مسدسات ، بنادق ، دماء ، اجساد ممزقة ، وجوه مشوهة، بشر يحترقون ، كائانات وحشية تنقض على الانسان فتحطمه بطريقة بشعة باعثة على التقزز.
هذه هي الغالبية العظمى من الافلام الامريكية التي مابرحت تحتل كل قنوات العرض (سينما . تلفزيون. فيديو) منذ اكثر من عقدين من الزمان.
انها افلام (التمارين النفسية ) للتعود على العنف والقسوة والقتل والبشاعة .. أفلام موجهة بقصدية تامة نحو الاعمار المهيئة لاستقبال الافكار والاساليب الاتية من ذات اعلى منها وعيا وثقافة كما تعتقد .
لاتوجد رومانسية الامس ولا المواضيع الاجتماعية او السياسية ، وحيز الكوميديا اصبح ضيقا جدا في سينما هوليوود ، في حين احتلت افلام الاكشن والمغامرات المرعبة الحيز الاكبر من اهتمام صنّاع الفن السابع هناك .
فهل جاء هذا من رغبة الابتكار المجرد أم ثمة دوافع خفية تقف وراء ذلك ؟
لااتحدث هنا عن نظرية المؤامرة ،فالامر ليس سياسيا بقدر ماهو ذو طابع نفسي وسلوكي ، أذ ان افلام كهذه موجهة الى الجميع في كل مكان بما فيهم الفرد الامريكي ، ولااعتقد ان منتجي هكذا افلام حصروا مشاهدتها بمجتمعات دون اخرى لغايات سياسية تبغي في النتيجة التأثير على افرادها فحسب .
انما اتحدث ، منطلقا من التخمين المعتمد على معطيات واقعية ، عن تامر خطير تدبره جهة او مجموعة جهات مجهولة ضد رقة وشفافية وجمال النفس الانسانية من اجل ممارسة القتل البطيء لها بغية تحويلها تدريجيا الى نفس ذات طابع وحشي .
وألا ..
لماذا هذا التركيز على هذا النمط من الافلام والاصرار على استمرار انتاجه في زمن غزت فيه العالم باكمله قوى ارهابية متوحشة تستهدف ، تحت ذرائع عقائدية ، فناء الانسان حيثما كان عن طرق استهداف جسده باساليب قتل سادية تكشف عن نفوس تمرنت على استساغة البشاعة ؟
هل ان دور الفن ،والسينما تحديدا، هو تكريس الشر في زمن شيوع الشر وانتشاره ،أم انه البحث عن مضاداته الانسانية المتمثلة بقيم الجمال الكبيرة والتي يأتي الخير في مقدمتها ؟
من الصعب تبرئة هوليوود تحت حجة (هذا مايريده الجمهور)، فالذائقة الانسانية تتغير ، والرغبة في الجديد قائمة دائما ، لكن التغيير والجدة والحداثة لاتعني الاتيان بماهو مدمر ومشوه للنفس الانساية ،انما بماهو مهذب ومرقق ومشذب لها من كل انواع الخشونة .