إن مشروع وثيقة التسوية الوطنية او التاريخية كما يحلو لبعض الاصوات التي تروج لهذا المشروع ان تسميها والتي قدمها رئيس التحالف الوطني عمار الحكيم الى شركاءه السياسيين في العملية السياسية الهزيلة التي تجري ولا زالت منذ ثلاث عشرة سنة مضت والى الان تحتوي في مضامينها على جملة من الفقرات التي تشكل عقبة واضحة امام ولادة هذه التسوية، حيث ركزت في بنودها على اعطاء صك البراءة والغفران الى كل من عبث بارواح الابرياء من ابناء هذا الشعب المظلوم والى كل من استولى على اموال وثروات هذا الوطن المستباح من رموز الارهاب والاجرام والفساد المالي تحت ذريعة المصالحة الوطنية وحل الخلافات وفق شعار لا غالب ولا مغلوب ، وان تصفير الأزمات هو المنطلق الجديد لعراق جديد اخر .
نقول لك دعاة هذا المشروع أليس من الاجدر بكم الالتزام بالمشروع الوطني الذي يدعو الى وحدة العراق والسير قدماً بالحوار الوطني الهادف والبناء والالتزام بالدستور وحل الخلافات بالطرق السلمية والقانونية المتحضرة ، أم هو مشروع ولد لاغراض الدعاية الاعلامية فقط لمتبنيه دون الخوض في دقائق الامور والتفاصيل التي يختبئ الشيطان خلفها . فهل يدرك مروجي هذا المشروع ان تسويتهم اللاوطنية سيضعها التاريخ في مزابله كونها ستظلم الكثيرين من ذوي ضحايا هذا الشعب سواء من هذا الطرف او ذاك . فمشروع التسويه ما هو إلا تصريح بتخويل اصحاب العملية السياسية من الحيتان الكبيرة على العمل بسياسة الإزدواجية والكيل بمكيالين وتهميش العملية السياسية الهشة بدلاً من اصلاحها نحو الافضل وكذلك يعمل على التهاون مع مرتكبي جرائم الارهاب والذين يحرضون على الارهاب والعنف الطائفي ومن عاثوا فسادا بارواح الابرياء من المساكين في المناطق التي سيطر عليها داعش الارهابي . كما يعمل هذا المشروع على ترسيخ النظام الطائفي وتقسيم الحصص والمناصب بين الكتل السياسية الكبيرة كي تضيع باقي الاصوات الوطنية الشريفة من باقي الاحزاب الصغيرة التي لا تملك نهجا طائفيا او عنصريا وهذا بحد ذاته تهميش واضح ومتعمد لكل صوت وطني فضلا عن تهميش اي دور للمكونات العراقية الاخرى من الاقليات وجعلها مجرد ذيول وتوابع لحيتان الاحزاب المتنفذة . لقد نسي دعاة المشروع ومن يقف خلفهم ، ان المصالحة الوطنية مع من ارتكبوا المجازر الدموية هو استخفاف واستهتار بدماء كل الضحايا من الابرياء . لذا تحاول اقطاب الارهاب والفساد الشيعي والسني على حد سواء الى تمرير هذا المشروع لتحقيق الاستقرار والمصالحة على المستوى الشخصي فيما بينهم وليس مع الشعب , فلا يمكن لهكذا مشروع ان يحمل في عمقه أية روحاً وطنية حريصة ومسؤولة وانما كشفوا عن هدفهم المتمثل بالاستمرار في خديعة هذا الشعب من اجل الكسب السياسي الرخيص وهو مسلسل طويل عمره ثلاث عشرة سنة خلت حتى بات مملا ومكشوفا ولا ندري ماذا ستخبئ لنا ادوات السياسة الاقليمية والدولية في المستقبل القريب والعياذ بالله.