ايام قليلة تفصل القوات الامنية عن الشهرين منذ بدأ التحرك لاستعادة الموصل العراقية من تنظيم داعش المدينة التي تعتبر الاكبر في العراق بعد بغداد لكنها الاكبر من بغداد مساحة وثروة وتركيبة سكانيا وبالتالي فأنها تعتبر المعقل الاول ربما بعد حلب والرقة ,, سنتان ونيف منذ دخول داعش الى مدينة الموصل دخولا الى الان يثير الجدل والتساؤل فلم تصمد المدينة التي تحتوي على عشرات الالاف من الجيش والشرطة لتسقط ببضع ساعات وتصبح مدينة مستباحة من الفها الى ياءها لتمهد الى خليفة الدولة الاسلامية ان يصعد الى دكة الخطابة خطيبا شأنه شأن خلفاء الاسلام الذي يحلم ان يكون منهم ,,
بعد مضي أكثر من خمسين يوما على تحرك الجيش العراقي وحشده الشعبي نحو المدينة لتحريرها وهو يقضم الارض الواسعة المترامية الاطراف بقوة وبمهارة ومهنية وخطط عسكرية اذهلت قوات داعش التي حذرت الحكومة العراقية من اي تحرك نحو المدينة بأنها ستذيق قواتها النار والحرور وسترسلهم الى جهنم دون رحمة ,, وسترى تلك القوات الغازية (لارض التمكين) مالم تراه سابقا في حروبها ودخولها لمدن الرمادي والفلوجة والصقلاوية وجرف الصخر والصينية وبيجي وصلاح الدين وتكريت واي مدينة أخرى كانت تحت حكم الخلافة فهي هذه المرة مصرة أن تعمل على ابادة الجيش والحشد بسلاح فتاك لم يألفه الجيش ولم يتعامل معه سابقا ابدا . بعد هذه المدة التي شارفت على الشهرين وصلت القوات العراقية الى قلب مدينة الموصل وهي تعيد القرى والقصبات والاقضية والنواحي الواحدة تلوه الاخرى ويبدو أن السلاح الفتاك التي كان البغدادي يتوعد به القوات العراقية هي السيارات المفخخة المحملة بأطنان من المتفجرات وخليط المواد المتفجرة من (السي فور ) (والتي أن تي ) ومادة الكلور وحرق الابار وحرق معامل الكبريت والحديد وقطع العتاد لمربوطة بأحكام بعضها ببعض ربط الخبراء والاختصاص في عالم التفخيخ التي اشتهرت به قوات داعش والتي استقت معلوماتها من مدارس القاعدة التي انتهت وبقيت رجالاتها وانخرطت مع داعش او حسب الدروس التي تعلموها في افغانستان وربما في مدارس بعض الدول العربية والاقليمية للعراق وسوريا ..
يمتطي تلك العجلات المفخخة رجال من داعش اغلبهم من الدول المجاورة وهم انتحاريين (جهاديين) متمرسين اوصوا بوصاياهم لاهلهم وقرروا الرحيل الى عالم الفردوس والزواج من الحور العين او الجلوس على مأدبة غداء مع الرسول ,وتسير تلك السيارات المفخخة بسرعة هائلة لتصطدم بأي قوة عسكرية موجود وتنفجر مخلفة العشرات من الجثث والخراب ولايهم أين ومتى يتم التفجير حتى لو تطلب ذالك قتل المدنيين من أهل الموصل مع الجيش والحشد ايضا.
وصل عدد المفخخات اليوم الى أكثر من 637 مفخخة تقريبا بواقع 13 عجلة مفخخة يوميا تنفجر على القوات او يتم معالجتها او تفجيرها بصواريخ الكورليت الروسية والايرانية والدبابات والاسلحة الخارقة المحمولة على اكتاف المقاتلين الاشداء قبل الوصول الى هدفها المرسوم لها ,,هذا العدد الهائل من تلك التحضيرات للقوات الامنية كان قادة القوات في داعش يحذرون ويتبجحون بأنها ستكون الرادع الكبير للجيش العراقي الذي تمنعه من التحرك الى الامام ويبدو ان القوات العراقية وبحكم تجربتها الطويلة في تعاملها مع داعش خبرت اللعبة جيدا وعرفت كيف تتعامل مع تلك العجلات التي لم تقف عائق بطريق التحرير والدخول الى الموصل ,,هذه الامكانية الهائلة والقدرة الكبيرة المالية تجعل المتتبع يتسائل من اين وكيف يحصل داعش على كل هذا التمويل ؟ الذي يصل الى مليارات الدولارات وهو يتعامل مع قوات كبيرة مدربة تدريبا جيدا تعرف كيف تسير في المعارك البرية بصورة المنتصر الدائم وتقهقر العدو امامها ناهيك عن الغطاء الجوي الدولي والعراقي الذي يتعامل مع أهداف منتقاة في الدولة الاسلامية وبحذر شديد خوفا على المدنيين ..ادى هذا التحرك الجوي ايضا الى جعل قادة التنظيم في العراق وسوريا يعيشون الرعب والخوف ويتوقفون عن استعمال اجهزة الاتصالات واصبحت تحركاتهم ليلا فقط وينامون مع الاهالي وعجلاتهم غير مشبوه ويتحركون بأرتال سرية وانفاق طويلة خوفا من استهدافهم بالطائرات المسيرة التي صادت في شهر اب اخطر شخصية في التنظيم في سوريا هو المتحدث الرسمي للتنظيم (ابو محمد العدناني )39 سنة الذي قتل في منطقة الباب بصاروخ (هيلفاير ) وايضا تصفية (ابو عمر الشيشاني) ذو اللحية الحمراء وهو وزير الدفاع للتنظيم ويعتبر من قادة التنظيم الكبار بل هو الساعد الايمن لأبو بكر البغدادي الذي قتل في العراق في أجتماع موسع للتنظيم وبطائرات عراقية والبعض يقول انها أمريكية وفي ايلول ايضا قتل وزير الاعلام لابو بكر البغدادي المدعو ( وائل عادل الفايد) في مدينة الرقة في 6 ايلول وفي 30 ايلول قتل (ابو جنات) الضابط المحنك في التنظيم وفي منتصف تشرين الثاني قتل المسؤول عن شبكة العمليات الخارجية للشرق الاوسط (عبد الباسط العراقي) المسؤول عن شن هجمات على اهداف غربية ولم يكن العراقي الشخص الاخير في هذه الاغتيالات بل استمرت لتصل الى محاولات عدة لاصطياد البغدادي الذي بدا عليه أنه يخشى الخروج او التحدث باجهزة الاتصالات او التقرب من السطوح او المناطق التي تحوي على اطباق لاقطة للبث التلفزيوني وتجنب السير في طريق واحد لمرتين مع التحركات المستمرة دوما وعدم البقاء في مكان واحد خاصة بعد أن رصدت القوات الامريكية مبلغ 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن البغدادي والعدناني الذي اغتيل في سوريا بصاروخ امريكي
اليوم وفي ظل هذه التطورات تحرك بعض قادة التنظيم في العراق وسوريا ودعو لاجتماع تشاوري موسع الغاية منه ايجاد خليفة بديل لأبو بكر البغدادي هذا التوجه اللافت لقادة جيش الشام والرقة ودعوتهم الى العراق لايجاد البديل يعني ان قيادة بو بكر البغدادي للتنظيم اصبحت غير ممكنة وأن الرجل ربما يكون قد أنتهى وقته (اكسباير) ويعلل القريبين من الحدث ان البغدادي ربما يغادر الموصل الى تركيا ويترك التنظيم لشخص غير معروف اعلاميا او شخص مغمور يستطيع التحرك والتوجية بحرية اكبر وبقدرة مرنة ويكون هذا الشخص ميداني افضل من ان يكون خلف الجدران او داخل الانفاق الضيقة .
الايام القادمة وربما في نهاية العام الحالي تكون اسطورة القوة والرعب في العراق انتهت وان الاسلحة والتهديد والقادة المتحدثين حول دولتهم المرعبة التي ليس لها حدود ربما بدأت البحث جديا عن مكان آخر بعيد والتوقعات كما يعتقد البعض تكون في احدى جزر الفلبين في المحيط الهادي ليمارسوا اعمالهم في ما بينهم .
[email protected]