في عام 2003 انهار النظام السياسي والبنيوي للدولة وانهارت معه الموسسة العسكرية ، وبعد اشهر بدات محاولات لاعادة تنظيم الجيش وفق المنظار الامريكي للمشاركة بالامن الداخلي بمعزل عن التنظيم السائد للجيش العراقي السابق ، وتم البناء ( اعرج ) المقاتل يحمل سلاح لا يحمل عقيدة عسكرية ، وهي احدى المعضلات في بداية التشكيل ، واستمر الحال ( ثلاثة عشر سنة ) نعمل بطريقة الفزعة، وقتال العشيرة ، وهي احد اسباب الفشل بانهيار الجيش بالموصل عام 2014 كما ورد من اللجنة التحقيقية المقدم الى لجنة الامن والدفاع بمجلس النواب، وفي بداية عام 2016 اقدم رئيس جامعة الدفاع للدراسات العسكرية محاولات مشكور عليها للخروج بنص مدون عن العقيدة ولكن المشكلة ان الدولة العراقية لاتوجد لديها (العقيدة الامنية) واكتب بوضوح ان مؤسساتنا تعمل بقدرة قادر، فان اغلب السياسيين والبرلمانيين او لجنة الامن والدفاع والمحللين السياسين والامنيين تناولوا الموضوع بنقاشات خجولة ، ولم يتجرء على الخوض في هذا المضار الحيوي لأمن العراق ، وحتى مجلس الامن الوطني هي اولى مهامه لم تتبلور رؤية واضحة عن العقيدة الامنية للدولة ، نحن في ضياع.
وبودي تسليط الضوء العقيدة العسكرية وهو مصطلح مألوف في تاريخ الجيوش، ولكنه في الوقت ذاته معقد في إطاره ومحيطه وتركيبته، ولهذا فهو غير واضح لدى الكثيرين، ورغم ممارسة مضامين العقيدة العسكرية في حياتنا اليومية بشكل أو بآخر، إلا أننا نفتقر إلى المعرفة العميقة في هذا المصطلح المهم وذلك لإزالة هالة الغموض الكبيرة المحيطة به على مختلف المستويات العسكرية، وبالتالي لنتمكن من الممارسة والالتزام والاستفادة من العقيدة العسكرية طبقاً للغرض الذي وضعت من أجله وغالباً ما يحدث خلط بين هذا المستوى و بين المستوى الاستراتيجي للعقيدة العسكرية، ، فالعقيدة الشاملة للدولة هي مجموعة التعاليم والقيم السامية والمبادئ السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والمعنوية والعلمية التي نبعت من حضارة الشعب ورسخت في وجدانه وضميره، فعندما نذكر العقيدة الأساسية للدولة فإننا في الحقيقة نذكر العقيدة الشاملة وليست العسكرية ، أما النقطة العامة ويمكن تلخيص مفهوم العقيدة العسكرية والتي ترتبط بها العقيدتين القتالية والتدريبة فهي مرتبطة بوجود عقيدة على مستوى الدولة، وتسمى ( العقيدة الشاملة للدولة او العقيدة الامنية ).
لا يمكن لأي دولة أن تستخدم قدراتها العسكرية، كقوة وطنية حاسمة لتحقيق أهدافها ورعاية مصالحها، دون الاستناد إلى عقيدة عسكرية واضحة وفعالة، وذلك للأدوار الهامة التي تقدمها العقيدة العسكرية لتوجيه النشاطات والأعمال العسكرية على مختلف المستويات، ويمكن تلخيصها بالاتي : هي القاعدة الأساسية لتوحيد جميع مفاهيم العسكريين تجاه استخدام القوات المسلحة للدولة ، وهي الدليل الموحد لجميع الأعمال والنشاطات العسكرية على جميع المستويات في الدولة ،والمنطلق الأساسي لأية عملية عسكرية تقوم بها القوات المسلحة مهما كان نوعها أو حجمه ، خارطة الطريق لتنظيم وتدريب القوات المسلحة في مختلف المستويات ، لإعداد وبناء وتطوير القوات المسلحة وتجهيزها واستخدامها في الحاضر والمستقبل ، كما تتلخص أنواع العقيدة العسكرية في ثلاثة أنواع رئيسية هي : العقيدة الأساسية والبيئية والتنظيمية ،للعقيدة العسكرية اسس تقوم عليها، ومصدر تتغذى عليه حتى تصل إلى مرحلة النضوج، ثم تستمر لكي تفي بالغرض المطلوب، وتتلخص عند كتابة العقيدة العسكرية لا بد من الاخذ من المصادرالآتية :
1. العقيدة الشاملة للدولة (العقيدة الامنية ) : تعد المصدر الأساسي لجميع مستويات العقيدة بشكل عام، والعقيدة العسكرية الأساسية بشكل خاص، ومن الأمثلة على عقائد الدول : االإيديولوجيات والأسس والمبادئ التي يضعها القادة السياسيون، وبهذا تختلف العقيدة العسكرية باختلاف ظروف كل دولة ، والتي لم تكتب لحد الان بالعراق بمجرد مرجعية اوليه لبعض النصوص الدستورية ، والمؤلم ان مجلس الامن الوطني اصدر عام 2016 (ستراتيجية الامن الوطني ) وبدون ان يتطرق بحرف واحد عن العقيدة الامنية للدولة.
2. الموائمة التقنية : ويلعب هذا العنصر دوراً كبيراً في تطوير العقيدة العسكرية وتحديثها على مختلف مستوياتها ، وخاصة على مستوى العقيدة البيئية والعقيدة التنظيمية، ومن الأمثلة على ذلك عند دخول معدات أو أسلحة جديدة في أي من فروع القوات المسلحة ينعكس أثره على جميع الفروع بدرجات متفاوتة، وبالتالي تحتاج إلى تحديث لمواكبة هذا التطور، أن المظاهر التقنية للحرب ذات تأثير كبير على تطور النظريات العسكرية وممارستها ، وأكبر مثال على ذلك التقنية والنظريات العسكرية التي استخدمت خلال حرب العراق في مارس 2003 ، لاسيما ان الحرب التقليدية بدات تتلاشى ، ومن الضروي ان نتوائم مع الحرب الالكترونية الجديد والخلاصة ضرورة مواتمة مع طبيعة الحرب الحديثة المبنية على التقنيات.
3. الدروس المستفادة من الماضي : وهي من الأساسات التي تبنى عليها العقيدة العسكرية على مختلف مستوياتها، ويعد التاريخ العسكري مصدراً فعالاً وناجحاً لبناء العقيدة العسكرية و تطويرها، لأنه حصيلة خبرة وتجارب تكررت، ومن أوضح الأمثلة على ذلك ، استخدام الأسلحة المختلفة في الحرب العراقية الايرانية ، ومعارك حرب الكويت ، أو المبادئ التي كانت يتحارب بهاالنظام السياسي، ولهذا نجد أن العقيدة العسكرية تتأثر ” بأصول تاريخية، وترتبط بالشعارات التي تلتزم بها الدولة أو الأمة وهو تاريخ لا بد من الرجوع اليه باخفاقاته واهارصاتها.
4. مراجعة الاتفاقيات الامنية والعسكرية للانسجام مع النظام العالمي: وينعكس أثرها بشكل واضح على العقيدة العسكرية على مختلف مستوياتها، ومن الأمثلة على ذلك ، عند انهيار الاتحاد السوفييتي في نهاية العام 1991 تغيرت بعض مكونات العقيدة العسكرية على مستوى الدولة في الولايات المتحدة الأمريكية، وانعكست هذه التغيرات على العقيدة العسكرية بشكل واضح ومباشر، ثم ظهرت عقائد بيئية وتنظيمية جديدة، وخاصة ما يتعلق بالقوات والعمليات المشتركة، فقد زالت عقائد عسكرية كانت متبعة أثناء الحرب الباردة ، ومن الاهمية بمكان وضع كافة قرارات الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي المتعلق بالعراق من صكوك ومواثيق، بشان حقوق الانسان، ومكافحة الارهاب ، وتحديثها مع اي جهد يكتب بصدد العقيدة ، حيث هناك عشرات من القرارات الدوليه لا يمكن تجاهلها باي موضوع يخص الامن والدفاع.
5. التحالفات الاقليمية والدولية : والاخذ بنظر الاعتبار كافة الاتفاقيات الامنيه والعسكرية الموقع عليها والمصادق عليها من الحكومة العراقية ، ومن ضمنها اتفاقية الاطار، والسعي لعقد تحالفات مستقبلية مع المحيط الاقليمي والدولي لضمان امن البلد.
6. طبيعة الحرب القادمة المحتمله : الحرب المتوقع أن تخوضها الدولة، من حيث نوعها وشكلها ومستوياتها ومشروعيتها ووسائلها، تحدد العقيدة العسكرية للدولة على مختلف مستوياتها، وقراءة سياسية لدول جوار العراق والاطلاع على عقائدهم العسكرية وستراتيجات امن تلك الدول ، ووضع خارطة تحالفات اقليمية تجنب العراق اي حرب مستقبليه لاسيما اوضح الدستور بان العراق سياسته دفاعية.
7. الإستراتيجية العسكرية للدولة: ينعكس تأثير تنفيذ الإستراتيجية العسكرية بشكل مباشر على وضع العقيدة العسكرية، ولاسيما البيئية والتنظيمية اللتين يجب تطويرهما بشكل مستمر بما يلائم متطلبات الإستراتيجية للدولة.
8. المهام الحالية والمستقبلية: تعد المهام العسكرية للدولة أداة قوة وطنية في الحاضر والمستقبل، وتلعب دوراً رئيسياً في وضع وتطوير العقيدة العسكرية على مختلف مستوياتها وبمختلف أنواعها، وذلك بما يلائم طبيعة المهام المختلفة المنوطة بالقوات المسلحة في الحاضر والمستقبل
9. ما مثبت من ادبيات ورسائل لدى الموسسة العسكرية بشان العقيدة العسكرية السابقة ، لان الجذر اساس لبناء وتصحيح المسار التاريخي ، وهناك مولفات وطنية لمختصين بالسوق العام واصدارات لكتاب واكاديميين ،من الضروي مراجعتها.
الخلاصة
العقيدة العسكرية موضوع إطاره كبير، يمتد عمودياً من أعلى التنظيمات السياسية بالدولة ، ويتدرج حتى أدنى المستويات العسكرية، إلى أن يصل إلى الأفراد في ثلاث مستويات (الاستراتيجي والعمليات والتعبوي)، الاخ رئيس جامعة الدفاع له دوراً ريادياً وبودنا ان ياخذوا بنظر الاعتبار هذه الافكار البسيطه للاضافه على ما كتب ، كما اتمنى من الاخوه الاكاديميين والمختصين بالشوون الامنية اغناء هذا الموضوع الحيوي ، وعقد حلقات نقاشية خارج الاطار الحكومي لمناقشته واضافة افكار وطنية واقعية.