بعد ان ابتعدت يد الاعمار والتطوير عن شوارع وساحات العاصمة ، وتخلت الدوائر الحكومية عن مسؤوليتها في ذلك ، وفقدت بغداد هويتها الجميلة ، انتبهت رابطة المصارف الخاصة العراقية الى المسؤولية الاجتماعية ، فشرعت بالإعلان عن رغبة المصارف العراقية الخاصة بالمساهمة في تطوير هذه الشوارع والساحات بهدف اعادة الألق اليها ، لإيمانها بان ( بغداد الجميلة ) يعني الازدهار في كل شيء ، بضمها انتعاش القطاع المصرفي الخاص ، وايضا ردا لدين مساهمة الدولة ، ممثلة بالبنك المركزي العراقي في رفد المصارف بالأموال لمنح القروض لألاف المواطنين لتأسيس مشاريع مختلفة تسهم في رفد الاقتصاد العراقي وتقلل من هوة البطالة بين صفوف المجتمع ، محققة شعار ( الكل في خدمة المجتمع ) من خلال مشروع كبير في مسعاه هو ( ألق بغداد ) حيث تتحمل المصارف الخاصة تكاليف التنفيذ والادامة لواقع شارع او ساحتين او ثلاث لكل مصرف، عبر رابطة المصارف وتحت اشراف البنك المركزي العراقي .. وقد حظت هذه الخطوة ذات المساهمة المجتمعية للرابطة بدعم كامل من مختلف الشرائح .
غير ان هذه المبادرة ، تحولت الى الضد من هدفها ، بعد ان انجزت فضائية رصينة تقريرا موسعا ، استضافت فيه عددا من المواطنين مساهمي المصارف الخاصة ، ابدوا فيها رفضهم للمبادرة ، وشكهم بها ، باعتبار ان اموال المصارف ، هي ملك المساهمين ، وليست اموالا خاصة حتى يمكن التبرع بها لمشاريع خدمية هي من مسؤولية الدولة حصرا، لاسيما بعد توقف المصارف الخاصة عن توزيع ارباح مناسبة للمساهمين بسبب التبرع بتلك الارباح الى جهات لا تستحقها ، وتدني اسعار الاسهم الى درجة لم تشهدها المصارف في تاريخها المعاصر … التقرير التلفزيوني المذكور ، لا شك عندي في صدق نية معديه ، واهدافهم النبيلة ، لكن طريقة اعداده ، وكتابة موضوعه ، والمعالجات الفلمية المصاحبة له ، ربما لو عُرض لأصبح قضية ” رأي عام ” تهدم ولا تبني !
وانا اشير الى هذه القضية ، ينبغيان اقدم شكري الوافر الى ادارة القناة الكريمة المعنية ، لتفهمها وجهة نظري ، حيث اوقفته بعد ان تسنى لي مشاهدة التقرير التلفزيوني صدفة في عرض خاص ، منذ اربعة ايام ، قبل بثه ، بعد ان اوضحتُ للزملاء الاكارم ، ان عرض مثل هذا التقرير يُسهم في اتساع الهوة بين المساهمين وادارة المصارف ، مما يضعف العمل المصرفي الخاص ، ويبعد الثقة بين طرفي المعادلة الاقتصادية ..
كم جميل ، ان تستمر بذرة ( الإعلام والحقيقة ) في النمو ، لتصبح شجرة ظليلة ، نتفيأ تحت اوراقها الصادقة .. فتحية لرابطة المصارف الخاصة العراقية في خطواتها المجتمعية ، وعتاب الى منظمات المجتمع المدني الاخرى التي تنام على فراش نسيان واجبها المجتمعي ، مكتفية بإصدار هويات باسمها … فقط !