناس الذين وجب عليهم ومنذ زمن أن يتجنبوا شرور ما تتفتق عنه السنة (وعّاظ الطائفيّة) من هذا الفريق أو ذاك،وان الانجرار خلفهم لن يأتي على العراق سوى بالمزيد من الدمار.
…سيخرج الاحتلال العسكري بكامل جنوده بعد أيام قليله…لكن يبدو إن المشكلة الكبرى تكمن فينا وبمقدار ما يجب أن نظهره من احترام لبلدنا وتاريخنا …وإلا…فان ما يصدر منا من سلوك بحق بعضنا لهو اشد من الأضرار الأمريكية التي لحقت بنا،ومع مثل هذه التداعيات يتعيّن علينا أن نمارس أدوارنا الإنسانية والوطنية الحضارية بعيدا عن أي مؤثرات كاذبة زائفة..لأننا نواجه المرحلة الأخطر..ولنكن عند مستوى الشعور الحقيقي بالتحرّر والاستقلال.

[email protected]