قال الإمام الحسين بن علي ( عليه السَّلام ):” النَّاسُ عَبِيدُ الدُّنْيَا،وَ الدِّينُ لَعِقٌ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ،يَحُوطُونَهُ مَا دَرَّتْ مَعَايِشُهُمْ،فَإِذَا مُحِّصُوا بِالْبَلَاءِ قَلَّ الدَّيَّانُون”.
في معركة صفين كان أحدهم يتناول الطعام على مائدة معاوية ويصلي خلف الامام علي عليه السلام،وحين اشتداد المعركة،يقف على التل متفرجا.. ولما سٌئل عن السبب،قال:ان الطعام مع معاوية أدسم والصلاة خلف علي أتم والوقوف على التل أسلم.
هناك كثير من الناس،أمثال هذا الشخص وقفوا على التل خوفاً على مصالحهم الدنيوية،ودائما تجدهم ملتصقين بالحكّام،يطبلون لباطلهم، ويروجون لأفكارهم طمعاً وشغفاً بالدينار والدرهم،لذا نرى أن السلاطين الظلمة في كل عصر ومصر،يرحبون بهم ليجعلوا منهم وسيلة إعلامية تخدم مصالحهم،من خلال ممارسة الكذب والدجل،لطمس الحقائق، وتشويه صورة المخلصين،وعرض الأحداث خلافاً للحقيقة،وهذا ما فعله معاوية،ومن جاء بعده عندما جعلوا من الرواة،والمحدثين،والمؤرخين،وسائل إعلامية تخدم سلطانهم ونفوذهم.
من هذه النماذج في عصرنا الحالي، وتحديداً في العراق،صرح عن نفسه بأنه”مالكي الهوى والسيرة”،في مقال نشره مؤخراً،يوم 29/11/2016، تحت عنوان”ان بعض الظن إثم”،الذي أشاد فيه وشكر،دور السيد عمار الحكيم في أقرار قانون الحشد الشعبي،لكن مقاله هذا أنطوى على بعض الإتهامات والادعاءات التي كان يكررها في كتاباته السابقة،لتضليل الناس،يفعل ذلك أرضاءاً لولي نعمته المالكي،ما يهمني في مقاله عبارته هذه”سخرت نفسي وقلمي لقول كلمة الحق”،سنرى هل كان صادقاً في أدعائه هذا؟
سوف نعرض بعض النماذج من كتاباته،كمقال (سماحة الشيخ بشير حان وقت الأعتذار ) المنشور بتاريخ25/2/2016،ومقال( عمارالحكيم يقود فتنة رفض نتائج الأنتخابات) بتاريخ19 ايار 2014،و(لا قرار فوق إرادة الشعب وخياره) بتاريخ4/5/2014،و(محسوبين على المجلس الأعلى يقحمون المرجعيات…)بتاريخ6/4/2014.
ماذا قال في هذه المقالات؟ سنذكرها لكم بإيجاز وأختصار،كالآتي: أولاً:أتهم الشيخ بشير النجفي، بأستغفال الناس حينما أصدر فتواه بحرمة أنتخاب المالكي،ووجهم لأنتخاب الكتلة الخطأ،وطالبه بالأعتذار من نوري المالكي. ثانياً:حكم على كل مرجع دين يتدخل بالسياسة،بأنه عديم الحكمة والحصافة. ثالثاً:اتهم شخصية لم يسميها من أسرة آل الحكيم،ومقربه من المرجع محمد سعيد الحكيم،بأنها وراء فتوى الشيخ بشير بحرمة أنتخاب المالكي، وأن كنت أظن أنا انه يقصد بالشخصية السيد عمار الحكيم. رابعاً:أوّل كلام المرجعية العليا بتغيير الوجوه الفاسدة،المقصود به هو التغيير من أجل أنهاء نظام المحاصصات اللعين. خامساً:حكم على المراجع العظام في النجف الأشرف،بأنه لا يمكنهم أن يقفوا ضد إرادة أبناء الشعب وخياره، لإنه لا قرار فوق إرادة الشعب،فيما إذا أختار نوري المالكي،ولست أدري هل كان يعتقد ان النطام السياسي في العراق رئاسي،حتى يقول هذا الكلام؟!سادساً:أتهم السيد عمار الحكيم،بإنه دبّر مؤامرة بأتفاق مع النجيفي وعلاوي،والبرزاني،ومقتدى الصدر، بالدعوة الى مظاهرات وأعتصامات، على طريقة أنصار القاعدة وداعش في المنطقة الغربية،في حال فوز نوري المالكي بالأنتخابات الأخيرة. سابعاً:أتهم بعض الأطراف بزج مراجع الدين في الصراعات السياسية،وهذا أتهام مبطّن للمراجع بالجهل!
كما ترون كلها أدعاءات وأتهامات باطلة،وكاذبة،وغير منطقية،والواقع يكذبها،وكل هذا من أجل نوري المالكي! فهل تبقى صحة لدعواه بأنه سخر نفسه وقلمه من كلمة الحق بعد هذا الكلام؟!
في مقاله الأخير”ان بعض الظن إثم”، الذي ظن به ان السيد الحكيم،كان حضوره للبرلمان لتأجيل التصويت على قانون الحشد،لكي يرضي خميس الخنجر وأتحاد القوى من أجل التسوية الوطنية،لكن تبين له عكس ذلك ومن ثمة شكر السيد الحكيم،مع العلم ان السيد الحكيم نوه مراراً عن دعمه لقانون الحشد الشعبي. هل مقال الكاتب هذا كان صحوة ضمير منه وندم على ما كتبه ضد الحكيم سابقاً!؟أم أراد أن يسوق للمالكي إعلامياً من خلال فبركته المعتادة في الكتابة؟حيث لم يخلوا مقاله من مدح المالكي،وأشاد بموقفه من قانون الحشد،ومن التسوية الوطنية،وأن شروط المالكي أقوى من شروط الحكيم في التسوية التي دعا إليها التحالف الوطني.
أقول:هل حقاً انها صحوة ضمير وتوبة منه،أم مازالت اموال المالكي تغدق عليه،حيث لم نقرأ له أي مقال يذكر فيه الفساد الكبير،والمليارات المسروقة،والدماء التي سالت،والصفقات الوهمية،والخراب والدمار الذي حصل في حكومة المالكي،ولم نسمع منه أي أدانة؟!
أنا لا أصدق ما قاله،و لا أصدق بقوله:”سخرت نفسي وقلمي لقول كلمة الحق”،لإنه مالكي الهوى والسيرة.