18 نوفمبر، 2024 12:54 ص
Search
Close this search box.

النبي محمد(ص) أول من حررالعبيد بل وعلمهم وكرمهم(4)

النبي محمد(ص) أول من حررالعبيد بل وعلمهم وكرمهم(4)

المنهج الإلهي للامام علي بن الحسين في تعامله مع العبيد بتاكيد شخصيتهم وتحقيق كرامتهم
ان منهج اهل البيت ما هو الا امتداد للنبي(ص) في سيرته المباركة وانعكاسا لاخلاقة العظيمة .حيث جسدها باروع صورة الامام زين العابدين بموقفه من المماليك فيمثل القمة والخلاصة للموقف الاسلامي بما فيه من نظام دقيق، وقيم خلاّقة، واساليب تربوية وسياسية رفيعة.
فكان الامام السجاد يشتري أعدادا مختلفة من هؤلاء الأرقاء بعنوان خدم ، لأجل تحريرهم ، إلا إنهم كانوا يبقون فترة من الزمن تحت توجيهه لتربيتهم وتعليمهم وتهذيب أخلاقهم وتصحيح عقائدهم ، ثم يعتقهم ، وفي خلال سنة كاملة ، و يسجل عليهم أخطاءهم و إشكالات عملهم دون أن يعاقبهم عليها في نفس الوقت ، إلى أن يأتي رأس السنة الأخرى فيقوم بتقريرهم عن تلك الأخطاء ، حتى لايعودوا لمثلها و بعد أن يقروا بتلك الأفعال منتظرين العقاب يعفو عنهم و يطلب منهم أن يدعوا الله له بالمغفرة كما عفا هو عنهم بعد أن استحقوا العقوبة انظر خارطة طريق الامام السجاد بتحرير العبيد وتربيتهم ومنحهم الأموال
أولا :ان في ذلك المنهج تأكيد (شخصية أولئك الارقاء بل وتكريمهم ) ، سواء كانوا أحرارا أم موالى او عربا بخلافا النظرة السائدة . من أن الخادم لا شخصية له و ان الفارق بينه و بين مخدومه ـ الفارق الظاهري و الواقعي في رأيهم ـ فرق كبير ، ولكن أئمة اهل البيت رواد الفكر الإسلامي ، يعطون لخدمهم شخصيتهم التي يستحقونها كبشر و كمؤمنين .
ثانيا:ولم تكن رحمة زين العابدين بالناس ، عطاء يعطى ، بل كانت مع ذلك سماحة وعفوا ، يعفو عن القريب وعن القعيد ، وعمّن ظلمه وأساء إليه.  منها انّ جارية كانت تحمل الابريق ، وتسكب الماء ليتوضّا ، فوقع على وجهه وشجه. فرفع رأسه إليها لائماً ، فقالت : والكاظمين الغيظ.
قال : كتبت غيظي.
قالت : والعافين عن الناس.
قال : عفوت عنك.
قالت : والله يحبّ المحسنين.
قال : أنت حرّة لوجه الله.
بهذه الأخلاق السمحة الكريمة ، وبالتقوى التي لا تعرف سوى الله اشتهر زين العابدين (الانسان الكامل)
ثالثا:ما تكبراو نهراو استخدم خادماً فوق حوله.
رابعا:كان اذا ملك عبداً في أول السنة أو في وسط السنة اذا كان ليلة الفطر اعتق.
خامسا:يستبدل سواهم في الحول الثاني ثم أعتق، كذلك كان يفعل حتى لحق بالله تعالى،
سادسا:ولقد كان يشتري السودان وما به اليهم من حاجة يأتي بهم عرفات فيسدّ بهم تلك الفرج فاذا أفاض أمربعتق رقابهم مع المال
سابعا:وقد كان يلقّنهم مدة بقائهم عنده من التربية والاداب والتوجيه الأخلاقي ما يجعلهم احرار النفوس قبل ان يكونوا احراراً في واقع الحياة.
ثامنا:حيث كانت لكل واحد من العبيد صحيفة اعمال يسجل فيها الامام سيئاته واخطاءه فإن حان وقت التحرير قرأ عليهم صحائف اعمالهم وهنا يعترفون بما ارتكبوا من الاخطاء ..حتى لايعودوا لمثلها ..فيعفو عنهم ثم يطلب منهم ان يعفوا عنه ويصفحوا فيقولون: قد عفونا عنكَ وما أسأتَ!.
تاسعا:لا يخفى عليه ان المماليك يرغبون بعد تحريرهم ان يكتسبوا ويشقوا دربهم العملي في الحياة فيعطيهم رؤوساً من الاموال على هيئة منح وهبات، ولا يسترد منهم ذلك ما سمر سمير.
عاشرا:القد ستطاع الامام السجاد من خلال تلك الدورات ان ينشيء من هؤلاء المماليك جيلا من العلماء والقراء والمحدثين
خارطة طريق تحرير وتثقيف العبيد في مدرسة اهل البيت وثيقة تاريخية: وهي تكشف ن روح الاسلام ونظرته الأخلاقية  العالية المضامين للارقاء، ، كما انها رد صريح لفئة من المستشرقين  متمثلاً في سياسة احد كبار قادته الميامين تجاه العبيد.
عن الامام جعفر الصادق: كان علي بن الحسين اذا اذنب العبد والامة يكتب عنده: اذنب فلان، اذنبت فلانة.. يوم كذا وكذا ولم يعاقبهم.. فيجتمع عليهم الادب.
حتى اذا كان آخر ليلة من شهر رمضان دعاهم وجمعهم حوله ثم اظهر الكتاب ثم قال: يا فلان فعلت كذا وكذا ولم أؤدبك، أتذكر ذلك؟ فيقول: بلى يابن رسول الله، حتى يأتي على آخرهم ويقررهم جميعاً، ثم يقوم وسطهم ويقول لهم:
(ارفعوا اصواتكم وقولوا: يا علي بن الحسين ان ربك قد احصى عليك كل ما عملت، كما احصيت علينا كل ما عملنا، ولديه كتاب ينطق عليك بالحق، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة مما أتيت الا احصاها، وتجد كل ما عملت لديه حاضراً كما وجدنا كل ما عملنا لديك حاضراً، فاعفُ واصفح كما ترجو من المليك العفو، وكما تحب ان يعفو المليك عنك فاعفُ عنا.. تجدْهُ عفوّاً، وبك رحيماً، ولك غفوراً، ولا يظلم ربك أحداً. كما لديك كتاب ينطق بالحق علينا. لا يغادر صغيرة ولا كبيرة مما اتينا الاّ احصاها، فاذكر يا علي بن الحسين ذلّ مقامك بين يدي ربك الحكم العدل، الذي لا يظلم مثقال حبة من خردل.
ويأتي بها يوم القيامة وكفى بالله حسيباً وشهيداً، فاعفُ واصفح يَعفُ عنك المليك ويصفح، وهم ينادون معه وهو واقف بينهم يبكي وينوح ويقول:ربّ انك أمرتنا أن نعفو عمن ظَلَمنا، وقد عفونا عمن ظلمنا كما أمرت فاعف عنا، فانك أولى بذلك منا ومن المأمورين، وأمرتنا أن لا نردَّ سائلاً عن أبوابنا، وقد أتيناك سؤّالاً ومساكين وقد أنخنا بفنائك وببابك نطلب نائلك ومعروفك وعطاءك، فامنن بذلك علينا ولا تخيِّبنا فانك أولى بذلك منا ومن المأمورين.
إلهي كرمت فأكرمني إذ كنت من سُؤّالك وجدتَ بالمعروف فاخلطني بأهل نوالك يا كريم.
ثم يقبل عليهم فيقول:قد عفوت عنكم فهل عفوتم عنيّ ومما كان مني إليكم من سوء ملكة؟ فاني مليك سوء، لئيم، ظالم، مملوك لمليك كريم جواد عادل محسن متفضل.
فيقولون:قد عفونا عنك يا سيّدنا، وما أسأت.
فيقول لهم قولوا: اللّهم اعف عن علي بن الحسين كما عفا عنا، فاعتقه من النار كما أعتق رقابنا من الرقّ.
فيقولون ذلك.
فيقول: اللّهم آمين ربَّ العالمين، اذهبوا فقد عفوت عنكم، واعتقت رقابكم رجاء للعفو عني وعتق رقبتي فيعتقهم، فاذا كان يوم الفطر أجازهم بجوائز تصونهم وتغنيهم عما في أيدي الناس، وما من سنة إلاّ وكان يعتق فيها في آخر ليلة من شهر رمضان ما بين العشرين رأساً إلى أقل أو اكثر، وكان يقول:
ان للهِ تعالى في كل ليلة من شهر رمضان عند الافطار سبعين ألف ألف عتيق من النار كلّ قد استوجب النار، فاذا كان آخر ليلة من شهر رمضان أعتق فيها مثل ما أعتق في جميعه، واني لاحب أن يراني الله وقد اعتقت رقاباً في ملكي في دار الدنيا رجاء أن يعتق رقبتي من النار.
مقارنة بدوافع ومبررات مشروع الامام السجاد في التحرير  
لقد كان مشروع الامام زين العابدين في تحرير المماليك مبررات ودوافع روحية واخلاقية ، وبالاضافة الى ذلك فان له مبررات ودوافع سياسية واجتماعية ينبغي الالتفات اليها من خلال الامعان في الوثيقة التاريخية الاتية.
وبالمقارنة بين الوثيقتين من وثائق التاريخ السياسي، الوثيقة التي تستعرض صنيع زين العابدين ومنهجه القويم في التعامل مع الارقّاء وتحريرهم، والوثيقة التي تستعرض استعباد القيادة السياسية الاموية للاحرار، يظهر اكثر من فارق جوهري بين مبدئية علي زين العابدين وسياسته واخلاقيته المثلى وبين مبداء القوة للامويين في استعباد الاحرار .
شتان بين بلاغ الهدى العابدين وقوة فرعنة الظالمين  
فقد بايع قائد جيش بني امية مسلم بن عقبة أهل المدينة كافة وفيها بقايا الصحابة واولادها وصلحاء التابعين على ان كلاًّ منهم عبد قِنٌّ لامير المؤمنين يزيد بن معاوية، إلاّ علي بن الحسين فانه بايعه على أنه اخوه وابن عمه ونقشوا اكف المسلمين علامة لاسترقاقهم. انظر شرح نهج البلاغة 15 / 242 ـ ط. دار إحياء الكتب العربية.
كانت بنو أمية تبيع الرجل في الدَّين يلزمه وترى انه يصير بذلك رقيقاً، كان معن ابو عمير بن معن الكاتب حراً مولىً لبني العنبر فبيع في دين عليه، فاشتراه ابو سعيد بن زياد بن عمرو العتكي، وباع الحجاج علي بن بشير بن الماحوز لكونه قتل رسول المهلَّب على رجل من الازد.
وكانت بنو امية تختم في أعناق المسلمين علامة لاستعبادهم.
لقد جاء مشروع الامام زين العابدين في تحرير المماليك في عصر كانت القيادة السياسية فيه تستعبد الاحرار ايَّما استعباد فكأن زين العابدين أراد من مخططه الانساني والرسالي أن يعكس للامة في عصره وللتاريخ معاً ان للانسان بما هو انسان قيمة عليا لا يصح أن يفرَّط فيها سواء كان رقاً أم حُرّا، واراد أن يثبت ـ بشكل قاطع ـ ان المنهج الاسلامي اسمى وأرفع بمراحل من القيمة التي يتوخاها طواغيت الحكام للاحرار من المسلمين.(ان في هذا لبلاغاً لقوم عابدين)الأنبياء:106

[email protected]

أحدث المقالات