ليس غريبا على العراق الجديد ان يشهد جيلا لاعلاقة له بالمهنية ؛ لأن الوضع العراقي أصبح مختلفا بكل شيء وهذا مايجعل العراقي يضحك تارة ويشعر بحالة من الحزن الشديد تارة أخرى لما آلت اليه الأوضاع بعد التغيير الذي انتظره العراقيون طويلا ؛
ظاهرة المحلل السياسي لاتختلف كثيرا عن ظاهرة السياسي فهما لايمتان بصلة الى تضحيات العراقيين الجسام من أجل رؤية عراق خال من البعث وتسوده الديموقراطية والتعددية وتحترم فيه حقوق الإنسان وصولا الى دولة مدنية عادلة
انتقادي لايستهدف مجموعة من الصحفيين العراقيين الأكفاء الذين ينورون الرأي العام بأطروحاتهم السياسية من خلال مايكتبونه في الصحف أو من خلال المقابلات التلفزيونية فهؤلاء نكن لهم كل الإحترام والتقدير وهم اساتذتنا ونتعلم منهم الكثير ؛ انما انتقد الذين ركبوا موجة التحليل وهم بلا أية مؤهلات للعب هذا الدور !
أحد هؤلاء ” الفطاحل ” كتب على صفحته في الفيس بوك منشورا انتقد فيه جميع المحللين السياسيين في حين إعتبر نفسه الأصلح لأداء مهمة التحليل السياسي ؛ منشوره اثار انتباهي وأجبرني على متابعة تحليله لإحدى القنوات الفضائية فوجدته يرتكب ابشع الجرائم اللغوية إضافة الى ممارسة الكذب المفضوح !
هذا المحلل قال في منشوره لقد اصبحت مهنة التحليل السياسي مهنة استجداء وهذا صحيح لكن هو من مارس ولازال يمارس الاستجداء الذي ينتقده حيث قال لي احد الأصدقاء ان هذا المحلل شاهدته أمامي وهو يخرج من قناة ويدخل بأخرى بحثا عن إستضافة أو مشاركة في أحد التقارير الأخبارية !
هذه الظاهرة المزعجة أنتجها الإعلام اللامهني الذي يديره اناس ليس لهم اية علاقة بالاعلام لذلك نحن نتحدث عن ظاهرة مركبة من منظومة متكاملة تجمعها اللامهنية ؛ قنوات اعلامية تعتمد على مدير علاقات كل مؤهلاته هو حفظ ارقام هؤلاء الذين يطلون بوجوههم يوميا على الشاشات لإستضافتهم من أجل الحديث عن السياسية و الاقتصاد والأمن والمطلقات واسباب العزوف عن الزواج ! ومدير العلاقات هذا لم يستضف المحلل السياسي مجانا بل من خلال صفقات مالية من حصة ” المكافأة ” التي تقدمها القناة للضيف ليتم الإتفاق النهائي حسب المعادلة 50% للمحلل و50% لمدير العلاقات ؛ أحد هؤلاء عرض علي هذا الإتفاق بصورة غير مباشرة لكني رفضت فتم إستبعادي من القناة الى الآنأهم الأشياء التي تعتمدها القنوات اللامهنية هي ” القاط والرباط ” بغض النظر عن الأقوال ؛ احدى القنوات الفضائية امتنعت عن استضافتي لاني ذهبت لها ” بلا قاط وبلا رباط ” وأخرى إمتنعت عن استضافتي لاني لم اقبل بتقديمي كمحلل سياسي لان القائمين على القناة يعتقدون ان الصحفي لايمكن ان يتحدث كما يتحدث المحلل السياسي ؛ كذلك إمتنع أحد معدي البرامج السياسية عن استضافتي لاني أصغر منه سنا
المحللون لم يكتفوا بالمظاهر الخارجية التي ذكرناها بل وجدوا لأنفسهم بعض المظاهر الجديدة وهي عبارة عن عناوين براقة لا أساس لوجودها على الأرض وهي أشبه بمصطلح ” الفضائي ” المتعارف عليه عراقيا كـــــــــــ ” رئيس مركز التفكير السياسي ” اين مركزه ؟ ماذا أنتج ؟ أين فكره ؟ ما هي نظرياته ؟ هل ساهم في تقديم الحلول الناجعة لما يمر به البلد بالتأكيد لا ؛ وأحدهم إختار ” رئيس مجموعة الدراسات الإستراتيجية ؟ أين تقع هذه المجموعات ؟ ماهي إنجازاتها ؟ وهنالك العشرات من المحللين الذين اختاروا اسماء فضائية من أجل تزيين مظاهرهم ؛
غالبية هؤلاء يمتلكون عقولا خاوية محشوة بافكار طائفية ساذجة وهم ينعقون مع القوى المنتصرة واتحداهم ان ينتقدوا ميليشيا قوية حتى لو أوغلت بالدم العراقي ؛ كذلك اتحداهم ان يكتبوا مقالة خالية من الأخطاء الإملائية والنحوية وأتحداهم ان يتحدثوا بلغة سليمة ؛
ليس السياسي العراقي لوحده من يضحك على الشعب بل هنالك اسماء لاتقل سوءا عن ممارسات السياسيين ومنهم ظاهرة المحلل السياسي المستفحلة .