عرضت المسرحية في بغداد على خشبة المسرح الوطني يوم 28/ 11 / 2016 و الأيام التالية و قدم العرض نفسه على انه عرض جماهيري ، أي انه عرض مسرحي ليس لفئة خاصة و طبعا المقصود بالعبارة انه ليس مخصصا لجمهور المسرح الجاد المعتاد ، أو جمهور المسرح البغدادي الخاص ، الذي ندعوه دائما بالجمهور المثقف أو النخبة كما يحلو للبعض تسميته ، و العرض قدم نفسه أيضا تحت عنوان المسرح البديل ، ما يعني استبدال شيء بشيء ، و الغاية هي استبدال المسرح الهابط ( الذي ينتقده الجميع علنا ) حيث ” استهن الكثير من الفنانين العراقيين غزو المسرح التجاري وعدوه واحدا من إفرازات الحروب التي ساهمت بشكل أو بآخر من تشجيع هذه الظاهرة بحجج كثيرة. أكثر تلك الحجج رواجا، هو أن المشهد العراقي المأساوي، لابد له من مسرح يساهم في ترطيب الأجواء الساخنة التي تشعلها سلسلة الحروب التي عاشها وما زال يعيشها . ” (1) و ساهم هذا الرأي و غياب المسرح البديل إلى أن يختار محبي السهر الذهاب إلى المسرح التجاري بدل الكباريه ( الملهى ) لأن كلاهما يقدم أشياء متشابهة أحيانا ، و لا اطلب شخصيا إيقاف هذه المهازل ففي المجتمعات المتحضرة ينبغي توفر البدائل ، إنما ينبغي منافسة هذا المسرح أو تقديم البديل بمسرح يصنعه مثقفون ليقدم للعامة كفن شعبي و جماهيري ، يقدم على نحو متوازن ، بين الضحك ( المتعة ) الذي يريده الجمهور و بين التفكير ( التعلم او التغيير كفائدة ) ، وبهذا يحاول ان يقدم بدائل أكثر احتراما . العرض إذن ( جماهيري عام ، شعبي ، كوميدي ، جاد ) فهل كان كذلك .
ابتدأ العرض من تحطيم صنم ( تمثال ) و هي إشارة واضحة إلى إن العرض يعيد صياغة أحداث حدثت و قصة بطلها المواطن العراقي عبر استعادة لقطات سريعة من حياته سقوط الصنم و تغيير النظام و إعادة أحداث حياتية يومية المظاهرات و غيرها ضمن حدود الوعي الجمعي الممثلة بالمجموعة وفق حركة تعبيرية بالجسد و إعادة صياغة الواقع على نحو ملحمي .
و المجموعة هنا وردت على إنها جوقة أيضا و ليست فقط مجموعة من الناس و الجوقة في المسرح شخصية لها وجهة نظرها و هي محط نقد و انتقاد و تأثير في الأحداث و هذا ما حدث عندما صورها المخرج من زوايا عدة و على نحو تعبيري و لم تستخدم على حد علمي في عروض المسرح التجاري الشعبي خصوصا على هذا النحو ( جوقة ) تتحرك و تتحدث معا ، إنها تقدم هناك على أساس كونها مجموعة من الناس في مشهد واقعي حياتي (*) و قد استخدمت الجوقة على هذا النحو في المسرح الملحمي عندما استلهمها برشت من المسرح الإغريقي ليعيد صياغتها بشروط مختلفة في مسرحه على الرغم من إن هناك مزيجا من الطرق نظرا لاستخدام جسد الممثل أيضا .
إما على صعيد الشخصيات الأخرى فقد ظهرت من الأحداث التي تتمحور حول تمرين مسرحي يحاول فيه المخرج تصحيح أخطاء الممثلين إن وجدت ، و العرض اقرب الى الجنرال بروفة من تمرين عادي فهو مكتمل تقريبا كعرض و بلا هذه القصة لا رابط لمشاهده إلا المخرج الممثل ( طلال هادي ) نفسه و تعد هذه الشخصية مدخل مشابه للرابط بين الأحداث في
المسرح الملحمي ( الراوي ) . و الراوي كما نعلم يسرد الأحداث و يعدلها و يتدخل في مجراها ، إلا إن نص العرض فتح بقصة ( إنتاج عرض داخل عرض ) أعيننا على زوايا لا يراها المتلقي في مسرح النخبة و لا المتفرج في المسرح الجماهيري التجاري عادة . و تلك الزوايا هي زوايا رؤية تمر عبر الكواليس و أجواء التمارين التي تذكرنا بمسرحية بيرندللو ” ست شخصيات تبحث عن مؤلف ” التي قدمتها الناقدة المصرية ( د . نهاد صليحة ) على إنها ( مسرحية تكعيبية ) نظرا لعرضها الخشبة من زوايا نظر أخرى غير جهة الجدار الرابع ، ربما ينظر الجمهور هنا عبر الجدار الثاني أو الأول أو الثالث ، و هي رؤية استبدالية لم يتعود عليها الجمهور من قبل عكس الخاصة من المتلقين و الاستبدال في استخدام تقنية من تقنيات الكتابة الشكلية في المسرح الجماهيري . كما تعد شخصية المخرج هنا سببا استغله المخرج طلال هادي لإبراز فكرته في النص عبر كسر الإيهام التي استخدمت لاستفزاز المتلقي وتنبهه ليفكر بالموضوع و ذلك بإخراجه من دائرة الإيهام و هو أسلوب استخدمه برتولد بريشت في المسرح الملحمي .
و إن سحبنا الرابط بين الأحداث ( شخصية المخرج ) من الأحداث نفسها فما الذي سيتبقى لنا ، انه نص من لوحات مكتوبة و مجسدة لا رابط بينها و لا تسلسل منطقي لها ، و لا قصة تسلسلها بل ما يسلسلها هو رؤية المخرج المؤلف الجمالية و حسب إدراكه أيضا ، إنها لوحات متشظية يمكنك أن تبدأ بقراءتها أو مشاهدتها أو تقديمها من أي مكان فيها ، و هو مدخل ملحمي و بديل واضح للمسرحيات الشعبية التجارية المعتادة لأنها تقدم عادة قصة متسلسلة الوقائع لها بداية ووسط و نهاية ، إما هذا العرض فالشرط لوجود اللوحات هو جماليتها و الرابط الموضوع الذي يغطي سيرة الشخصية الرئيسية في العرض التي هي الجوقة ، أو مجموعة المواطنين العراقيين كمقطع عرضي ، و الأصح انها الشعب العراقي نفسه ، و هكذا برر العرض تقديم اللوحات المختلفة من كل حدب و صوب من كل زمن ، سواء تاريخ عثماني مثلا كما حدث في مشهد قدمه الفنانان أياد الطائي و نظير جواد بطريقة رائعة تدخل فيه المخرج ليعدل عليه و شاركهم فيه الجوقة بالإضافة إلى الأربع ممثلين ” السنافر ” .
إن التجوال على هذا النحو بين الأزمان و الأحداث و الأماكن يجعل المتلقي و المتفرج في أن يركز على الموضوع بدلا من تركيزه على القصة التي لن يجدها ببساطة ، و ذلك بديل يصعب إيجاده في المسرح التجاري الهابط الذي يقدم قصصا تكون سيئة أحيانا . هذا العرض إذن يقدم موضوعا بلا قصة و يدعونا للمشاركة فيه و لو بالتفكير ويرينا الموضوع من زوايا مختلفة لنتفحصه و نعيد إنتاج فكرته في مخيلتنا لإيجاد الحل لمعاناة الشعب العراقي ، و قد قدم العرض مناظر مجردة مختزلة مراعيا التقشف من جهة و محققا فكرة المسرح الفارغ الذي يتقبل كل شيء و لا يبقى على خشبته شيء فكل شيء متحرك و قد قدم برشت في مسرحه الملحمي عناصر عرض تتحرك في كل الاتجاهات و مناظر متحركة غايتها خدمة الفكرة التي تهتم بالتنوع و التغيير الدائم للمناظر مراعيا تنوع اللوحات التي غالبا تتنوع لدرجة الحاجة إلى رابط بينها أو أكثر مثل الراوي أو تدخل الجوقة بحركة أو رقصة جماعية أو مشهد تقني أو أي توظيف يحقق الإيهام البصري بما يرى على المسرح أو السمعي بالموسيقى و الحوار .
كما قدم العرض على هذا دورات من الإيهام الصغيرة داخل اللوحات عبر وسائل التكوين ، الخطوط المتقاطعة في الحركة و التراصف على خط واحد مستقيم و أنواع أخرى من الحركة كما فسر المعنى حركيا بإثارة العراك بين أفراد الجوقة أكثر من مرة ، و تشكيلات المظاهرات و الدعاء الذي استخدم فيه الممثلون أضواء صغيرة باليد وسط ظلام على الخشبة مما خلق تكوين بصري متميز ، هذا التنوع و غيره كان بديلا للرقص المثير ( سيء السمعة ) و التكوينات الواقعية في المسرح الأخر .
و قد قدم هذا التنوع المجموعة ( الجوقة ) كخط ، و خط اخر مكون من الثلاثي ( الفنانين سامان العزاوي و عقيل الزيدي و صادق الوالي ) الذين مارسوا دورا متشابها إلى حد ما بوقوفهم على خط واحد بفتح المسرح على اليمين و اليسار و الوسط منتقدين الأحداث اليومية و مستعرضين أنواع من الشخصيات المتملقة لأصحاب الكراسي و التفنن في إطلاق الأشعار في إشارة إلى الإمعان في التملق و إبراز الوصوليين و أنواعهم ، و كان هؤلاء الثلاثة جزءا مهما من هذا التنوع في إشارة إلى عدم القدرة على التفضيل بينهم لتشابه خط شخصياتهم و بالتالي تميزهم كخط درامي أيضا ، و هذا يدل على الشخصيات في مسرحيات كهذه تمثل أفكارا تخدم الفكرة الرئيسية ، أي إن الشخصيات القصيرة الدور ، سريعة الحركة هي اقرب إلى الأفكار من الشخصيات الحقيقية ، و هو أمر يصعب من مهمة التميز بين ممثل و أخر إلا باستخدام صفقة متكاملة تشمل الخط الدرامي الثلاثي أو الرباعي أو على مستوى المجموعة الخ . و تستثنى شخصية المخرج من هذه المعادلة لوضوح ملامحها إما الباقين فهم أفكار فقط يجسدون المسرحية .
كما قدمت الفنانة أزهار العسلي موقفها التمثيلي المميز رغم صغر مساحة الدور و توضح ذلك في أغنية قدمتها في العرض .
كما قدم العرض الفنان سيف الغانمي في موقف منفرد بسيط لكنه كوميدي و هو صورة مصغرة من سخرية الحياة فالممثل يأخذ الأمور بجدية و يؤدي دوره على أساس كلاسيكي بينما الحياة لا تقابله على أساس جديته بل بسخرية ، و كانت فكرته بسيطة ، كما منح تكرار المشهد تأثيرا أقوى في كل مرة عن الأخرى .
كما قدم نظير جواد أداء منبسطا و مسترخيا توافق مع الأداء ألتقديمي المطلوب في هكذا عروض رافقه في ذلك الفنان المميز إياد الطائي في أداء قدم لمحة عن تمكن هذين الفنانين مع مراعاة مساحة الدور .
في مقابل هذه الشخصيات نجح المخرج في توظيف رباعي الممثلين ” السنافر ” ( محمد صالح ، عدي عباس ، مهدي نجم ، تراث الأصيل ) الذين قدموا سلسلة مشاهد أثارت الجمهور فكانوا كأداة الحزمة أو شخص واحد أيضا لأنهم يؤدون دورا متشابها و إن كان بينهم قائدا ، كما ساهم ممثل في الإشارة إلى قصر قامتهم ، و مع أنهم قدموا مواقف مضحكة تتشابه و تلك الأدوار التي يؤدوها على المسرح التجاري الأصلي إلا إن جدية الموضوع الذي يناقشونه غلفت وجودهم بجدية أكثر . و رغم هذه الجدية التي سارت بجانب الكوميديا طرديا فأن الأداء التمثيلي لم يسمح لنا بالشعور إننا بصدد استقبال مسرح بديل إلا في أداء شخصية المخرج طلال هادي و المجموعة ، و تلك هي الإشارة الوحيدة بخصوص استبدال نوعية
الأداء ، على الرغم من أنني لا استطيع اقتراح بديل الآن ، و لا امتلك إلا إثارة الفكرة ، و هنا علينا إثارة السؤال الأول من جديد هل قدم العرض نفسه كمسرح بديل ؟ …. أليس هذا المسرح هو إعادة تسمية للمسارح الشعبية المقترحة من قبل ؟ …. الم يؤسس على أفكار مستخدمة أساسا في المسرح الملحمي و مسارح تعتمد جسد الممثل أساسا لها ؟
إن البحث عن الأجوبة لهذه الأسئلة ينطلق من معرفة صاحب التجربة بمهمته الأساسية التي يتصدى لها خصوصا بما يتعلق بوظيفتها و الهدف منها الذي لن يأتي في هذا السياق بهدف او وظيفة جديدة فالتطهير هو هدف المسرح التقليدي عادة و التغيير هو الوظيفة الأكثر راديكالية للمسرح الحديث و هي الوظيفة الرئيسية التي ينادى بها المسرح الملحمي ، كما نادى المسرح الوثائقي بفضح المسكوت عنه ، وكلاهما كان وظيفة مسرح المقهورين ، و مسرح الصحف الحية . و في كل هذه الحالات وردت العروض لتقدم بديلا لما هو معروف و تقليدي . كما قدم بالمقابل المسرح الكوميدي نفسه منذ البداية كمسرح تسلية أو بذاءة أو مسرحا شعبيا للمتعة و كان المسرح الملحمي واحدا منها بالإضافة إلى حمله شعار التغيير ، و قد عرف د . فاضل خليل ، المسرح الشعبي على انه ” مسرح موجه إلى الجمهور الواسع الذي يستطيع الذهاب إلى المسرح ، دون تميز في ثقافة ونوع هذا الجمهور” مشيرا إلى إن المسرح الشعبي هو المسرح الذي تكون مواضيعه ” (2)المطروحة مستمدة من حياة الشعب ، من تاريخه ، وتراثه وعاداته وتقاليده ، التي من خلالها سيتعرف على كل ما هو جيد وما هو غير ذلك ” . (3)
و المسرح موضوع الحديث يعد بديل موضوعي و صحيح و لكنه ليس بديلا جديدا انه إعادة إنتاج للتسمية المسرح الشعبي الذي دعا إليه من قبل فاضل خليل و عوني كرومي و يوسف العاني و غيرهم .. و لكن يجب ذكر هذه الحقيقة إن المقصود في الحالات السابقة قصص أو قصة شعبية تقدم على أساس من رؤية مختلفة و هو ما يختلف عن مسرح طلال هادي الذي يقدم عروض مفهوميه تناقش الهم الشعبي بالأدلة وفق ( أسلوب جدلي متداخل كوميدي دائما و على أساس رئيسي هو السخرية من الهم ) ينطلق من الفكرة ” شر البلية ما يضحك ” ، بدل مسرح القصة الشعبية و خصوصا عروضه الأخيرة ” كوميديا الأحزان ” و ” سيلفي ” و ” كوميديا الخوف ” ، و فيها يقدم مفهوم يربط مجموعة من الوقائع التي يشارك فيها مجموعة من الممثلين دائما ما تكون شخصياتهم عائمة تمثل الموضوع أكثر من ما تمثل كيان إنساني و بالنتيجة يكون عرض مسرحي مختلف . و هي بديل للتجارب السابقة التي دعى إليها فاضل خليل الذي و إن دعى إلى مسرح شعبي يهم الجماهير إلا انه أراد مسرح الحكاية الشعبية و كذا الحال مع عروض يوسف العاني ككاتب و إبراهيم جلال و عوني كرومي و آخرين .
دائما ما كانت العروض الشعبية الملحمية أكثر قربا للمسرح الجماهيري ، خصوصا إذا ما علمنا أنها صممت أساسا لتقدم في منظمات عمالية و فلاحيه و تقدمية و حزبية ( للحزب الشيوعي الألماني ) في ألمانيا إبان حقبة ظهور مسرح برشت التعليمي ثم المسرح الملحمي ، وفي العراق قدمت أهم تجارب فرقة الفن الحديث ( كأفضل تجربة في المسرح العراقي ) على أساس ملحمي شعبي مثل مسرحية ( النخلة و الجيران ، و عروض أخرى ) كما كان لتجارب فرقة المسرح الشعبي مثل مسرحية ( الإنسان الطيب لعوني كرومي ) و فرقة
مسرح بغداد التي قدمت مسرحية ( الخيط و العصفور لمقداد مسلم ) ، و كلها قدمت على نحو ملحمي شعبي . و قد ابتدأ هذا الخط الراحل إبراهيم جلال ، و قدمه عوني كرومي و قاسم محمد ، و آخرين ، و كلها تجارب لا زالت راسخة في الذاكرة و في الحقيقة هي تجارب تعتمد التجريب بالواقع و هو ذات المبدأ الذي استخدمه هنا الفنان طلال هادي .
و بوصفي امتلك رأي واحد ، أقدمه أقول ( نعم انه قدم البديل ) فالمخرج الفنان طلال هادي يقدم تجميع لما يخدمه من تقنيات إخراجية و استلهام لإطار عام من المسرح الملحمي في مسرحية واحدة ليقدم شكل مسرحي رصين مشدود يذكرنا بعروض مشابهة قدمها الراحل الكبير قاسم محمد فهو احد أهم من قدموا مسرحيات المفهوم في العراق و يمكن القول إن أسلوبا يتكون في عروض الفنان طلال هادي الذي يقدم مسرحيات المفهوم التجميعية للمرة الثالثة خلال السنين الأخيرة ، ابتداء من مسرحيته كوميديا الأحزان الى مسرحيته سيلفي إلى مسرحيته كوميديا الخوف (*) و الأدلة الآتية غير موجودة في المسرح الهابط ، و هذا عرض للمقارنة بين البديل و الأصل تسمح بتقييم هذا البديل : –
1- قدم هذا العرض التنوع بين التشكيلات الجسدية و التكوينات الحركية و الأداء الكوميدي و الجاد و المناضد المتحركة و إشغال الفراغ بالجسد ، بينما لا يقدم المسرح الهابط هكذا تنوع ، و أن قدمه فأنه يتنوع بين رقص النساء و إطلاق النكت من وضع الثبات مع قصة قد يتم تذكر أحداثها في المشهد الأخير و إيجاد حل لها معروف منذ المشهد الأول
2- سمح العرض بإثارة الإحساس بأنه نتاج تجربة كونه يقدم نفسه كمسرح بديل لما كان سيقدم على المسرح لو قدم مسرحا هابطا ، و بهذا يمكن عده عرضا تجريبيا ، و التجريب هنا بالواقع . عبر زوايا النظر و إشاعة الصور التي يركبها المخرج مستخدما أدوات ربط منهجية ملحمية ، تعبيرية . بينما العرض هناك تتوقعه و تعرف أحداثه و حركة ممثليه و اغلب عروضه تقليدية
3- النص عبارة عن مفهوم تم تجزئته على مشاهد العرض التي تقدم وقائع تسند المفهوم و لم تقدم قصة تذكر ، و كان يمكن بداية العرض او قطعه من اي مكان و في أي وقت ، بينما النص في المسرح الأخر، هو قصة غالبا هي قصة حب يتعرض أبطالها إلى ضغوطات كبيرة تنتهي نهاية سعيدة
4- أنجز العرض على نحو سريع و هو أمر تجب دراسته على افتراض مستوى الإنتاج و حجم العرض بهذا العدد من الممثلين ، مما يسمح بتخيل إن فترة الأعداد على الورق من قبل المخرج طلال هادي أطول من فترة التمرين ، و هي فترة تهيئة طويلة تلتها فترة تنفيذ قصيرة . و هذه الفكرة تتعلق بالمسرح بأنواعه فعادة ما تطول فترات التمارين لدرجة تؤذي العرض نفسه
و في الحالتين يعد الموضوع أو القصة نواة لمسرح ملحمي عراقي يتفق في حالة تقديم المفهوم في أحداث قصصية أو قصص في إطار سردي ماضي ملحمي و تأخذ من المسرح الملحمي لبرشت أو لاحقا من مسرح اوجستو بوالو في مسرح المقهورين أو حتى مسرح جاك فيلار الفرنسي اننا بصدد مسرح شعبي بديل للمسرح الهابط او ما تشاءون تسميته فعلا ذلك هو مسرح طلال هادي البديل
و أخيرا ترك المخرج النهاية لنا ، بأن تركها مفتوحة الحل ، و المقصود هو إيجاد تسوية عادلة للمعاناة الدائمة التي يعاني منها الشعب العراقي هذا الشعب الذي تصادر كل حقوقه و ممتلكاته تباعا ( نفطه و تاريخه و حقوقه و حضارته ) يحتاج إلى حل
و العرض له حسنات أخرى ، أو سيئات ؟ قد تكون غائبة عني ، لأنني في النهاية أقدم نقدا وفق رؤية شخصية ذاتية و أحاول من خلاله أن أكون موضوعيا ، كما إن العرض قدم المخرج طلال هادي على انه مخرج حاضر و صاحبا قويا للمفهوم ” المسرح البديل ” الذي كلي أمل في أن نتوقف عنده و نطوره أو نساعده على تطويره ليكون نقطة انطلاق من اجل أن يكون المسرحيين سببا في رقي الجماهير و سببا لرفع ثقافة التلقي ، و الثقافة عموما ، و الوعي ، و لا أقول الأخلاق و إن كانت المواقف على المسرح تسمح باستخلاص العبر .
1 – تاريخ البذاءة في لمسرح العربي !! ، فاضل خليل ، الحوار المتمدن-العدد: 4293 – 2013 / 12 / 2 – 23:45، شبكة الانترنت * مثل المجموعة في الخيط و العصفور لمقداد مسلم و أطراف المدينة و مقامات أبو سمرة و السوق لمحسن العلي 2 – فاضل خليل ، المسرح الشعبي العربي ، الحوار المتمدن-العدد: 1812 – 2007 / 1 / 31 – 07:31، شبكة الأنترنت العالمية 3 – نفس المصدر السابق * المقصود بمسرحيات المفهوم هي تلك المسرحيات التي لا تقدم قصة رئيسية واحدة ، بل تقدم قصص صغيرة غير مكتملة ، او افكار تخدم المفهوم الرئيسي للعرض ، او ما ندعوه بالفكرة الرئيسية