{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم،أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
أشرقت صرخة ميلاد الشهيد علي مزهر صالح الجابري، على الدنيا الفانية، في العام 1965، في ناحية “الطار” الواقعة على بعد 15 كيلومتر، جنوبي “سوق الشيوخ” في الناصرية؛ ليبدأ العد التنازلي نحو جنة الخلود.
يعود كرم محتده، الى عشيرة “جويبر” الخاقانية، أصلا رفيعا، ينبض في العروق.. عمل معلماً، لمادة التربية الاسلامية، في مدرسة “المدائن” بمسقط رأسه، الذي عاش فيه، متوائما مع الذات، في نوع رفيع من تصالح إيجابي مع الوجود.. دينا ودنيا.
شخصيته
ذو طباع هادئة وأخلاق دمثة.. رصين بساطة؛ حببت خلق الله فيه.. قوي العزيمة، مستمدا ثقته بنفسه، من إيمان بالله، يتجذر في تكوينه؛ عاش من خلاله بثقافة دينية راسخة، جعلت شخصيته رزنة ورصينة، بما طلت عليها من وقار وأناة وهيبة وطمئنينة تفيض من محياه.. عطرا شذيا يهدئ روع الآخرين، إلتفافا حول قسمات وجهه وألفاظ كلامه المحسوب قياسا بميزان من ذهب حاضر البديهة.
لذلك يستظل بفيء هدايته شباب “الطار” من ضلالة التيه.. يساعدهم على الوصول للحقيقة المطلقة، التي تشع نورا من عرش الله في السماء السابعة.
الإنتفاضة
شكلت إنتفاضة آذار 1991.. الشعبانية، منعطفا حادا في ثوريته؛ ناذرا ما تبقى من عمره في الحياة الدنيا؛ للعمل بجد، على معارضة نظام الطاغية المقبور صدام حسين، بدأب جاد ومنظم ومدروس تأمليا.
إذ وئدت الإنتفاضة ببشاعة فظيعة، سفحت فيها دماء الابرياء، من خلال إبادة جماعية؛ أدت الى إنفلات العرق الهشمي من عقال السلم؛ الى إعلان حرب على شخصية من علي على نظام صدام؛ متحقا بصفوف فيلق “بدر – منظمة بدر بعد 9 نيسان 2003” ضمن خطوط عمل الداخل، منفذا عمليات كبرى، في الناصرية وسواها من محافظات العراق.. مخططا وقائدا ومنفذا.
الدوري
آخر العمليات، التي وضعت حدا لحياته، هي محاولة إغتيال عزت الدوري.. نائب صدام وشريكه في جرائم إبادة الشعب العراقي.
جرت المحاولة عند مقدم المجرم الدوري، زائرا كربلاء، العام 1998، في عملية تعد الثانية، من حيث جسامة حجمها، بعد محاولة إغتيال عدي.. نجل الطاغية، التي كتب لها النجاح بإعاقته.
في عملية “الدوري” إستشهد علي، مع مجموعة من المؤمنين الشباب، فنكل النظام بعائلته؛ عملا بقول شخصية دينية: “العقوبة في العراق، تبدأ بالإعدام ولا تنتهي به؛ إنما تلاحق ذوي المعاقب، وهو في قبره”.
الرشاد
فعلا أعدم شقيقه الأكبر علاء مزهر صالح الجابري.. تولد 1962، وسجنت عائلته.. نساءً وأطفلاً، في معتقل “الرشاد” ببغداد، سنوات عدة.
ووري علاء الثرى، الى جانب شقيقه علي، ملتحقا به، في نعيم الجنان خلودا؛ إذ دفن من قبل مخابرات صدام، في ما يسمى.. آنذاك بـ “مقبرة الخونة” في الكرخ.
تشظى ذكر صدام لعنة، وتسامى ضحياه الى مصاف الاولياء والانبياء التقاة، في فراديس البقاء الابدي، الى جوار رب كريم، لا يرتضي ظلم الانسان للإنسان؛ إذ كتب على نفسه الرحمة، وعدل القصاص.. وإن طال الزمن؛ فهو “يمهل ولا يهمل” جل وعلا.