عام 2006، والاعوام الثلاثة التي تلته، كنت مهاجراً من العراق، ومقيماً في العاصمة السورية دمشق. ورغم الام الغربة، وسحب القلق من احداث قادمة: عراقياً واقليمياً، رغم ذلك بدأت التفكير في الكتابة عامة والصحفية خاصة. كان ذلك بعد وصولي ببضعة اسابيع. والهدف الابرز مما نويت عليه: التواصل مع القارئ، ابداء الرأي في موضوع ما، والتقليل من متاعب الفراغ. لكن الكتابة في الصحف السورية خاصة، والمطبوعات السورية عامة، ليست امراً سهلاً، ولاسباب عديدة. فهناك اربع صحف يومية فقط (ثلاثة تصدرها الدولة وواحدة مستقلة).
مجالس ادبية برسم الاحتضار
كتبت مقالاً بعنوان (مجالس ادبية برسم الاحتضار) ويعالج وضع المجالس الادبية في بغداد. نشر المقال في جريدة (تشرين)، بتاريخ (5/2/2007)، تشجعت وقدمت للجريدة مقالاً اخر، فجاءني اعتذار ملطف، وفهمت الاشارة؟!.ولم تتوقف محاولاتي في الكتابة. وبواسطة الاعلامي العراقي (موسى السيد) الذي يعمل في الاعلام السوري منذ مطلع سبعينات القرن الماضي، توجهت نحو جريدة (النور) الدمشقية الاسبوعية. الجريدة ناطقة باسم الحزب الشيوعي السوري الموحد (وهو فصيل اساسي من فصائل الحركة الشيوعية في سورية- جناح يوسف فيصل وحنين نمر).
الاديب السوري محمود الوهب
في ضاحية من ضواحي دمشق (قرب ساحة الشاهبندر)، كان مقر جريدة النور. قصدتها. كانت حديقة دمشقية. ولم اجد صعوبة في التعرف على كوادرها. بل وجدت نفسي واحداً من اسرتها. فلم اطالب بجواز سفر، او هوية تعريف، او بطاقة تزكية، ولم املأ استمارة معلومات. وجدت الطريق سالكة لاقيم علاقات عمل ثقافي مع ابرز محرريها. وفي مقدمتهم الاديب والتربوي والكاتب محمود الوهب. واخذت مقالاتي طريقها نحو صفحات جريدة النور. كتبت عن: المؤرخ الدكتور احمد صالح العلي، والاثاري الدكتور سامي سعيد الاحمد. كتبت عن رسامي الكاريكاتير،.. مواضيع عديدة كتبتها في تلك الجريدة.
العلاقة مع اليساريين في سورية
هذه المساهمات الكتابية قربتني اكثر الى اليساريين في في سورية، خصوصاً: الشيوعيون، وعلى وجه التحديد جناح يوسف فيصل واسمه: الحزب الشيوعي السوري الموحد، وهكذا كنت اكتب في جريدتهم (النور)، واحضر ندواتهم. وذات مرة اقام الفصيل السياسي ندوة مسائية في المركز الثقافي بالمزة، وهي ضاحية من ضواحي دمشق. الندوة اقيمت لمناسبة صدور مذكرات رئيس الحزب يوسف فيصل عن تاريخ الحركة الشيوعية في سورية. كان ذلك في الشهر الاخير من عام 2006، وكنت مدعواً لهذه الندوة.جئتكم من الناصرية.
تصدر الحاضرين قادة الحزب الشيوعي السوري الموحد: يوسف فيصل وامينة العام حنين نمر. وكذلك مجموعة من الصف الثقافي الاول بالحزب: محمود الوهب وعطية مسوح ومدير تحرير الجريدة، وقد نسيت اسمه، وشخصيات ثقافية شيوعية عديدة، وجمهور كبير من منتسبي الحزب واصدقائه. وبعد ان قدم المؤلف عرضاً لكتابه، فتح باب النقاش والمداخلات. كنت المتحدث الاول بالندوة ممن طلبوا الحديث. ولم يكن ذلك محض مصادفة. ابتدأت مداخلتي بالقول: (المتحدث من العراق، بل من جنوبي العراق، وتحديداً: من مدينة الناصرية.. مدينة الشهيدين الخالدين: يوسف سلمان يوسف (فهد) وفؤاد الركابي). وما جاء في هذا المدخل، كان ضرورياً ومقصوداً، لكي اتناغم مع بيئة الندوة من جهة، ولكي اعلن عن هويتي العراقية والمدينية واصطفاني الفكري والسياسي من جهة اخرى.