17 نوفمبر، 2024 6:46 م
Search
Close this search box.

ليرقد ذوي الأجنحة بسلام

ليرقد ذوي الأجنحة بسلام

لأول مرة تقف الكلمات حائرة عمّا أريد كتابته، عاجزة عمّا أريد شرحه، لذلك سوف أترك كل شيء لغوي، سوف أتجاهل تركيب الجمل ورسم الحروف، سوف أغادر طريق الصرف والنحو، سأحاول تغيير مساري لأخاطب ماتبقى من ضمائر، لأنقل لهم صورة من بلدي رسمتها براءة الأطفال.
عادةً ما يرسم الأطفال زهرة، أو شمس، أو حتى منزلا في وسط البستان، عادة ما يرسمون بسمة فوق شفاتهم تسعد قلوب الناس.
لكن ماحدث معي لم يرسم ذلك كلّه، أو حتى شي صغير منه، بل رسم لوحة عنوانها الألم والحزن، وبدل أن أسعد ببسمة، كانت آهاتي هي متنفسي.
لا أريد أن أكثر الكلام، وسأنقل لكم الحكاية كما حدثت معي، والتي هي عبارة عن حوار دار بيني وبين ولدي (علي اكبر) وهو في الصف التمهيدي (مرحلة ماقبل الابتدائية).
لأول مرة منذ بدء العام الدراسي أوصلته إلى باص الروضة، وليتني لم افعل، فبذلك اليوم وبعد عودتي من العمل مساء إلتقينا وكالعادة بدأنا كلام ماقبل العشاء. ولدي: بابا صاحبي حسن الي وياي بالروضه يقول انت عندك ابو واني ما عندي. انا : مسكين الله يساعده. ولدي: صاحبي حسن ابوه مات، داعش شمر عليه قنبلة وفجروه. انا: الله يرحمه، اكيد كان بالجيش. ولدي: لا بالحشد. أقولها بصراحة هنا لم اتمالك نفسي ونزلت دموعي من شدة الألم الذي تكلم به ذلك الطفل البريئ مع ولدي، وكيف تذكر والده الشهيد مذ رآني مع ولدي. نعود لنكمل. انا: لا بابا ماكو شي. ولدي: بابا داعش ليش قتلوا ابو حسن صاحبي. انا: حبيبي علاوي داعش ارهابيين ويريدون يقتلون كل الناس وهذا ابو صاحبك بطل وشجاع، لان راح يقاتلهم ويدافع عنا وخلينا نطلع ونشتري براحتنا. . هنا حاول على اكبر ان يزيد بأسئلة اخرى لكن الموقف كان اكبر من التفكير بإجابة عنها
هنا احسست كما نحن صغار مقابل العطاء الذي قدمه هولاء الابطال، كم نحن بعيدون عن التفكير بعوائل هولاء الشهداء، وكيف هو حال ابنائهم. > كم حسن الان يفترش الرصيف، وكم مثلهم لايجدون ما يكفيهم من مال ليسدون فيه رمق العيش
هنا أقسمت أن أجعل أولادي يعيشون حالة اليُتْم، رغم إني الله مازال يرزقني الحياة، لكي أشعر بباقي أبناء الشهداء، أقسمت أن لا أخرج معه، وأن لا أحضر أي اجتماع لأولياء الأمور ، لكي لايرانا حسن الذي فقد والده من اجل حياتنا.
علينا أن نكون رحمة لأولئك الأطفال، علينا أن نقود ثورة للدفاع عن حقوقهم والعمل على أسعادهم، علينا أن نسخر أقلامنا لخدمتهم فهم أولاد ذوي الأجنحة الذين أناروا بأرواحهم الطاهرة سماء الوطن.

أحدث المقالات