منيب شاب قطعت ساقه في احد تفجيرات مدينة الصدر, ومع صوت الانفجار تبخرت الكثير من الأحلام لمنيب, وأولها حبه الكبير لمروة الذي تحول لسراب,حيث رفضت الحبيبة الاستمرار معه, بعد ما حصل لمنيب, وعشقه الثاني للكرة أصبح محال, فألان عليه أن يكون متفرجا فقط, حتى الكلية لم يستطع أكمالها بسبب سخرية بعض الزملاء والأساتذة, أزمات نفسية عديدة تسحق وجود منيب, مع أن ما حصل له ليس بسببه بل هو قدر.ولم يتوقف عملية السحق لذات منيب عند هذا الحد, بل استمرت, فعندما قدم أوراقه للتوظيف في عدد من الشركات الأهلية, كان الرفض السريع فقط لأنه معوق, فالإدارة تهتم بالمظاهر, وحتى عندما جرب حظه للتقديم في دوائر الدولة, كان النتيجة الرفض السريع, انه سحق مستمر لذات المعوق منيب, هو ألان يفكر جديا بالانتحار, فالحياة تخنقه.
●العراق ومسالة حقوق الإنسان
العراقيون يعانون من مسالة الحقوق, فالواقع يشير الى أن البلد تحول الى غابة كبيرة تغيب فيها المبادئ والقيم, وتضيع فيها الحقوق, التقينا ببعض المواطنين لتبيان أراهم حول حقوق الإنسان: يقول المواطن حسن صباح: ما يحزننا أن حقوق الإنسان في العراق تسحق يوميا, فالمرأة اغلب حقوقها تضيع عبر استلاب عجيب, وعودة للجاهلية, وتحولها لعورة وباب للشر عند العائلة, أما الأطفال فما بين العنف والاستغلال, ومن دون أي حماية, وعند الحديث عن الشباب يكون حديث محزن, فهم من دون أي فرصة لتحقيق أحلامهم, بالكاد يستمرون بالعيش, هكذا تضيع أجيال في عملية سحق مبرمجة للإنسان العراقي, لست متشائما لكنه واقع الحال, وهو لن يتغير لان المنظومة الحاكمة لا تملك فكر ولا خطط, لكيفية الرقي بالمجتمع وحفظ الحقوق.
أما الست نهلة. ك فتضيف: نحن كنساء نعاني كثيرا من غياب حقوقنا, فكل شيء يخنقنا, القوانين العشائرية تذبحنا وتجعل منا مجرد شيء عند الرجل كالأثاث والسلاح والسلع, والحكومات لا تفعل القوانين التي تحفظ الحقوق, الشارع خطر علينا والتحرشات لا تنتهي, ونحن مقيدين بدائرة العيب, فكل شيء ممنوع علينا, حتى ابسط حقوقنا, مثل أكمال الدراسة أو العمل أو حتى الخروج لنزهة, عندما يأتي اليوم العالمي لحقوق الإنسان نشعر بالحزن, لان اغلب حقوقنا مسلوبة, والأكثر فضاعة أن تتواجد نسبة كبيرة من النساء في البرلمان, لكن مع الأسف هن مجرد رقم تكميلي, لا يفعلن شيء مهم للنساء, بل هن مجرد تابع لقادة الأحزاب, نحلم بكسب حقوقنا الإنسانية في حرية العمل والدراسة والتنقل. وتضيف المواطنة أزهار. س : تحقق حقوق الإنسان فعلا هو الحلم الذي ترنو له الإنسانية, وهي هدف الأنبياء والأديان, لكن الإنسان فرط بها, ألان مجتمعنا يعيش أسوء مرحلة, فالحقوق الإنسانية مستلبة بسبب غياب القانون, الذي يفرض الانتظام لكل تفاصيل الحياة, معاناتنا اليومية لا تنتهي والسبب الفوضى التي ابتلعت حقوقنا, هل تتذكر الضجة الأخيرة التي حصلت, فقط لان فتيات ركبن الدراجة الهوائية, فبعضهم جعلها برتبة الكفر, وأخر ادخلها بنظرية المؤامرة والفعل الماسوني, مع أن بلدان أسلامية مجاورة لنا, يعتبر أمر ركوب الفتيات للدراجات أمر طبيعي, لكنه الجهل والأعراف العشائرية التي تسيطر على التفكير, مع غياب القانون الحامي للإنسان, عندها يصبح كل أمر سيء ممكن الحدوث.يضيف الأستاذ حسن الموسوي: بصورة عامة يعاني العراق من انتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان, بعضها بسبب الإرهاب والجماعات التكفيرية, التي انتهجت سلوك العنف والتطرف, فالضرب والجلد والإرهاب, والمنع من الكثير من الأمور المباحة والإنسانية, كالدراسة والعمل في عداد المحرمات, حتى السيتلايت والموبايل والملابس الحديثة ممنوعة منعا باتا, أننا اليوم ومع تحرير المدن بحاجة لاحتضان من عانى هناك, وإعادة تأهيله, وألا حصل ارتداد نفسي شديد عليه, فما جرى عليهم كان كبيرا, ننتظر فعل شيء مهم لحفظ حقوق الإنسان العراقي.
●الحكومات المتعاقبة أهملت حقوق الإنسان العراقي
يقول الشاب امجد علاوي : الواقع الذي نعيشه كله اضطهاد للإنسان واستلاب للحقوق, والسبب النظام الفاشل الذي يحكمنا, المطلقات, والأطفال, والأيتام, وكبار السن العجزة, والفقراء, كلها فئات تعاني الحرمان من حقوقها الإنسانية, التشخيص الدقيق يقودنا الى القول أن المشكلة في السياسة, فهم لا يملكون البرامج لتحقيق حلم العراقيين في كسب حقوقهم الإنسانية, وانتشار الجهل والمرض والجريمة الا يقع في مسؤولية الحكومات, الا يعني فضح تقصيرها, أننا ضحية التقصير الحكومي, ولن يتحقق شيء الا أن يكون في صميم عمل الحكومات, أن تفعل حقوق الإنسان على ارض الواقع, وليس مجرد شعارات. ويضيف الأستاذ فاضل الحلفي : الى ألان مازال الإنسان العراقي يتعرض لانتهاكات خطيرة لحقوقه وحرياته, ويكون الانتهاك تحت مسميات متنوعة, بعضها باسم التخوين, وأخر بعنوان اعتناق أفكار الغرب, وثالث بعنوان طائفي, ورابع تحت عنوان ديني, ولا تنتهي السلسلة التبريرات لقمع الإنسان, فيبدو أن الطبقة السياسية جاهلة وتفتقد للوعي الإنساني, هذا أذا أردنا تبرئتها مما يجري اليوم, ما يحصل اليوم للإنسان العراقي جريمة والسلطة شريكة بالجريمة لان في وسعها تغيير الوضع عبر تفعيل قانون العقوبات وجعله الحاكم بين الناس عندها سيحفظ كل إنسان حقه ويأمن من أي خطر, لكن المشكلة الكبيرة هي في سلطة لا تفهم, ولا تريد أن تفهم أهمية قانون العقوبات في تحقيق العدالة الإنسانية.
ويضيف علي موسى: اليوم نعيش حالة مساوية نتيجة غياب القانون, فلا اعرف لماذا لا تكون دوريات للشرطة في مناطقنا كي يحظ القانون, فالتحرش بالنساء علني, والتجاوزات على كبار السن موجود في الشارع, واستغلال النساء تحت التهديد موجود, والعنف ضد الأطفال من الأمور الرائجة, أي أن السلطة غائبة تماما عن المشهد, فكل ما يهمها هو أن تكون المنطقة الخضراء تنعم بحقوق الإنسان , أما باقي العراق فإلى الجحيم فالأمر لا يعنيهم, أن ما يجري جريمة بحق الإنسانية صنعتها الطبقة السياسية بحق العراقيين, هذا ما سيكتبه التاريخ.
ويقول المواطن عبد طالب: كما عودتنا الحكومات ومنذ عهد الطاغية صدام والى حكومة ألعبادي, هنالك تفريط كبير في حقوق الإنسان, ويمكن أن نشخصه لغياب الوعي أو الفهم في خطورة ما يجري, والكل تحت الضغط الاقتصادي وخصوصا النساء, يمكن أن نعتبر السبب الأكبر هو فشل الحكومة اقتصاديا, فإلى ألان لا تملك الحكومة رؤية اقتصادية, بل الأمر يعتمد على الصدفة والارتجال, والاقتصاد هو العامل الأهم في تحقيق سعادة الناس, ولان الحكومة قصرت فيه, فانتشر بسببه هدر الحقوق الإنسانية.
●الانتهاكات بحق المرأة فضيعة
يقول الحاج ضمد العبودي : العراق من أكثر بلدان العالم انتهاك لحقوق الإنسان, بسبب الفوضى الكبيرة التي تجتاحه, وهنا أتكلم عن انتهاكات بحق المرأة جرت في المحافظات الثلاث ( صلاح الدين والانبار والموصل), بفعل سيطرت الدواعش عليها لفترة طويلة, حيث تحولت المرأة لسلعة تباع في الأسواق, خصوصا النساء الازيديات, وأخريات كان وضعهن مخيف تحت التهديد بالقتل, أو التزام تعليمات الدواعش, خصوصا عبر استغلالهن الجنسي بعنوان (جهاد النكاح), فحولوا الكثيرات الى مجرد مومسات, يعملن عندهم ساعات طويلة لإشباع رغبات مقاتلي التنظيم, هذا الأمر يحتاج لوقفة كبيرة, فبعد زوال الدواعش كيف يمكن معالجتهن نفسيا وصحيا, وما هي رؤيتهن للمستقبل, هذه أمور مهمة يجب على السلطة جعلها أولوية.
ويضيف سلمان ألنوري : النساء في الموصل بعد سيطرت الدواعش, تعرضن لأبشع أساليب الانتهاك, ما بين القتل والأسر, وحتى بيع العشرات في الأسواق, بالاضافة لإجبار العامة لاعتناق أفكار الدواعش, وإلا تعرضوا للجلد أو القتل, فتم فرض لباس معين على الناس والنساء خصوصا, ومنعت من أكمال الدراسة, بالاضافة لفرض جهاد النكاح, للتعبير على ولاء العوائل, وألا اعتبروا خائنين, فأما المشاركة ببنت, أو تعرض العائلة لقانون العقوبات الداعشي, وبعد تحرير الموصل يجب أن تكون هنالك خطط وبرامج حكومية, وتواصل مع المنظمات العالمية, في كيفية تأهيل المرأة نفسيا وصحيا بعد ما جرى عليها, وكيف تستعيد عافيتها, أمور أساسية يجب أن تفكر بها السلطة الحاكمة.وتضيف المواطنة شهد علي: المرأة هي ضحية مجتمع يكيل بمكيالين, فمع الحالة الظاهرة للممارسات الدينية والتي تعطي انطباع أن المجتمع متدين, ومن صميم الدين الاهتمام بالمرأة, والتعامل برفق معها وحفظ حقوقها, لكن ما يحصل خلاف الدين, حيث نتعرض لكل أنواع الظلم وسلب الحقوق, وتحت عنوان الحفاظ على الشرف نمنع من الدراسة, ونمنع من العمل, أما التحرش في الشارع والأسواق والأماكن العامة والوظائف والجامعات فهو أمر شائع, ولا تضع السلطات حد له, انه عالم مخيف الذي نعيشه في العراق, نحتاج لقيادات تغير وعي الناس, وتوضح حالة النفاق التي تعيشها فئة كبيرة, فمن يصلي عليه أن يحفظ الحقوق, والدين واحد وليس أجزاء, فيجب الإيمان به كله, اعتقد أن المنابر والإعلام مقصرة في تغيير وعي الناس للأفضل, بدل حالة الفوضى والنفاق السائدة ألان.
أما المواطنة أم رنين فتقول: المصيبة العراقية هي في رفع الشعارات, فالملاحظ أن كل أحزاب السلطة, ترفع شعار حماية حقوق الإنسان, ويعلنون أنهم جاءوا ليدافعوا عن حقوق المرأة, لكن ما يحصل غير هذا الأمر تماما, فأحزاب السلطة تخلت عن شعاراتها الانتخابية والترويجية, ولم تسعى ولو لخطوة واحدة في سبيل حماية الحقوق وحماية المرأة, ألان المرأة العراقية تحت ضغط فضيع, مع أننا بالألفية الثالثة, لكن تصور حتى ركوب الدراجة اعتبر من قبل المرأة ثورة ضد الظلم, مع انه أمر عادي جدا, وتذكر معي حجم الهجمة ضد من صعدت الدراجة, نتأمل أن تقوم الأحزاب الحاكمة بمسؤوليتها, وتلتزم بشعاراتها في قادم الأيام. الختام:
هنالك امور هامة يجب على السلطة القيام بها لانها اولوية وهي:
أولا: نحتاج لتفعيل قانون العقوبات, كي يتوقف مسلسل التجاوزات, وعندها تحفظ الحقوق,والأمر بيد السلطة التنفيذية والكتل الكبيرة.
ثانيا: وضع خطط لتأهيل المرأة في المحافظات الثلاث, عبر برنامج معلن ومراقب, بعد ما تعرضن لمحنة كبيرة.
ثالثا: حماية الأطفال من العنف والاستغلال عبر آليات واضحة, وليس مجرد شعارات, خصوصا أنها حالة عامة ألان.
رابعا: وضع برنامج حماية كبار السن, فهذا من صميم مسؤولية الدولة اتجاه كبار السن, مع توفير احتياجاتهم بدل تركهم للشارع.
خامسا: حماية الحريات العامة بالقانون, من خطر التطرف والآراء المنفلتة, فالفكر الداعشي ممكن أن يظهر تحت مسمى جديد.
ننتظر من الحكومة تحمل مسؤوليتها في حفظ حقوق العراقيين, عبر سيادة القانون وجعله فوق الكل, ومع تفعيل قانون العقوبات تتغير حياتنا, أما ترك الأمر كما هو ألان, فيعني أن السلطة شريك بالجريمة, نحتاج لسلطة واعية تفهم وتشعر ما يحتاجه البلد, و تجعل قضية حفظ حقوق الناس من أولوياتها, بعد عقود التفريط الطويلة, التي مارستها السلطات بحق العراقيين, نحلم أن يكون العام المقبل, عندما يأتي هذا اليوم, تكون الكثير من الأمور قد تغير.