يقال في الأمثال ان ” اليد الواحدة لا تصفق” ، وهي تعبير مجازي مقبول عن واقع حقيقي ، فالواقع السياسي العراقي يمكن تشبيهه بمركب كبير ، فيه تعدد دفة القيادة بتعدد قادته ، فكلاً يرفع شعار القيادة ، وكلاً يريد السير بالمركب حيثما يريد ، وبحسب رغباته وميوله وأجنداته ، حتى أمسينا لا نعرف أو نعي من يقود الدولة ، اهم الشيعة متمثلين بالتحالف الوطني ، أم تحكمه التوافقات التي جعلت من البلاد كالجسد المريض ينتظر موته ، أم ان الامر مخطط له ، ويراد ان يكون هكذا ، بلا اَي رؤية أو خطط استراتيجية واضحة في الحكم وإدارة الدولة ، والضغوط التي مورست ضده لإدخاله في آتون الحرب الأهلية ، وما تلاه من فتح أبواب البلاد مشرعة امام عصابات داعش ، والتي كان مهيأ لها بصورة دقيقة ومنظمة ووفق خطط مدروسة ، وإسقاط محافظاته الأربعة ، وهو تمهيد لشيء كبير جداً سيتحقق لاحقاً ، لان طريقة داعش في القتال توحي انها “جس نبض” لا اكثر ، وان القادم لا يسر . هنا نعود الى التحالف الوطني الذي عاش مريضاً بمرض زعاماته ، وقياداته التي عكست بؤساً واقعاً مزرياً لهم ، فلا اتفاق ولا توافق ، ولا هدنة ان مهادنة ، إنما سياسة إسقاط وتسقيط وحرب شعواء لا تبقي ولا تذر ، فالدعوة من جانب تقاتل بكل اسلحتها من اجل سلطتها النافذة ، والتي لا نعلم ما هي ارضية هذا النفوذ ، هل هو تاريخ تضحوي ، أم انه إيثار من اجل شعب جائع عاش نكبات الدهر ، ونظام البعث ؟!
الى جانب الأحزاب والتيارات الشيعية الاخرى ، والتي انشغلت بالتصارع على السلطة ، دون الوقوف على مصالح شعباً لا يملك الإرادة في صنع مستقبله ، مقيد بزعامات وأصنام صنعها ويسير خلفها .
الحكيم الشاب عندما تسلم رئاسة التحالف الوطني ، كان يعي تماماً حجم هذه المسؤولية ، والتي لم تكن لتأتي لولا الضغط الذي مورس على دولة القانون من اجل القبول بتعزيز دور التحالف الوطني ، وتفعيل دوره السياسي ، ولكن الإرادة الإقليمية ، الى جانب السياسات الاقصائية التي مورست ضد الشركاء ، والتي كانت سبباً الى ضرورة إيجاد ثورة داخلية ، وإسقاط الأصنام ، والانطلاق نحو تقديم نموذج مقبول في إدارة التحالف الحاكم ، الامر الذي أحرج اصنام التحالف ، حتى وصل الحال الى الانزعاج من كثرة الاجتماعات والتي وضعت المريض على جادة الشفاء .
الحكيم ربما لا ينجح في لملمة شتات التحالف الوطني ، في بوتقة المؤسسات الدستورية ، لان الأمزجة والنفوس لا يروق لها ان تكون خادمة للشعب ، بل سعت الى ترسيخ مفهوم السلط والتسلط ، والتحكم بمصير الشعب ومصالحه .
يبقى تقييم مهمة الحكيم ، ونجاح مهمته منوط بمدى الاستجابة لصوت الضمير ، والنظر الى مصالح العراق وشعبه ، والتعاون بين قوى التحالف التخالفي ، لهذا فان تسنم الحَكِيْم لرئاسة التحالف الوطني ، ليس بالمهمة السهلة ، خصوصاً وان منافسيه السياسيين من الشيعة ، لا يخفون نواياهم في فشل مهمته بتوحيد الصف الشيعي ، قبيل الانتخابات البرلمانية والمحلية المقبلة ، وان عدم حضور البعض منهم جلسات التحالف رسالة غير مطمئنة ، بان مهمة الحكيم لن تكون سهلة ،وان القادم سيكون اصعب .