عقد من الزمن وثلاث سنين، مضت في ظل العراق الجديد، وتجاوزنا كثير من المحن والصعوبات، وبين الشد والجذب السياسي، لابد لنا التوقف والتقييم، للمرحلة الماضية، وما لها وما عليها، ومعالجة الأخطاء، ونتعلم من التجارب، وأن ندرك معنى العمل السياسي، ونفرق بين أدارة الدولة والعمل الحزبي، وفصل الإدارة عن السياسة، وهذا الأمر يجعل الحكومة تنجح بعملها، وتنجز برنامجها السياسي والخدمي بنجاح.
هناك كثير من الأفكار التي تراود الذهن، خصوصا عندما نقلب التاريخ، ونرى مواقف العلماء الشيعة، مع الدولة العثمانية، وإعلان الجهاد ضد الاستعمار البريطاني، في العقد الثاني من القرن التاسع عشر، وما قدموه من تضحيات كبيرة وجليلة، ولم ينتظروا من أحد الشكر أو المقابل، لكنهم شعورا منهم بواجبهم الشرعي والوطني، تجاه بلدهم وأرضهم، ولم يقولوا أن الدولة العثمانية على المذهب السني، وهم من إتباع ابوحنيفة النعمان، وأنه من أصل فارسي، ونحو عرب.
الوطن أكبر من جميع التسميات، وعلى من يحن إلى أعادة عقرب الساعة إلى الوراء، ويعتمد على الخارج فهو واهم، وعليه مراجعة حساباته، والمتغيرات على ارض الواقع تجعله لا يلحق بقطار المصالحة، ويترك التسوية الوطنية، سيسحق بأقدام أخوته من أبناء جلدته، الذين يسبقوه في التعاطي مع هذا الملف، الذي أصبح ضرورة وطنية ملحة، وأن أسياده يتخلون عنه بكل بساطة، والتجارب كثيرة، على مر الزمن، ولا عيب أن نتعلم من تجارب الشعوب.
أن الدول المحيطة للعراق، من الجنوب إلى الغرب، ومن ثم إلى الشمال، لها أطماع في ثروات البلد، ويبحثون عن ضم هذه الأراضي إلى بلدانهم، والاستفادة من خيراتها، والسيطرة على سياسييها، وبهذا ينجحون في تمزيق العراق، وأضعافه، لهذا نجد بعض الساسة، يماطلون، ويدفعون باتجاه رفع سقف المطالب، وإفشال التسوية الوطنية التي يسعى التحالف الوطني للاتفاق عليها مع باقي المكونات، لخلق مصالحة مجتمعية تخدم الجميع.
في الختام؛ التسوية الوطنية، تخدم الجميع، وفرصة ثمينة، فلا تضيعوها.