22 نوفمبر، 2024 5:25 م
Search
Close this search box.

حول الاساءه الى رموز أهل السنه لدى الشيخ الحبيب في قناة ” فدك “وفكرة إقامة الدوله الآمنه

حول الاساءه الى رموز أهل السنه لدى الشيخ الحبيب في قناة ” فدك “وفكرة إقامة الدوله الآمنه

لست ، والحمد لله من المدمنين على مشاهدة الفضائيات العربيه إلاّ باليُسر اليَسير من الوقت ، الذي أُفضّل ان أقضيه فيما هو أكثر نفعاً وأجدى مؤموليةً . بيد أني توقفت مؤخراً عند إحداها وهي قناة ” فدك ” ببرامجها المكثفه عن الشيعه والتشّيع ، على أمل ان استزيد علما وفائدةً . لايحتاج المشاهد الى فسحه كبيره من الوقت لكيما يتيقن من ان هذه القناة شيعية المذهب وتخصصت في ألدعوه إلى التشيع ، مُركزة في المقام الاول على إثبات أحقية الإمام علي بن أبي  طالب بالخلافه بعد وفاة النبي محمد (ص) من الخلفاء الذين تولوا قبله. إلى هنا والامر على مايرام . ولماذا لا ، مادام الامر يتعلق بالحق الالهي حسب الآيه الكريمه ” أدعُ إلى سبيل ربك بالحكمةِ والموعَظه الحسنه وجادلهم بالتي هي أحسن ، ان ربك هو اعلم بمن ضَل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين  ” – سورة النحل ، الآيه ١٢٥ – لاحظ المعنى : حكمه وتوقر ، موعظه حسنه وجدال سلمي ، لاعنفي . وبالحق الوضعي ، الدنيوي ، الذي تكفله قوانين حقوق الانسان ، التي لايكاد يخلو منها دستور اي بلد. وفي هذا السياق فان الحق مكفول ، للشيعه الاماميه ، كما لغيرهم ، في التوعيه والتنوير والدعوه إلى المذهب الجعفري بإستخدام الحجٌه والمنطق والدلائل التاريخيه ، وهي الاَلات التي لامناص منها للباحث والبحث العلمي الرصين في آن . بيد ان شرط ذالك ان تكون هذه الدعوه في الاطار السلمي ، اللاعنفي ، وإحترام الرأي والمذهب الآخر ، فإن حقك ينتهي عندما يبتدأ حق الاخرين ، بالتعبير الخالد لجان جاك روسو . ولماذا أستشهد بعيدا في فلسفة ومآثر الاخرين ، وأمامي نص قول للامام الصادق لجماعه من الشيعه ” معاشر الشيعه كونوا لنا زيناً ، ولا تكونا علينا شِيناًً ، قولوا للناس حُسناً ، وإحفظوا ألسنتكم ، وكفوهّا عن الفضول وقَبيح القول ” البحار ، المجلد 15 ، الجزء 2 ، ص 192 ، عن أمالي الشيخ الصدّوق وأمالي الشيخ الطوسي ” . ماأروع هذا القول الصادر من مؤسس الفقه الشيعي الجعفري ، والذي يدرّس مذهبه وإلى الآن في أرقى المعاهد والحوزات الدينيه والأكاديميه . ونجد في هذا السياق لدى الاخوه المسيحيين مايلي ” الجواب الرقيق يصرف الغضب ، والكلمة المُوجِعَه تُثير السخط “- الكتاب المقدس ، جمعية الكتاب المقدس في لبنان ، ١٩٩٣ص ٨٠٦- وقبل هذا وذاك نجد القول الآلهي التالي في القرآن الكريم والموجه لموسى وأخيه هارون عند ذهابهم إلى فرعون لدعوته إلى الإيمان ” فَقولا لَهُ قَوْلاً ليِّناًّ لَعلّه يتذكر أو يخشى ” – سورة طه ، الآيه ٤٤ ـ  

 ولكن الذي ألاحظه ، لمرير الاسف ، من ان قناة ” فدك ” الشيعية المضمون والهدف ، ونجمها الاول الشيخ الحبيب ينحوان خارج السرب الشيعي مسارا اخر . فتركيز هذه القناة ، في المقام الاول ، يقوم على إثبات أحقية الامام علي بالخلافه بعد وفاة النبي محمد (ص) . إلى هنا والامر يستقيم بطرح الحجّه والبرهان ، لكن سرعان مايؤول الامر إلى إتجاه مغاير عندما تتلقى القناة إتصالا عبر الانترنيت من أحدهم يرغب فيه بإعلان تشيعّه ، ويكون الرد مباشراً من قبل الشيخ الحبيب ، في ان يطلب من المُهاتف ترديد ماسيقوله له الشيخ ، وهو بالنص مايلي : أشهد ان لاإله إلا الله ، واشهد ان محمداً رسول الله ، واشهد ان علياً ، إمام المسلمين ، ولي الله . إلى هنا والامر لاشائبة فيه ، من وجهة تقبل المذهب الشيعي . ولكن الشيخ الحبيب يستطرد لكيما يردد المهاتف النص التالي : ” أبرأُ إلى الله من أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعائشه وحفصه ، وسائر أعداء بيت رسول الله . أشهد ان ابا بكر وعمر وعثمان وعائشه وحفصّه في النار ” . هكذا في نظر السيد الحبيب قد إكتملت دعائم التشيع وأضحى صاحبنا المُهاتف شيعيا من النخاع إلى العظم ، أو بالعكس . وما علينا ، نحن الشيعه ، إلا ان نتبادل التهاني لأن صفوفنا قد زادت بنصير إضافي ، من خلال كوّة إعلان ألبراءه من المذكورة أسمائهم أعلاه ، بل وشحنهم بالجمله إلى النار . لااعرف ، اعذروني ، ولكني إستعدتُّ من الذاكره المشهد التالي من إحدى جلسات المحكمه العسكريه في قاعة محكمة البصره عام ١٩٦٤ وكانت المحاكمات في ذلك الوقت علنيه يحضرها من يشاء . رئيس المحكمه ، كان كما اتذكر العقيد شمس الدين عبد الله ، ذائع الصيت آنذاك في محاكمة الشيوعيين وإصدار الاحكام عليهم بالجمله . ووقف شاب متهم بالانتماء إلى الحزب الشيوعي العراقي ، وكان ان بادر رئيس المحكمه ، موجهاً كلامه إلى المتهم : يالّلا إعلن برائتك من الحزب الشيوعي العميل . وبادر الشاب فوراً بأن أعلن برائته من الحزب ، بل وأضاف : وأنعل أبوهم سيدي . وكان جواب السيد رئيس المحكمه الموقره : يالاّ إطلقوا سراحه ، وبعد ماأريد أشوف وجهك . إنتهت المحاكمه وأُطلق سراح الشاب، وهو من الآن مواطن صالح ، كامل الأهليه . في قناة فدك، فإن الامر تُضاف إليه بعض المقبلات ، بأن يعمد البعض من راغبي ألتشّيع على أيدي ألشيخ ألحبيب ، بأن يبدأ تشّيعهم بلعنة أبى بكر وعمر ! فحسن البدء ، يضمن حسن الخاتمة .   أنا، إعذروني مرة اخرى، لاأجد فرقاً منهجياً بين أسلوب الشيخ الحبيب في قناة فدك وبين اسلوب العقيد شمس الدين . فغاية كلاهما إعلان ألبراءه من ماإعتقدت ، ومن ثم إعتبارك مؤهلاً لأن تنضوى تحت خيمة : قل ماتشاء : قومي ، بعثي ، أو شيعي ! أليس في ذالك مايبعث على استذكار تجربة العفالقه ( ١٩٦٨ – ٢٠٠٣ ) في تأطير المجتمع العراقي ، تحت شعار ” كلنا بعثيون ” بل وأردفوا ” وإن لم ننتمي ” .
هكذا ، إذن أُختُصِرَ التشّيع بإعلان البراءه من ماذكرناهم أولاً ومن ثم لعنهم وشحنهم إلى النار ثانياً . وماذا بعد؟ لاشئ !
ولا تكتفي قناة فدك بذلك ، بل تواصل على لسان خطبائها ، وهم في معظمهم في العشرينات من العمر ، على إستغلال مكالمة هذا وذاك على إرداف كلمة اللعنه على هذا وذاك ، لايهم ان يكون أبو بكر أو عمر أو عثمان ، غير أن الحصّه الكبرى هي لعائشه !، والتي هي ، كما معروف للداني والقاصي ابنة ابي بكر وزوجة النبي محمد !  وعندما يعمد احد المتكلمين على التلفون بأن يَردِف عبارة الترضي ( رضي الله عنه )على هذا او ذاك ،سرعان مايُسكت من احد هؤلاء اليوافع !  ثقافة الإسكات عن حق وحقيق ، وربما أكثر .  لي نصيحه ، أولاً ، لهؤلاء يافعي السن أن يعودوا سُراعا إلى مقاعد المدرسه الابتدائيه ، لكيمايتعلموا درساً ، بل دروساً في قراءة التاريخ ، في قراءة مآثر السلف الصالح ، في قراءة وتعلم الحكمه والموعضه من حسناتهم ومساوئهم وأخطائهم ، بدل أن يكونوا أداة شقاق وفتنه ، سواء كان ذالك بوعى ، أو بدونه . فالدين ماظهر إلاّ ليكون جسر محبه بين الناس ، على إختلاف مللهم وأجناسهم ، وإلاّ ماحاجتنا إلى دين ومذهب يفرق ولا يوحد، يشتت ولا يقارب . أليس من ألآحرى ، عندذاك ، إلى إلغائه ، أعني ألدين ، والابقاء الطبيعي ، الفطري للإيمان ، وهو مكنون وجوهر أي دين ! وكيف يكون الحال ، إذن ، مع المذهب ، وهو كما نعرف ليس من أصول الدين بل من متفرعاته وتفسيراته !
وهذا موضوع قد يمكن الرجوع إليه في مستقبل الايام ، لأنه يتعلق فعلاً بمستقبل البشريه ، التي عانت ، ولا تزال من المآسي والقتل والحرمان ، ليس إلاّ ، إلاّ بسبب تنافر الاديان السماويه فيما بينها ، من حيث الفهم المتنافر لاتباعها. فالكل، بلا إستثناء تقريبا ، يحاول أن يؤطّر مجتمعه بما يؤمن به ، دون أي إعتبار للدين ، أو ألمذهب ، أو الإعتقاد الآخر. 
 نعود إلى اسلوب التلعين والسب . لنقرأ الشيخ وجهبذ علماء الشيعه المحدثين ، اعني الدكتور محمد الوائلي حيث كتب في هذا الموضوع في كتابه الفذ ” هوية التشيع ” -ص ٤٣ – مايلي : ” إنّ الذي أسس هذه الظاهره هم ألامويون أنفسهم لأنّهم شتموا الإمام علياً (ع ) على المنابر وشتموا أهل البيت لمدة ثمانين سنه واستمر هذا الوضع حتى أنّ محاولة الرجل الطيب عمر بن عبد العزيز لم تنجح في منع الشتم وكانت كلمة الاُمويين وبالذات معاويه أنهّم إنما أسسوا شتمه ليدرج عليه الصغير ويهرم عليه الكبير … ” وأشار الحافظ الاسيوطي ” أنه كان في أيام بني أميه أكثر من سبعين ألف منبر يُلعن عليها علي بن أبي طالب بما سنّه لهم معاويه من ذالك ” – ألتشيّع ، ص. ١٥٥ و” النصائح الكافيه ل محمد بن عقيل ، طبعة مؤسسة الفجر ، بيروت ،ص ١٢٦ ” ، وكتب الجاحظ ” أن معاويه كان يقول في آخر خطبته : اللّهم إن أبا تُراب – المعني علي إبن أبي طالب – ألحَدَ في دينك ، وصدَّ عن سبيلك ، فألعنه لعناً وبيلاً ، وعذبهّ     عذاباً .” – إبن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغه ، الجزء الرابع ، ص ٥٧. ويورد إبن حجّر في كتابه ” الصواعق المحرقه ” ص٥٣ مايلي ” أنّه عندما سُئل مروان إبن ألحكم عن موقف الامام علي من عثمان فقال : ماكان احد أدفع عن عثمان من علّي فقيل له : مالكم تسبّونه على المنابر ؟ فقال : لايستقيم لنا الامر إلاّ بذلك ” – أورده كذلك الشيخ الوائلي في ” التشّيع ص ٢٠٦ –   أقول للشيخ الحبييب ، هل تستمرأ تقليد معاويه في ذات الاسلوب المُنكفئ هذا ؟ 
في التحليل المبسط ، فإن لدى الشيخ الحبيب ان أبا بكر وعمر وعثمان وعائشه وحفصه في النار ، وهم ، وفق ذلك ، وما يتفق وعلم المقارنه ، فانهم متساوون مع الكفره والفاسقين ، بإعتبار ان الاخيرين ، كما نعرف ، من اهل هذه الدار أصلاً    . هكذا فان أبا بكر ، صاحب رسول الله ورفيقه في غار حرّاء وأب زوجته مأواه النار . لماذا ، لأنه إستحوذ على الخلافه ، قل السلطه ، من علي . أليس في ذالك مايحتمل القول من سفسطه ، أُريد لها أن ترتقي إلى مرتبة المسلمات الدينيه . لا ، أنا ، كشيعي ، أرفض هذا المنطق المهووس واللاعقلاني . وأعود للاستشهاد بالعلاّمه ألراحل الشيخ والمرجع ألوائلي، وهو هنا في مقابله مع الاستاذ سمير الغزّي ، موجوده على الانترنيت ، جوابا على سؤال عن موقف الشيعه من سب عائشه وبعض الصحابه : ” خلافة الخلفاء الراشدين واقع تاريخي قائم ، والخلفاء الراشدون من الصحابه الكرام ولهم إنجازاتهم ، والإمام علي ذاته بايعهم وأرسل أولاده – يعني الحسن والحسين بالطبع ـ في القتال في جيوش المسلمين . لكن – يستطرد الشيخ الوائلي- هل معنى ذالك ان علياً يرى ان غيره أحق منه بالخلافه . لا .نحن ، وإن كنا نرى ان علياً أولى بالخلافه، لكن ليس معنى ذالك إننا لانقدر الخلفاء الراشدين ، بل على العكس من ذالك نحن نحترمهم ونقدر لهم إنجازاتهم .موقفنا من أم المؤمنين عائشه. عائشه زوجة الرسول وعرضه ، جديره بالاحترام والتقدير . ينبغي أن تُصان كرامتها وسمعتها . خروجها على علي لانتفق معه . فعلت مالاينبغي عليها . فعلت المحرم . ”    ثم يستطرد الشيخ الوائلي بالقول من ان علياً وبعد هزيمة عائشه في معركة الجمل ، أفردَ لها داراً وأرسل عشرين خادماً لرعايتها  . هذه هي سماحة الامام علي ، وهذا هو خلقه . وفي لقاء آخر ، موجود أيضا على الانترنيت ، فإن الشيخ الوائلي عند ذكره لأبي بكر وعمر، فإنه ترَّضى عليهما ، أي قال : رضوان الله عليهما. بل وبمبادره خيرّه منه، رحمه الله ،  تم إعتماد تدريس المذاهب الفقهيه لأهل السنّه ، جنباً إلى جنب فقه الامام الصادق ، عليه السلام ، اي الفقه الشيعي ، في. جامعة الكوفه .  وها هو العلاّمه السيد عبد الله الغريفي يعتبر ابا بكر وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفّان من ” الصحابه الكبار ” – التشيّع نشوؤه ، مراحله، مقوّماته – الطبعه الثامنه ٢٠٠٨ ، جامعة الامام الصادق ، ص ٤٦ –
ولمن العافيه وحسن حظ الشيعه الاماميه ، الان ، في هذا العصر القلق وغير المتوازن في حال ، ان يكون مآل مرجعيتهم لدى هذا الشيخ ، الرهباني ، المتكبر على أية منافع دنيويه  ، والذي يشيع وجهه رحب ذالك التفاؤل ، الذي كان سائداً في زمن الامام علي بالذات ، اعني  المرجع الاكبر ، السيد السيستاني  ، والذي اكد مكتبه ، على لسانه ، ان ” كل من يتجاوز على الخليفة عمر بن الخطاب والصحابه وزوجات النبي يُعتبر تصرفاً مخالفاً لآل البيت وما أمروا به شيعتهم ” – مكتب السيستاني في ٧ اكتوبر ٢٠١٦ –    
وإذا كنت ، أيها السيد الحبيب ، تؤمن بالمرجعيه الشيعيه ،المتمثله بإمامة علي إبن أبي طالب ، فها هو علي بالذات ، وهو في أوجه السلطه والمقدوريه عندما تولّى الخلافه لم يأمر المسلمين والرعيه بسب أبي بكر وعمر وعثمان وحفصه وعائشه، وقد كان على ذلك متمكنا وقادرا . والسؤال ، إذن عن مصدر مرجعيتك ، أيها السيد ، أو الشيخ الحبيب ؟ 
لم تقنعني ، أيها السيد الحبيب ، في تفسيرك للآيه الكريمه ، التي إستشهدنا بها أعلاه ، أعني ” اذهبا الى فرعون ، فقولا له قولا لينا لعله يتذكر او يخشى ” لماذا ؟ لأنك تنحو في تفسيرها من منطلق الضيق والانكفاء على الاستشهاد بآية اخرى ، أسقطت إستنتاجاتها عليها . أصارحك القول ، ايها السيد الحبيب ، انك قد تكون متمكناً من هذا الاسلوب في التعليل ، ولكنك تبتعد عن الاساس المؤسس لهذه الآيه الكريمه ، والذي يكمن في الرغبه الآلهيه في إستمالة فرعون إلى جادة الحق ، بالاسلوب السلمي ، اللاعنفي ، الإقناعي . هذه رغبة الرب الاعلى في إقناع عباده ، وإلا فأن القدير القادر ، كما نؤمن ، بقادر في لمحة بصر، أو أقل ، أن يحيل فرعون إلى رماد في بئس المصير . أنا ، أيها السيد الحبيب أحيلك إلى تفسير الشيخ محمد متولي الشعراوي ، رحمه الله ، في تفسير الآية ذاتها ، وهي متيسرّه على الانترنيت ، ستجد تلك الرحابه والسعّه في الافق الآلهي ، اللامتناهي ، بعيداً عن الغلاظه والعُتّمْ . ولا أعرف لهذه اللحظه من أين أتيت والمحيطين بك بهذا الاسلوب الغريب عن فقه التشّيع . ألذي اعرفه عن هذا الفقه ،انه لسماحته وإنسانيته فإنه يضيف لما ورد في القرأن الكريم من شروط الدخول إلى النار وهي ، كما معروف : الكفر بالله أولاً ، وعقوق الوالدين ثانياً، يضيف ، أقول ، وأذى الناس !  إي نعم أذى الناس . ألا تعمد ، ايها السيد الحبيب ، يوميا وفي تناسق لايكل على إلحاق الاذى بشريحه واسعه من الناس، هم اخواننا وجيراننا وابناء عمومتنا وابناء وطننا ، وانت تكيل اللعنه والسباب لرموزهم الدينيه ، واللذين ، أنت وأنا ربما نتعارض مع تأويلاتهم وافعالهم، ولكنهم ، على اي حال لهم ” مكانتهم التاريخيه، ولهم إنجازاتهم ” بالتعبير المار الذكر للعلامّه الراحل الشيخ الوائلي .  التشيّع ، في دراسته له ، رُّقي في المذهب ، لايستحق وغير مُجاز لأحد، كائن من كان ، ان يثلبه أحد أركانه ، وهو لغة التسامح .  
ياأخي ، الدين يُسر وليس عُسر ، وأتذكر إنني عندما زرت وطني ، بعد أربعين عاماً من البُعاد ، ولا أسميها الغربه ، انني رغبت ان اصلي ركعتين في جامع محلة ” ابو الحسن ” في البصره القديمه ، تلك المحلّه التي نشأت وترعررت فيها. هكذا فعلت ، ولكني تلقيت ملاحظه من زوج شقيقتي في انني ركعت ثلاثاً ، وليس إثنتان كما يقتضي . وبهذا ، حسب تأويله، فإن صلاتي غير مقبوله . إي نعم ! هكذا تأسفت على جهدٍ مخلص ضاع ، بدون أية نتيجه ومُرضاة من الخالق . أجبته ، أليس مُرَّحَباً ألى الله ، سبحانه وتعالى ، أن أصلي ركعه إضافيه ” مجّانيه ” . ماالضير في ذالك ؟ وفي السياق ذاته ، تجد في كراس آخر ، إن من يبتدأ بالوضوء للصلاة باليد اليمنى ، فإن صلاته أيضاً سوف لن تتجاوز أبداً بوابة ” الفلتر ” نحو إمتحانات القبول والاستقبال إلى الجنّه ، تلك الكينونه ،التي يطمح أليها كل منا .   الله ، ماهذا الذي يجري ؟ ياأخي ، أنتم مصرون على تحويل الدين الى سلعه ، تشترى وتباع حسب قانون العرض والطلب ، مع فارق منهجي يكمن في أنكم ، وحدكم ، من يتحكم في الانتاج وفي تحديد الثمن !  قاضي ومتهم في شخص واحد . هكذا هو الامر في فتاويكم واستنتاجاتكم وتاويلاتكم في قراءة التاريخ ، وبالتحديد في قراءة تاريخ الدوله الاسلاميه منذ نشوئها . قد تتفق معي ام لا ، ولَك الحق في ذالك ، ان هذا التاريخ والاحداث التي رافقته ، كانت من أشد العناوين حلكة واسودادا وتشددا في تاريخ الدين الاسلامي . بل هي ، اي تلك المرتبطه على الصراع على السلطه وطلب الخلافه ، أنما هي بالذات ، وليس اي شئ اخر ، مصدر ويلات المسلمين ، بعد وفاة النبي محمد (ص) والى الان ، وستبقى الى مجهول قادم الايام ، ان لم يتصدى لها عقلاء هذه الامه ، التي اسبغ عليها الله تعالى من انها  ” خير أمة اخرجت للناس ” ، وما هي ، في واقع الحال والاحوال ، لاهذا ولا ذاك .قد أتوقع منك ، أيها السيد الحبيب ، ان تطرح منهاجا ومنظومة حلول لازمات الوطن العربي ، أزمة الانسان العربي الذي يساوره الشك في انتمائه، بسبب ضحالة العيش وفقدان الأمان والطمأنينه ، على مستقبله ومستقبل أولاده ، ذوي الدم العروبي ، والذي بدل ان يستقبل صباحه بتنهيده وقلق وتكشيره، ان يقول يالله ، شكرًا لك يارب لانك منحتني يوما اخر في الحياة وانا كما على لسان الغاده الشقراء من الشعوب الفَرِحه ، التي تبتدأ يومها وتنهيه بتنهيده حبور وغامر فرح يملأ الكون ويسعده .   قد توافقني ، ام لا ، ايها السيد الحبيب ، ولكني اضع امام عقلك وتفكرك الحقيقه التاريخيه التاليه ، وهي ان فترة الخلافه الراشديه ( ولا اعرف لحد الآونه لماذا هذه الصفه الراشديه ، وماذا تعني من مضمون ؟ ) ، بالضد مما تم تلقيننا إياه ونحن يوافع بعد، في انها كانت الاعلى والأرقى ، وإنها كانت إستمراراً لسلطة النبي محمد(ص) ، إلاّ أنني اجد وهذه الحقائق أمامي ، إنهّا كانت من ضمن أشد الحلقات التاريخيه في الاسلام قلقا وإرتباكاً، بل ، وأستزيغ لنفسي القول ، أنها كانت المدخل ، الذاتي والموضوعي في آن ، لفرقة المسلمبن فيما بعد ، بل ولحد الآونه .ألا يكفي توكيد حقيقة ان ثلاثه خلفاء ” راشدين ” من مجموع أربعه – ٧٥٪ بالمائه – قُتِلوا غيلةً .ذات النهج ساد في العهد الاموي ، فالعباسي ، إلي حين إنحسار الخلافه الاسلاميه فيما بعد ، لسوء الحظ ، أم ، ربما  لحسنه !     لااعتقد ان احدا يساوره الشك في ان اشكالية الخلاف بين الشيعه والسنه ، إنما تكمن في من له الحق في الخلافه ، اي السلطه ، بعد وفاة النبي محمد (ص). تلك هي العقده العقداء ، التي يعاني منها المسلمون منذ أربعة عشر قرن ونيف وسوف تبرح ذلك الى يوم الدين . هذا يعني ، بحكم علم الاستنتاج ، ان هذه الخلافه ، قل السلطه ، لو كانت قد آلت الى علي ، بعد وفاة النبي ، لما كان هناك سنة ولا شيعه ، ولكما غدونا كلنا مسلمين في مسطره واحده ، فآذاننا وصلاتنا واحده ، ولا تلعين على هذا وذاك ، وبالتاكيد ، استطرادا ، فسوف لن يكون ثمة مبرر لان تظهر على الوجود قناة تلفزيونيه كقناة ” فدك ” 
تلك ، بالطبع اضغاث احلام ، لاتستوي ، ولو بشيء زهيد ، مع هذا التاريخ الماساوي ،المُقرِف ، لما نسميه التاريخ الاسلامي . واعود ، بكلمة لطف ونصيحه ، الى السيد الحبيب : الا يمكن ، ياترى ، اعتماد منهجية اخرى لإثبات الأحقيه التاريخيه للامام علي بن ابي طالب في تولي الخلافه ، بعد وفاة النبي ، دون اعتماد اُسلوب السب والشتم وإعلان البراءه . اعني منهجية الاقناع واللجوء الى العقل . فمنهجية العقل ، كما نعرف ، تعلو على منهجية الإيمان الفطري ، وليس العكس .
ولي كلمه اخيره ، اختم بها ماأردت ، تتعلق بفكرة إقامة الدوله الآمنه ،التي يدعو لها السيد الحبيب . لاأحد ، كما أظن ، يعترض على هذه الفكره . فمن لايريد ان يعيش وعائلته في مجتمع آمِن . بيد ان مصطلح ” الدوله الامنه ” مكنون جزئئ ليس بمقدوره ان يستوعب الاطار الكلي ، المتجسد في إقامة الدوله الدستوريه . الامن ، ليس وحسب الا عنصرا من مكونات الدوله . ولكنه ليس العنصر الوحيد . ثمة العناصر الاخرى المتمثله في وضع دستور عادل ، متوافق عليه من قبل الشعب ، وإقامة السلطه السياسيه ، التي يكون على راس مهامها ضمان العيش الكريم لمواطنيها وايضاً القدره على حماية الحدود الجغرافيه للدوله . وبالمعيه يأتي عنصر الامن ، الذي يركز عليه السيد الحبيب في مداخلاته ، ولا ضير في ذلك . بيد ان ذلك يوقعه في مأزق ، لاأعرف هل انتبه اليه ام لا ؟ اعني مايلي ، وكلماتي هذه موجهه الى السيد الحبيب قبل اي احد اخر : عنصر الامن ، يفترض ، بداهة ايضا ان يأمِن مواطن الدوله ليس فقط في عيشه وعائلته ، بل وايضاً في مايُؤمن به من دين ومذهب . كيف ، ايها السيد الحبيب وانت في قمة هذه الدوله الامنه الموعودة ،التي تدعو إلى إقامتها ،  وانت صباحا ومساء، وما بينهما ، تلعن الرموز الدينيه لأهل السنه والجماعه ، وهم ، كما نعرف ، ربما اقليه في هذا البلد اوذاك ، ولكنهم الأكثريه في محيط العالم الاسلامي . ماالذي سيجنيه الشيعه ، والمذهب الشيعي عموما من هذا الاستعداء ؟وكلمه منتهاها ، أردت قياسها على ماجهدت من جهد ، باحثا في هذا الامر فتوصلت ، ان الشيعه ، كما السنه ، اخوان لبعض ، واستدلالا ، ليسوا بحاجه الى مايفرقهم ، بل الى مايجمعهم .  

أحدث المقالات