يعد السيد مهدي الحكيم؛ أبرز زعماء التحرك الإسلامي، وأحد الشخصيات السياسية والاجتماعية المهمة, فهو نجل الإمام محسن الحكيم المرجع الأعلى للطائفة الشيعية في العالم, نهل السياسة والفراسة والفكر والجهاد من المشربين, فوالده المرجع الأعلى للتقليد, وجده من أمه وخاله من العائلات اللبنانية, التي يشار أليها بالبنان, بالتدين والوجاهة الاجتماعية والسياسية.
كان السيد الحكيم موهوباً منذ نعومة أظفاره، منحه والده عناية خاصة في وقت مبكر, خاصة بتربيته الأخلاقية والعلمية، يملي عليه بحفظ سور القران الكريم, وأشعار السيد الحميري, مما يساعده على اتساع أفاق تفكيره, وتنقية افكاره، كما أولاه السيد محمد باقر الصدر, اهتماماً كبيراً من الناحية العلمية والفكرية, أعطاه درساً خاصاً في علم الأصول, الذي يعد العلم الأساس للعلوم الدينية والدنيوية.
تجده منذ أيام شبابه الأولى, ذو اهتمامات سياسية والعقائدية, حريصاً على القضايا ذات الشأن الوطني, يحمل حساً مرهفاً, لما يتعرض له الدين الإسلامي, من اتجاهات فكرية فاسدة, إذ تصدى لذلك بكل اصرار وعزيمة، حملاً هموم الأمة, حاول استنهاض هممها لأجل إخراجها من العزلة, وابعادها عن المألوف البائد, فيتحرك من النجف لكربلاء وبغداد وبقية المدن, لم يكن عبثا أو لرغبات شخصية.
يسعى لعقد الحلقات النقاشية, والجلسات التوجيهية الشباب المثقف, ذوي الفكر المتجدد، يرى “إن الحياة لا يصح, أن تبقى مغلقة على ما خلفته أوضاع الاحتلال والحروب, وما تركته من الفقر والحرمان” إن الفترة الزمنية لحياته “1935- 1988” كانت مكتظة بالإحداث والتطورات المتلاحقة، وحبلى بالمتغيرات السياسية والاجتماعية، لاسيما فترة مرجعية والده, التي تشكلت مع تنامي مرحلة جديدة من العمل السياسي في العراق.
إن دراسة سيرة السيد مهدي الحكيم؛ تأكد سعة جهوده الواعية, فيعد أول من أعتلى منابر التوجيه والإرشاد بالنجف, منتصف العقد الثاني من عمره, ليطرح أفكاراً متحررة من العادات والتقاليد الموروثة في المجتمع والحوزة, ليعطي الدروس ذات ابعاد سياسية, تحمل مفردات ذي معان حديثة ومتجددة, بعدما تعرض العراق لغزو الأفكار الإلحادية والغربية، سعى لإيجاد تنظيم إسلامي لمواجهتها, يحظى بمباركة المرجعية العليا.
كان لتحركه الملحوظ على الساحة السياسية بالعراق, رد فعل سلبي, من قبل الطاغية صدام نفسه, خاص بعدما رفض السيد الحكيم مقابلته, فوجه له اتهامه بالعمالة للخارج, حيث لم تثنهِ هذه التهم عن أداء نشاطاته على الصعد كافة, التي فضح فيها ممارسات النظام السابق, من خلال دعمه “لمؤتمر نصرة الشعب العراقي”، وتأسيسه “لمنظمة حقوق الإنسان في لندن”، وتشكيله “حركة الافواج الإسلامية”.
تميز كونه “شخصية إسلامية عالمية” يحمل هموم أبناء الإسلام جميعاً، وهموم العراقيون في الداخل والخارج, بالإضافة لجراحات المستضعفين، حيثما حل كان من أهل الوطن في العراق الابن البار، وفي باكستان القائد والزعيم، وفي دبي صاحب الاحترام والتقدير، حتى اغتيل على أيدي المخابرات العراقية, بتاريخ 16/1/1988, عند حضوره مؤتمر إسلامي بالخرطوم.